أم الفضائح
جهاد الخازن
جو 24 : بعد أم المعارك في العراق ونتيجتها المعروفة، هناك أم الفضائح أو فضيحة الفضائح اثر اكتشاف تجسس أجهزة الاستخبارات الأميركية على المواطنين الأميركيين ودول حليفة أو صديقة حول العالم.
كل يوم هناك معلومة جديدة، والتجسس هذا ينتهك الدستور الأميركي والقوانين المحلية للولايات، فقانون المواطنة الذي صدر في تشرين الأول (أكتوبر) بعد إرهاب 11/9/2001 ينص في الجزء 215 منه على أن مكتب التحقيق الفيديرالي (أف بي آي) يستطيع أن يطلب معلومات من أفراد أو شركات بعد الحصول على أمر قضائي لمتابعة تحقيق جارٍ.
إدارتا جورج بوش الابن وباراك أوباما تجاوزتا الدستور والمحاكم للحصول مباشرة من شركات الهاتف والإنترنت على بلايين المكالمات الهاتفية والاتصالات الإلكترونية وخزنها وتحليلها. بل إن المعلومات التي كشفها ادوارد سنودن عن برنامج «بريزم» الذي أدارته وكالة الأمن القومي وعمل فيه تُظهِر أن الولايات المتحدة كانت تتجسس على 38 سفارة وبعثة ديبلوماسية أوروبية في واشنطن ونيويورك، بينها دول حليفة وصديقة، مثل فرنسا وإيطاليا واليونان، وأيضاً الهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا. بل أنها تجسست على ألمانيا في داخل ألمانيا وحصلت على بلايين الاتصالات لمواطنين ألمان، ما جعل المستشارة أنغيلا مركل تقول إن «التنصت على أصدقاء غير مقبول ولا يُحتَمَل. نحن لم نعد في الحرب الباردة.» والآن يهدد الاتحاد الأوروبي بوقف التعاون مع الولايات المتحدة في مجال تبادل المعلومات.
هل يريد القارئ مزيداً؟ قرأت أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية تتجسس بدورها على مكالمات المواطنين وعذرها أنها تريد خفض نفقات الرعاية الصحية.
هذا كله يخالف نص الدستور الأميركي والقانون وروحه، ومع ذلك فالرئيس أوباما الذي عمل يوماً أستاذاً جامعياً للدستور اعتبر التجسس على خصوصيات المواطنين أمراً بسيطاً وقال: «لا تستطيع أن تحقق 100 في المئة أمن و100 في المئة حرية شخصية وصفر من المضايقة».
كان هناك مَنْ ردَّ قائلاً إن جمع معلومات عن خصوصيات المواطنين يمَكّن أجهزة الاستخبارات من ابتزازهم، وأعطى أمثلة محددة عن مثليي الجنس الذين يفضلون كتم ميولهم الجنسية، وأيضاً عن ملايين الأميركيين الذين تعاطوا المخدرات يوماً أو لا يزالون يتعاطونها. والواقع أنه بحسب اعترافات آخر ثلاثة رؤساء أميركيين عن تعاطي المخدرات، يصبح بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما غير مؤهلين للترشيح للرئاسة.
الرئيس أوباما تعرض لحملات سياسية هائلة منذ دخوله البيت الأبيض، ويمين الحزب الجمهوري والمحافظون الجدد أنصار إسرائيل عملوا ويعملون لتخريب كل محاولة له لإنهاء الأزمة الاقتصادية الأميركية والعالمية التي أطلقتها حروب بوش الابن، فهم يفضلون أن يستمر خراب الاقتصاد إذا كان هذا يؤدي إلى فشل إدارة أوباما.
هو رد على ما يبدو بقبول بعض مواقفهم وأساليبهم، وأجده مثل الغراب، في خرافة يعسوب، فقد حاول تعلم مشية الحجل فلم يتقنها ونسي مشيته. واليوم يدفع أوباما من رصيده السياسي ثمن الاستمرار في عمليات تجسس غير قانونية بدأتها إدارة بوش التي سيطر عليها المحافظون الجدد.
الولايات المتحدة ليست دولة من العالم الثالث تعتقل المواطنين على الشبهة، وتعذبهم أحياناً إلى درجة الموت في أقبية المخابرات. هي دولة رائدة في حقوق الإنسان ومَثَل يُحتذى حول العالم، غير أن من نتائج سيطرة المحافظين الجدد على الحكم يوماً وإدارة عصابة إسرائيل السياسة الخارجية أن أصبحت الولايات المتحدة دولة تتجسس على مواطنيها وحلفائها. وهكذا فالتأيـيد الوحيد لفضيحة التجسس الذي تابعته كان صادراً عن ميديا اليمين من أنصار إسرائيل، فهي وحدها تتهم ادوارد سنودن بالخيانة بدل اعتباره بطلاً قومياً يدافع عن حقوق للمواطنين يكفلها الدستور بموجب التعديليْن الأول والرابع، والقوانين المحلية.
