لماذا تتزايد المخاوف حول العالم من الحصول على لقاح فيروس كورونا؟
جو 24 :
تختلف الآراء حول لقاحات فيروس كورونا المستجد التي لاتزال قيد التجارب، إذ يعتقد البعض أنه ما زال من المبكر تطوير اللقاحات بدون دراسات كافية على المدى الطويل لما ستكون عليه تداعيات اللقاح.
وقالت سوزان بيلي، البالغة من العمر 57 عامًا، وتعمل ممرضة بولاية فلوريدا، إنها لن تأخذ لقاح "كوفيد-19" إذا توفر الآن، مشيرة إلى أن الإجماع حول لقاح معين بين كبار العلماء في العالم، بعد 6 أشهر على الأقل من التجارب سيكون مجرد "بداية" في إقناعها أخذ اللقاح.
ويتردد صدى مخاوف بيلي من قبل نسبة كبيرة من البالغين في جميع أنحاء العالم، حيث يرفضون وجهات النظر المتطرفة لمجتمع مكافحة اللقاحات، لكنهم رغم ذلك يعبرون عن مخاوف كبيرة بشأن ضربة فيروس كورونا.
نيل جونسون، الفيزيائي في جامعة جورج واشنطن الذي يتابع الآراء التي تشكك في اللقاحات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال لـCNN، إن الاعتراضات الأربعة الأكثر شيوعاً تتعلق بالأمان، وما إذا كان هناك حاجة للقاح، وما إذا كانت المؤسسات وشركات الأدوية محل ثقة، بالإضافة إلى عدم اليقين الملحوظ في الدراسات العلمية.
شكوك حول لقاح كورونا
ويرى العلماء أن اللقاحات تعد "أكثر أدواتنا فعالية في مكافحة الأمراض المعدية، إذ تمنع وقوع 6 ملايين حالة وفاة كل عام". وأثبتت العديد من الدراسات أنها آمنة.
وقال الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير علماء الأوبئة في الولايات المتحدة، إن تلقي لقاح فيروس كورونا على نطاق واسع يمكن أن ينهي الجائحة، ووجدت دراسة في مجلة "لانسيت" الطبية أن هذا هو السبيل الوحيد لإنهاء عمليات الإغلاق بشكل كامل.
ومع ذلك، فإن استطلاعاً عبر الإنترنت أجراه مركز Associated Press / NORC للشؤون العامة، في مايو/ أيار ماضي أشار إلى أن نصف الأمريكيين سيترددون في أخذ اللقاح أو رفضه، ووجدت دراسة أجرتها كلية كينغز لندن الأسبوع الماضي، نتائج مماثلة في المملكة المتحدة.
وعلى الجانب الأخر، أظهر استطلاع أجرته CNN في مايو/ أيار الماضي، أن ثلثي الأمريكيين سيحاولون شخصياً الحصول على لقاح إذا كان متاحاً على نطاق واسع وبتكلفة منخفضة.
وأظهرت النتائج الأولية لاستطلاع شمل 19 دولة أجرته مجموعة حملات "Convince"، أن حوالي 70% من المشاركين البريطانيين والأمريكيين سيتلقون اللقاح.
ومع ذلك، يعد الهدف النهائي للقاحات هو تطوير مناعة للقطيع، والتي تعني أن عدداً كافياً من السكان سيكونون محصنين مما يجعل انتشار العدوى أمراً نادراً.
وقال فاوتشي في يونيو/حزيران الماضي إن اللقاح يمكن أن يكون فعالاً بنسبة 70% إلى 75%، ولكن في حال تطعيم ثلثي السكان فقط، فمن غير المرجح أن تتحقق مناعة القطيع.
ووجدت دراسة نشرتها جامعة هامبورغ في يونيو/ حزيران الماضي 2020، أن نسبة 71 إلى 74% من الأشخاص في أوروبا والولايات المتحدة يحتاجون إلى الحصول على اللقاح لتحقيق مناعة القطيع، مع ملاحظة أن "مستويات الاستعداد الحالية في كل من فرنسا وألمانيا وهولندا، على وجه الخصوص، قد يكون غير كاف للوصول إلى هذا الحد".
