الاعتداء على الأطبّاء.. ثلاثة محاور لاجتثاث هذه الظاهرة
جو 24 :
محرّر الشؤون المحليّة_ الاعتداء على الأطبّاء.. هذه الظاهرة القديمة المتجدّدة، باتت تشكّل مصدر قلق أساسيّ لكثير من العاملين في الصفوف الأولى، لحماية أمن المجتمع الصحّي، والدفاع حرفيّا عن حياة الناس وأورواحهم، خاصّة بعد تجدّد هذه الاعتداءات المشينة على أطبّاء مستشفيات البشير في الآونة الأخيرة.
قد يكون من الممكن فهم حالة القلق والترقّب التي تلقي بظلالها على أهالي المرضى ومرافقيهم، غير أن هذا لا يبرّر على الإطلاق، التذرّع بهذه المشاعر، لفرض سلوك عنيف أقلّ ما يمكن وصفه به أنّه همجيّ، لا يليق بأيّ مجتمع يدّعي التحضّر والرقيّ.
هذه الاعتداءات تنبغي مواجهتها بعقوبات رادعة، تلجم كلّ من يحاول الانزلاق بمجتمعنا إلى مثل هذه السلوكيّات المعيبة المخجلة. المستشفيات ليست ساحات مصارعة، ولا ميادين مستباحة لفرض العضلات بهذه الطريقة غير الآدميّة.
ولكن كما يقال، درهم وقاية خير من ألف علاج.. لذا ينبغي اتّخاذ إجراءات استباقيّة تمنع حدوث مثل هذه الاعتداءات أساسا. في مقدّمة الإجراءات المطلوبة، هو تكثيف التواجد الأمني، لمنع دخول أيّ مرافق إلى غرف العناية أو أقسام الطوارئ، دون إذن الطبيب.
طبيب الطوارئ أو العناية الحثيثة يحارب الوقت لإنقاذ روح مريضه، ولا مجال إطلاقا لإجراء أيّة حوارات أو أحاديث جانبيّة خلال عمله، أو محاولة تهدئة المرافقين وامتصاص قلقهم واندفاعهم. يجب اتّخاذ أكثر الإجراءات صرامة للإبقاء على كلّ مرافق في مكان الانتظار المخصّص، ومنع الاحتكاك المباشر مع الطبيب خلال محاولاته المستميتة لإنقاذ الأرواح.
مسألة أخرى تنبغي معالجتها فيما يتعلّق بتجهيز المستشفيات. الأردن الذي نجح في مواجهة جائحة الكورونا، وحقّق إنجازا مبهرا على المستوى العالمي، وينافس كبرى الدول في صناعاته الدوائيّة، لا يمكن أن يكون عاجزا عن الارتقاء بواقع المستشفيات، وتجهيزها بكلّ ما يلزم، لمساعدة الأطبّاء على أداء مهامّهم على النحو الأمثل.
تجهيز المستشفيات يبدأ، قبل أيّ شيء آخر يتّصل بالمعدّات الطبيّة، بتوفير عدد كافي من الأسرّة.. فمن غير المعقول رفض إدخال حالة طارئة على شفا الموت، بحجّة عدم توفّر سرير.. هنا على وزارة الصحّة الارتقاء بأدائها إلى المستوى الأقرب للكمال، فمهمّة هذه الوزارة -التي بذلت جهودا لافتة خلال الجائحة- لا تقتصر على مواجهة الكورونا.
أمّا البعد الثالث لهذه الظاهرة، فيتعلّق بالبروتوكولات التي يتّبعها الأطبّاء في تعاملهم مع المرضى والمرافقين. بعيدا عن التفاصيل المهنيّة أو التقنيّة، هنالك بعد اجتماعي تجب مراعاته، عبر بروتوكولات تفرضها نقابة الأطباء، للارتقاء بأسلوب وشكل التعامل والتواصل الاجتماعي، إلى الدرجة المطلوبة، بعيدا عن أيّ مظهر من مظاهر العجرفة، أو الامبالاة.