2024-07-01 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ماذا تريد الحكومة من المغتربين؟

ماذا تريد الحكومة من المغتربين؟
جو 24 :
كتب د. محمد أبو غزلة / خبير تربوي - 


كُتب على المواطن الأردني العيش في ضنك الحياة منذ طفولته وهو في بطن أمه، ولعلّ المواطن الأردني الطفل الجنين قد تأثر بالبيئة المحيطة به وشعر وهو في رحم أمه بكل ما يدور حوله من تداعيات الأزمات السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يختلقها الساسة، والتي أدت لنزوحه الداخلي أواغترابه وهجرته من الريف أوالبادية إلى المدينة أو تهجيره خارج الوطن بدوافع مختلفة منهاعن سبل العيش الكريم نتيجة الفقر وقلة الموارد وغياب سياسات التنمية الحقيقية في مجالات الحياة كافة.

لقد خسر الأردن والاقتصاد الأردني بسب السياسات التي انتهجتها الحكومة في تهجير كفاءات بشرية ومنها العقول الاقتصادية والتعليمية الأردنية التي استثمرتها الدول التي يعملون فيها، وأسهمت هذه العقول في تقدم ونماء الكثير في مجالات الاقتصاد والتعليم والصحة وغيرها، وبالمقابل وفرت لهم بيئات مستقطبة معززة لقدراتهم ومهاراتهم وموفرة لهم سبل العيش الكريم إضافة إلى الاحترام والتقدير من مؤسساتهم ومن المجتمع، في الوقت الذي لم يتم توفيره لهم في بلدهم الأصل في ظل الهيمنة من طغم الفساد المسيطرة والمتفشية في مؤسسات الدولة، والتي أدت إلى تفريغ الدولة من الطاقات وهجرة العقول بدلًا من أن تستفيد منها في بناء المجتمع ونهضته.

نعم لقد خسرت الدولة بسبب ما اتخذته الحكومة من سياسات ضد عودة المغتربين لأن ما يقدمه المغتربين من تحويلات مالية لوطنهم تبلغ أكثر من (4،5) مليار دينار سنويًّا تقريبا، ومساهمتهم في ما يقارب من( 11% ) من الناتج المحلي الإجمالي، والذييحتل الأردن نتيجة ذلك المرتبة الرابعة عربيا في التحويلات حسب الإحصاءات الرسمية وحسب والتقارير الدولية، والمسح الذي أجراه منتدى السياسات للمغتربين في دول الخليج العربي والذي كشف عن أن 67% من المغتربين الأردنيين يقمون بتحويل أموالهم، وأن 33% منهم لا يحولون أموالهم لأنهم من العمالة المتوسطة والتي تكاد تكفي رواتبهم للعيش في هذه الدول وقبلوا بها عوضا عن ضنك العيش في الأردن لعدم توفر فرص العمل لهم ؟ وعليه هل فكرت الحكومة وهي ترسم السياسات ضد المغتربين في أثر ذلك في الاستثمار بالبنى التحتية وقطاعي الإنشاءات والإسكان، ورفع مستوى المعيشة، وتخفيف الضغط على سوق العمل المحلي؟،وهل أقر دولته بأن التحويلات المالية السنوية للمغتربين تتجاوز في الأغلب التدفقات المالية الناجمة عن الضرائب والاستثمار الأجنبي المباشر، بل وتجاوزت المساعدات من الدول المانحة؟، وبأنهم ساهموا في استقرار حساب الدولة الجاري وموازين المدفوعات، وزيادة الاحتياطات الأجنبية والتصنيف الائتماني للاقتراض، إضافةً إلى توسع قاعدة الودائع واستقرار أسعار الصرف ودعم سيولة القطاع المصرفي؟.