وقال جونسون، إن هذه تعد "قضية ضخمة"، وربما أكبر مما تشير إليه استطلاعات الرأي، مشيراً أن ما يجب طرحه هو سؤال هل ستحصل على لقاح "كوفيد-19"، هل ستكون أول من سيحصل عليه؟
وأوضح جونسون "أنه قلق للغاية"، إذ لا يعتقد أن الصحة العامة واجهت هذا التحدي من قبل، حيث لم تكن هناك وسائل التواصل الاجتماعي، وغيرها من التأثيرات عبر الإنترنت.
وفي حين أن التشكك في اللقاحات كان تاريخياً مشكلة في أوروبا والولايات المتحدة، إلا أن هناك مؤشرات حول لقاح (كوفيد-19) في الوقت الحالي.
في البرازيل، حيث تجري شركات بريطانية وصينية وأمريكية تجارب للقاحات محتملة، انتقدت مجموعة صغيرة من المعارضين عبر وسائل التواصل الاجتماعي "لقاح الصين". وذكرت وكالة رويترز أن احتجاجات خرجت أيضاً ضد تجارب اللقاح في جنوب أفريقيا.
وفي هذا الإطار، أكد جونسون لـCNN، أنه في أفريقيا، تنتشر معلومات مضللة حول استخدام البرنامج كغطاء لمنع الإنجاب بين قطاعات واسعة من السكان، موضحاً أن "الخوف من ذلك كبير بالفعل في الدول النامية".
مواجهة الاعتراضات
وجدت العديد من استطلاعات الرأي، بما في ذلك استطلاع أجرته رويترز / IPSOS في مايو/ أيار، أن سرعة التطوير كانت أكبر مصدر قلق للقاح فيروس كورونا، إذ عادة ما يستغرق تطوير معظم اللقاحات 10 إلى 15 عاماً.
جيريمي وارد، الذي نشر دراسة حول التردد في أخذ اللقاح مع اتحاد الأبحاث الفرنسي "كوكونيل" بمجلة "لانسيت" الطبية في مايو/ أيار الماضي، قال لـCNN، إنه من الواضح أن هناك سبباً يدعو للقلق، في إشارة إلى التركيز على السرعة، بعبارة أخري "التعجيل بإيجاد لقاح جديد".
وأوضح وارد، أن العامل الرئيسي في اعتقاده، هو الثقة في المؤسسات، مشيراً إلى أن مناقشات فيروس كورونا في فرنسا "أصبحت مسيسة للغاية".
وسجلت روسيا الأسبوع الماضي لقاحها "Sputnik V"، قبل أن تبدأ تجربة المرحلة الثالثة، حيث يتم اختبار اللقاح على آلاف الأشخاص. كما تخطت الصين المرحلة الثالثة، حيث وافقت على لقاح تجريبي للاستخدام العسكري في يونيو/ حزيران الماضي.
وتشير أبحاث مجموعة "Convince"، إلى أن روسيا يمكن أن يكون لديها رافضين لأخذ اللقاح، أكثر من أي دولة أخرى في العالم.
وأكدت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية هذا الأسبوع، أنها لن تختصر الطريق في تطوير اللقاح، بينما قال وزير الصحة الفرنسي، إن بلاده لن توافق على لقاح لم يجتز المرحلة الثالثة من التجارب.
وذكرت حكومة المملكة المتحدة لـCNN، أن تجاربها، تتبع مساراً محدد بشكل مسبق بمعايير عالية، مشيرة إلى أن السرعة كانت نتيجة زيادة الاستثمار والدعم.
وفيما يتعلق ببعض اللقاحات، فقد تم تسريع عملية التطوير من خلال الجمع بين المراحل.
وغالباً ما ينبع انعدام الثقة من المعلومات المضللة التي ينشرها مناهضو أخذ اللقاحات، وفقاً لوزارة الخارجية الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
من جانبه، قال الدكتور مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ الصحية بمنظمة الصحة العالمية، الخميس، إنه "يجب السماح للناس بإجراء محادثات حول اللقاحات"، مشيراً إلى أن "الأمر ليس طريقاً باتجاه واحد، أو فرض اللقاح على الناس، بل يتعلق بإجراء مناقشة مناسبة من أجل أن يتخذوا قراراتهم بأنفسهم".
ويقول الخبراء إن هناك حاجة إلى استراتيجية لتحديد موعد إنتاج اللقاح، بحيث تحدد تلك الاستراتيجية، من سيتلقى اللقاح أولاً، وكيف وأين سيتم توزيعه، والخيارات المختلفة الممكنة، وكيفية معالجة المخاوف حول تلقي اللقاح.