ادوارد سنودن متهم بأنه جاسوس، وهو حتماً ليس كذلك، لأن الجاسوس يعمل لدولة أجنبية أو جهاز مخابرات مقابل منفعة شخصية، إلا أن سنودن عمِل لحماية حقوق المواطن من دون مقابل مغامراً بمستقبله وأمنه الشخصي.
khazen@alhayat.com
(الحياة)
كل يوم هناك معلومة جديدة، والتجسس هذا ينتهك الدستور الأميركي والقوانين المحلية للولايات، فقانون المواطنة الذي صدر في تشرين الأول (أكتوبر) بعد إرهاب 11/9/2001 ينص في الجزء 215 منه على أن مكتب التحقيق الفيديرالي (أف بي آي) يستطيع أن يطلب معلومات من أفراد أو شركات بعد الحصول على أمر قضائي لمتابعة تحقيق جارٍ.
إدارتا جورج بوش الابن وباراك أوباما تجاوزتا الدستور والمحاكم للحصول مباشرة من شركات الهاتف والإنترنت على بلايين المكالمات الهاتفية والاتصالات الإلكترونية وخزنها وتحليلها. بل إن المعلومات التي كشفها ادوارد سنودن عن برنامج «بريزم» الذي أدارته وكالة الأمن القومي وعمل فيه تُظهِر أن الولايات المتحدة كانت تتجسس على 38 سفارة وبعثة ديبلوماسية أوروبية في واشنطن ونيويورك، بينها دول حليفة وصديقة، مثل فرنسا وإيطاليا واليونان، وأيضاً الهند واليابان وكوريا الجنوبية وتركيا. بل أنها تجسست على ألمانيا في داخل ألمانيا وحصلت على بلايين الاتصالات لمواطنين ألمان، ما جعل المستشارة أنغيلا مركل تقول إن «التنصت على أصدقاء غير مقبول ولا يُحتَمَل. نحن لم نعد في الحرب الباردة.» والآن يهدد الاتحاد الأوروبي بوقف التعاون مع الولايات المتحدة في مجال تبادل المعلومات.
هل يريد القارئ مزيداً؟ قرأت أن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية تتجسس بدورها على مكالمات المواطنين وعذرها أنها تريد خفض نفقات الرعاية الصحية.
هذا كله يخالف نص الدستور الأميركي والقانون وروحه، ومع ذلك فالرئيس أوباما الذي عمل يوماً أستاذاً جامعياً للدستور اعتبر التجسس على خصوصيات المواطنين أمراً بسيطاً وقال: «لا تستطيع أن تحقق 100 في المئة أمن و100 في المئة حرية شخصية وصفر من المضايقة».
كان هناك مَنْ ردَّ قائلاً إن جمع معلومات عن خصوصيات المواطنين يمَكّن أجهزة الاستخبارات من ابتزازهم، وأعطى أمثلة محددة عن مثليي الجنس الذين يفضلون كتم ميولهم الجنسية، وأيضاً عن ملايين الأميركيين الذين تعاطوا المخدرات يوماً أو لا يزالون يتعاطونها. والواقع أنه بحسب اعترافات آخر ثلاثة رؤساء أميركيين عن تعاطي المخدرات، يصبح بيل كلينتون وجورج بوش وباراك أوباما غير مؤهلين للترشيح للرئاسة.
الرئيس أوباما تعرض لحملات سياسية هائلة منذ دخوله البيت الأبيض، ويمين الحزب الجمهوري والمحافظون الجدد أنصار إسرائيل عملوا ويعملون لتخريب كل محاولة له لإنهاء الأزمة الاقتصادية الأميركية والعالمية التي أطلقتها حروب بوش الابن، فهم يفضلون أن يستمر خراب الاقتصاد إذا كان هذا يؤدي إلى فشل إدارة أوباما.
هو رد على ما يبدو بقبول بعض مواقفهم وأساليبهم، وأجده مثل الغراب، في خرافة يعسوب، فقد حاول تعلم مشية الحجل فلم يتقنها ونسي مشيته. واليوم يدفع أوباما من رصيده السياسي ثمن الاستمرار في عمليات تجسس غير قانونية بدأتها إدارة بوش التي سيطر عليها المحافظون الجدد.
الولايات المتحدة ليست دولة من العالم الثالث تعتقل المواطنين على الشبهة، وتعذبهم أحياناً إلى درجة الموت في أقبية المخابرات. هي دولة رائدة في حقوق الإنسان ومَثَل يُحتذى حول العالم، غير أن من نتائج سيطرة المحافظين الجدد على الحكم يوماً وإدارة عصابة إسرائيل السياسة الخارجية أن أصبحت الولايات المتحدة دولة تتجسس على مواطنيها وحلفائها. وهكذا فالتأيـيد الوحيد لفضيحة التجسس الذي تابعته كان صادراً عن ميديا اليمين من أنصار إسرائيل، فهي وحدها تتهم ادوارد سنودن بالخيانة بدل اعتباره بطلاً قومياً يدافع عن حقوق للمواطنين يكفلها الدستور بموجب التعديليْن الأول والرابع، والقوانين المحلية.
ادوارد سنودن متهم بأنه جاسوس، وهو حتماً ليس كذلك، لأن الجاسوس يعمل لدولة أجنبية أو جهاز مخابرات مقابل منفعة شخصية، إلا أن سنودن عمِل لحماية حقوق المواطن من دون مقابل مغامراً بمستقبله وأمنه الشخصي.
khazen@alhayat.com
(الحياة)