والسؤال الي ما زال قائما ما ذا تريد الحكومة من الموطن الأردني المغترب؟ الذي أدت سياساتها إلى تهجيره واغترابه، وحرمته من كل حقوقه كمواطن أردني، فلماذا العداء التاريخي للحكومات يا ساسة؟ والذي كشفت عنه الجائحة للمغترب وتمثل في الرفض التام لعودة المغتربين لوطنهم بحجج المحافظة على الوضع الوبائي على الرغم من الأوضاع المأساوية التي يعشيها المغترب الذي تقطعت به السبل وترك عمله وأصبح بلا مأوي ويعيش على الصدقات وفي الطرقات، وأصبحت الأرض والشوارع فراشهم والسماء الغطاء لهم، ولا يسمع منهم إلا أصوات الدعاء بالفرج لعل قلوب الساسة في وطنهم تحن عليهم اعتقادا منهم بأنهم من طينتهم أو ممن عرفوا الألم أو عاشوا مرارة الغربة، لكن لا حياة لمن تنادي.

نعم لقد كان يعيش المغترب يومه وقلبه يعتصر الألم عندما يشاهد الجاليات الأخرى تعود لأوطانها بينما المغتربين الأردنيين يفترشون الأرض بلا مأكل أو مأوي ، والأمر ألأخطر من ذلك التندر الذي كان يصدر من الجاليات على ما كانوا يسمعونه من الأردنيين المغتربين( النشامي) عن ساستهم بأنهم ضربوا أروع الأمثلة في احتضان كل الجاليات التي تعرضت للأزمات في أوطانها، وكان الوطن الحضن الدافئ لهم لحين اكتشفوا أن الدفء كان لغير الأردنيين، حينما وجودوا أنفسهم الآن على قارعة الطريق فعن أي صورة تتكلمون يا نشامى ، لقد تفننت الحكومة في تبرير سياساتها في الحفاظ على صحة المواطنين في الداخل وكأن الأردنيين في الخارج ليسوا من الأردنيين، وأخذت تعزف على لحن عدد الإصابات الخارجية على حساب الإصاباتالمحلية لقيادة رأي عام ضد عودة المغتربين،ونجحت بذلك لكنها خسرت الكثير ولن تعترف، مع العلم بأن المغتربين اكثر حرصا على سلامة وطنهم أكثر من الحكومة وقدموا حلولا صحية معمولا فيها بكل دول العالم وعجزت الحكومة التي لا تفكر إلا بالجباية عن تقديمها .

والغريب في الأمر أن الحكومة بعد أن فكرت بحال الموطن الأردني المغترب الذي تعرض للاغتراب في الداخل وهجر بسبب سياساتها للخارج ما زالت تمارس سياسة الباطنية في المواقف وما زالت تلعب بالأوراق والتي باتت مكشوفة ولم تعد تجدي نفعًا، فحتى عند وضعها لشروط عودة المغتربين من الذين تقطعت بهم السبل أو الراغبين بالعودة ،وضعت شروطا تعجيزية على من تقطعت بهم السبل لمص دمائهم، فكيف لمن تقطعت به السبل ومعه عائلة مكونة من(6) افراد مثلاً أن يوفي بمتطلبات التذاكر المضاعفة، ومعزوفة الحجر الفندقي، والكرفانات التي ترددها الحكومة، ودفع مصاريف النقل والضرائب عليها؟، ولا أعرف كيف تفكر الحكومة بالحجر الفندقي للمغترب الذي ما زال على رأس عمله وإجازته لا تتجاوز (20) يوما هل يمكن أن يقضي (14) يوما في الحجر يا أصحاب العقول النيرة ويعود مباشرة على الطائرة؟ ثم يتشدقون [انهم أعادوا أردنيين على حساب صندوق همة وطن،من قال لكم أن ما صرف من أموال صندوق همة وطن والصناديق الأخرى التي لا نعرف أين ذهب أموالها على من تقطعت بهم السبل؟ ومن قال بأن الحكومة حددتأصلا مجالات صرف الصناديق الأخرى منذ تأسيسها رغم أن أموالها جاءت من الشعب لمساعدة المحتاجين والقطاعات المتضررة، ومن قال انها لم تصرف على أشخاص لهم معارف في السفارات ومنهم مازالوا على رأس عملهم، وصرفت أيضا على استقدام أشخاص من إيطاليا ولبنان وغيرها لترويج الأردن سياحيا، وكأن الأردن خالي ممن لديهم الكفاية على القيام بذلك، ومع ذلك أين نتائج هذا الترويج الذي دفعت عليه الملايين.

