أمر الدفاع رقم (6).. مبرر التوحش الطبقي!
جو 24 :
تامر خرمه_ رغم عودة الحياة إلى طبيعتها، واستئناف العمل بمختلف المؤسسات والمنشآت، في القطاعين العام والخاص، لاتزال شريحة واسعة من العاملين تعاني استغلال بعض أصحاب رؤوس الأموال وجلاوزة "البزنس"، الذين يستمرون في استثمار الجائحة، لمصادرة حقوق الموظفين، واقتطاع حصة دسمة من رواتبهم، دون وجه حق.. مستندين في ذلك إلى أمر الدفاع رقم (6).
وفقا لأمر الدفاع رقم (6) لسنة 2020، الصادر بموجب قانون الدفاع رقم (13) لسنة 1992، فإنه يحق "لمؤسسات ومنشآت القطاع الخاص، وأية جهة أخرى خاضعة، ممارسة أعمالها "عن بعد"، بشكل كلي أو جزئي... ويحق لصاحب العمل، في المؤسسات والمنشآت المصرح لها بالعمل بصورة جزئية التقدم بطلب لوزير العمل، للسماح بدفع ما لا يقل عن 50٪ من قيمة الأجر المعتاد".
اليوم، وبعد عودة العمل في كافة القطاعات إلى صورته الاعتيادية، لم يعد هنالك أي مبرر لاقتطاع نصف رواتب العاملين، أو أي جزء منها.. فما هي موجبات استمرار العمل بهذا القرار، في ظل انتهاء الحاجة إلى إغلاق المؤسسات كليا، أو حتى جزئيا، وممارسة العمل "عن بعد"؟
الغريب أن بعض الشركات تستمر في اقتطاع رواتب الموظفين حتى اليوم. رغم أن أمر الدفاع نفسه، الذي أتاح هذا الأمر لأصحاب الشركات، ينص أيضا على أن العاملين عن بعد بشكل كلي، يستحقون كامل رواتبهم.. فكيف وهم يمارسون أعمالهم كليا في أماكن ومواقع العمل؟!
المعضلة الأبرز في أمر الدفاع رقم (6)، والتي يستغلها أصحاب تلك الشركات، تتمثل بالنص التالي:
"يستحق العاملون الذين يؤدون أعمالهم في مكان العمل أجورهم كاملة، على أنه يجوز الاتفاق بإرادة العامل الحرة على تخفيض أجره، على أن لا يتجاوز مقدار التخفيض 30٪".
بداية، نعلم جميعا أن مسألة "إرادة العامل الحرة" هي محض وهم.. لا يوجد عامل قادر على الاستغناء عن ثلث راتبه دون مبرر.. كما أن هنالك ألف وسيلة ووسيلة لإرغام العامل على الصمت والقبول بما يقسمه رب العمل، بدليل استمرار هذه الخصومات، حتى بعد انتهاء الإغلاق والحظر.
العامل يمارس عمله بشكل كامل، وفي موقع العمل.. ورغم هذا يستمر استغلال أمر الدفاع رقم (6) لخصم يبتلع نحو ثلث راتبه، دون وجه حق. هذا القرار أعطى مبررا لأصحاب العمل لممارسة الجشع بأبشع صوره، ومن غير المعقول استمرار العمل به أكثر من ذلك.
الطبقة الوسطى باتت على شفا الانهيار والانزلاق إلى بؤس الفقر والحرمان.. وجلاوزة "البزنس" لا يتورعون عن الاستمرار في مصادرة حقوق الطبقة العاملة، باسم قانون الدفاع، وما تضمنه من قرارات لم يعد لوجودها أي مبرر، بل باتت عائقا أمام تحقيق أبسط شروط العدالة الإجتماعية، وذريعة لممارسة التغول الطبقي.