مّسْخَرَةُ الضَّمِّ ملهاة وسراب إضاءة على المشهد في فلسطين المحتلة
د.سمير محمد ايوب
جو 24 :
المسألة في فلسطين ومعها ليست رمادية . ولن تكون جزئية أو انتقائية . الصراع مع العدو وجودي شمولي جمعي . لا يجوز فيه ومعه إلا الإصرار على أن نكون أو نكون ( مش لا نكون ).
الاحتلال ليس قدَراً شائناً وإن كان مصيبةً . شريطة الإيمان المطلق ، أنّ الأنبل والأصوب والأفعل لوضع حدٍّ له ، هو إشهار كل أسلحة القوة بالتلازم في وجهه . وبالتوازي ، مقاومة مصائب المتواطئين من كلاب الصيد العربية ، ومصاعب اتباع الوهم والضلال والفتات ، من أشباه الرجال والمجاميع والجماعات المتخاذلة والصامتة .
يُقال أنّ مسرحية الضم التي يروج لها ، هي كتوأم لمسرحية غصن الزيتون ، ومصيبة سلام الشجعان ، ترتكب كل دقيقة موبقة في فلسطين ، عبر متصهينين من اوسلويين ( لأن بعض الأوسلويين لم تكتمل صهينتهم بعد ، فهم ما زالوا في مرحلة الوهم الأبله ) .
بالطبع وبالتأكيد ، فلسطين تعج بأصحاب البسطات والالقاب والمناصب والمكاسب . في دهاليز المصالح الصغرى ( اسرية او عشائرية ، تنظيمية او مصلحية ) ، ممن لا يقلون أوسلوية عن أرامل وأيتام ولقطاء وصغار عبيد أوسلو ، سيئة الصيت والسمعة والمصير . أما المُقعدون على مساطب المسرح الرسمي في وطن الجبارين ، فهم بلا شكّ ، أكثرهم تراجيدية .
لم تغفل لعنة غصن الزيتون وسلام الشجعان ، ولن تغفل ملهاة الضم ( وكأن هناك شيئا لم يضم حتى الان ) ، أيّ مفصل في الصراع مع العدو إلّا ولوثته . بدءا من طُهر النوايا ، وأوّل الرصاص والحجارة ، المتوضئ بشلالات من دم أطهر الشهداء ، ووجع الجرحى ، وإرادة الأسرى الفولاذية ، وصبر ملايين الجبارين ، ممن هم تحت الاحتلال ، ومواجع الشوق في المنافي القريبة والبعيدة .
تلفتوا حولكم وفي كل اتجاه ، لترطم ابصاركم واسماعكم وقلوبكم وعقولكم ، ببنادق مؤجرة لحماية العدو وأمنه . إنكشاريون يلوثون الوجدان الوطني ، ويحاولون تجفيف منابع العنفوان فيه . يجهضون بشكل مبرمج عزم الشباب واراداتهم . تمجيد لقديم الاصنام وجديدها . مزارع وتكايا واقطاعيات اسرية ، تلد كل يوم أكلة الجبنة ، من ابناءٍ وأحفادٍ وأقرباء وأنسباء وأبناء حارات . حرائر تُغتصب . بطونٌ تُجوّع لسلب إرادتها أوإلهائها أو تدجينها . تزاحم حول بؤر النهب والسلب واللّهط والشفط والعَرْط .
وبسوء نية او بصيرة او عن جهل ، يأتيكم من يعيب على الموجوعين إن إرتفع لهم صوت أو صرخوا . الله يرحمك يا مظفرالنواب . قُلْ لهم للمرة المليون : أولاد القحبة ، ألا تصرخُ مُغتَصَبَة ؟!!!!
أيها المتخمون بفضل مناصبكم ومكاسبكم ، لا يعيبَنَّ أحدٌ منكم ، على أيٍّ من الجبارين في فلسطين أوخارجها ، إنْ تأفَّفَ أو تشكَّكَ أو شتم . فالمشاهد التراجيدية متواترة ، ترهيب وتجويع وترويع ، تكاد أن لا تفصل بين مآسيها بُرهة استراحة ، منذ انطلاق العرض الأوسلوي ، المتصل منذ أكثرمن ربع قرن . أخشى ما نخشاه ، أن لا يغادر المسرح ، إلا كما توقعت هاملت الشكسبيري ، بمصرع كل الحواة ، اخيارهم واشرارهم .
فهم أناس فضّلوا حماية مصالحهم على حماية ناسهم . يحتمون في ظلال عدو ما زال يتعاطف معهم . متغافلين عن حقائق الحياة التي تؤكد : أنّ " الثوب المستعار " ، لا يغطي عورة ، ولا يمنح دفئا او أمانا . لن يستطيع أحد أن يحشو قلوبكم بشي من العز ، مادمتم ترغبون بذل الاحتلال .
ولاننا موقنون ، ان كل ما يدور فيكم أو من حولكم أو يُعدُّ لكم ، لا يتحكم فيه أحد غير طمع شهواتكم ، وفساد هوانكم على انفسكم ، قبل اعدائكم ، لن نبكيكم ، وبالطبع لن نقبل بكم عزاءً ، إن كنتم لا تعلمون .
الاردن – 9/7/2020