jo24_banner
jo24_banner

انتخابات الأردن النيابية والظرف الاستثنائي

د.حسين البناء
جو 24 :
 
أُعلن رسميًا موعد إجراء الانتخابات النيابية في 10نوفمبر2020 ليحسم جدلًا وترقبًا واسعًا حول ذلك الأمر، ويبدو أن الحكومة و البرلمان باقيان حتى بدء المجلس النيابي القادم مدته الدستورية.

تركيبة مجلس النواب القادم ستكون ذات أهمية بالغة بمقدار أهمية التشريعات و المستجدات المعروضة عليه، و بمقدار التحدي الذي ستواجهه الدولة في بعض أهم الملفات المصيرية، في ضوء ذلك جاء القانون ساري المفعول لانتخاب مجلس النواب والذي يبدو أنه تم تفصيله خصيصًا للمرحلة ومستحقاتها، لينتج تشكيلة نيابية مفرغة من الحضور الحزبي و النقابي و الأيدلوجي، و ليقدّم الزعامات التقليدية و الوجاهات الضيقة و رجال الأعمال الذين يتماهون مع إرادات السلطة التنفيذية عوضًا عن تمثيلهم لمصالح و رغبات جمهور الناخبين.

جاء قرار عقد الانتخابات في ظروف غاية في التعقيد، و في ظل جملة أحداث غير مسبوقة سوف تلقي بظلها على العملية الانتخابية، كالآتي:

1-كورونا: تُسجّل يوميًا بضع حالات غير محلية من الإصابة بالفايروس، و ما زال الوباء يفتك بالناس حول العالم، و في ظل إجراءات تباعد اجتماعي و منع تجمهر فإن إقدام الناس على الذهاب للاقتراع هو أمرٌ موضع تساؤل.

2- نقابة المعلمين: مؤخرًا تم تعطيل النقابة و اعتقال نائب النقيب و مجلس النقابة وعدد من الناشطين من المعلمين، هؤلاء و أهلهم و مؤازريهم ذاهبون لدعوات التظاهر و الاحتجاج، و سيكونون جزءًا من أجواء التوتر و المقاطعة.

3- حل جماعة الإخوان المسلمين: أكدت محكمة التمييز القرار بحل و نقل أصول الجماعة للجمعية الجديدة، وبذلك يكون من الحتمي إجراء إعادة هيكلة الجماعة و ممتلكاتها. هنالك لغط عميق حول هذا الأمر و ربطه بجملة تداعيات إقليمية معروفة.

4- المقاطعة: بلغت نسبة المقاطعة في الانتخابات السابقة 65% ومن المتوقع تنامي هذه النسبة تحت وطأة حالة التوتر و عدم الرضى على إثر أحداث نقابة المعلمين و تبعات إدارة أزمة كورونا و ملف مكافحة الفساد الذي يشوبه الكثير.

5- قانون الدفاع: مازال القانون فاعلًا بأوامره، و مازالت الحكومة في ظله قادرة على التحكم بكامل تفاصيل الحياة حتى بما يخالف القوانين الأخرى. أمر الدفاع الخاص بمنع التجمهر و فرض ارتداء الأقنعة سيؤثر مباشرةً على عملية الاقتراع و الخروج من هذا التضاد ليس بالأمر السهل.

6- قانون الانتخاب: القانون الحالي أعاد إنتاج قوانين الصوت الواحد الجدلية، فعملانيًا مازالت الكتلة تمثل مرشحًا وحيدًا وباقي الأعضاء مجرد استكمال شكلي لمتطلبات القانون، بما صار يعرف بالحشوة. الأهم أن التطبيق العملي للقانون أفرز وجاهات محلية و رجال أعمال، و أقصى الحزبيين و المؤدلجين و رجال الثقافة.

7- المصاعب الاقتصادية: يمر البلد بمصاعب اقتصادية عميقة على إثر تبعات الجائحة و تنامي الدين العام و عجز الموازنة و تباطؤ النمو، كل ذلك سيفاقم من ظاهرة المال الأسود و شراء الأصوات تحت ضغط متطلبات العيش لشريحة مدقعة الفقر تتنامي باضطراد.

8- إسرائيل: بفضل الدعم الأمريكي الاستثنائي فإن ما تم من قرار نقل السفارة الأمريكية للقدس و نية ضم الغور الغربي و اعتبار الجولان إسرائيلية و معاملة منتجات المستوطنات كباقي الصناعات الإسرائيلية و تسويق صفقة القرن ... كل ذلك جعل البوصلة تتجه لعرض طروحات حل الدولة الواحدة كبديل عن حل الدولتين الذي صار مستحيلًا.
الأردن معنيٌ أكثر من غيرة بما يحدث؛ فهو الحاضن الأكبر للاجئين و له حق الوصاية على المقدسات و مازالت الضفة الغربية جزءًا منه برغم قرار فك الارتباط.
هذه التعقيدات ينبغي أن يكون للشعب فيها من كلمة، وليس هنالك من يعبّر عنها كمجلس النواب القادم.

الآباء المؤسسون للدولة الأردنية أرادوها وبالتوافق مع أهل الحكم وكما ينص دستورنا "نيابية، ملكية، وراثية ..." فعلى مرشحي مجلس النواب أن يعوا ثِقَل العبء الدستوري المناط بهم، و على جمهور الناخبين أن يعوا خطورة اختياراتهم و حساسية الموقف الرسمي و تعقيداته.
 
تابعو الأردن 24 على google news