لم تقف الحكومة عند ذلك بل تمادت في ذلك ولعبت ألعاب بهلوانيه في تصنيف الدول الخضراء لاستقطاب السياح علما بأن هذه الدول تعاني من الوباء، وكانت المؤشرات تبين الارتفاع المتزايد لحالات الإصابة والوفاة فيها يوميا، لكن لأن الأمر ليس بأيديهم تم إيهام الناس بنجاح حملتهم لاستقطاب السياح، والسياحة العلاجية وبدون حجر بينما للأردنيين بشرط الحجر، وبعد فشلهم الناتج عن سوء التخطيط والتخبط المستمر فقد رفضت شراكة إدارة المطار السماح لهم باستقدام السياح إلا بسداد الديون الحكومية، وأيضا لأن الدول الخضراء التي صنفت لم تعترف بالأردن دولة خضراء ففشل مشروع استقطاب السياح ، وسقطت السياحة العلاجية وذهبت الأموال التي صرفت على الاستجمام للأشخاص الذين تم استقدامهم لترويج الأردن فصحتين وعافية.

تراجعت الحكومة عن تصنيف الدول في تأكيد لفشل سياساتها ، وبدأت تتغزل بالمغتربين ممن تقطعت بهم السبل أو ممن يرغب منهم بالعودة، وبدأوا يتشدقون بأنهم عودة الأردنيين أولويه وأنهم يخافون عليهم ، لذا قرروا اعادتهم فورا، فاتخذا قرارا متأخرا كما يقولن مثل " عاقب الشتاء بفروة"، وعادت الحكومة لممارسة أسلوب الثعلبة، وقامت بمضاعفة أعداد الغرف للحجر الفندقي لتشغيل أكبر نسبة ممكنة من الفنادق، وأصبحت جوقة أوكسترا الحكومة تردد معزوفة الحجر الفندقي لمدة (14) يوما، وعادت عن اللحن الأول، وبدأت تعزف على لحن عدد الإصابات المحلية على حساب الإصابات الخارجية بعد أن فشلت في ضبط الحدود والتي كان سببا في انشار الوباء في الأردن منذ موضوع سائق" الخناصر" وختم ذلك بالعاملين بالمعابر، ولكن الحكومة لم تتنبه أن الطيور كما يقولون" طارت بأرزاقها" وأن المغتربين قد أحجموا عن العودة لأسباب عدة ولن تستفد الحكومة من اللعب على الحبال، وأن دوام الطلبة من أبناء الذين كانوا يطالبوا بالعودة قد بدأ ولم تصبح العودة مطلبا لهم الان، حتى وإن كانت الحكومة ذكية لدرجة كبيرة بأنها خطط لذلك مع أني لا اعتقد ذلك فإن كان ذلك فإنما يدل على قصر الرؤيةوتأكيد على سياسة التخبط وسياسات تدمير اقتصاد الدولة وتدمير البلد في النهاية.

والسؤال القائم أيضا ماذا تريد الحكومة من المغتربين ففي الوقت الذي تسخر فيه الحكومة كل السياسات والقرارات الاقتصادية للبقاء في الرابع، وخلقت الأزمات أزمة تلو الأخرى، وأشغلت الشعب في موضوع إجراء الانتخابات، وفي غفلة انشغالهم تعدت على أموال صندوق الضمان، وعدلت في سياسات الاقتراض ورفعتها إلى 65% ولم تعتبرها ديون كي تتمكن من رفع استدانتها، وخفضت من المديونية بدلا من (101%) إلى (80%) حتي تستدين من الخارج على حساب أطفالنا، وهذا ما اكده وزير مالية حكومة النهضة بأنه لن يستدين من الداخل بينما سيتدبر سيولة من الخارج ، والآن بعد ذلك تريد تعطيل إجراء العملية الانتخابية، واشغال الناس في قرار التأجيل .

والسؤال الذي مازال قائما ما ذا تريد الحكومة من المغتربين؟ فبعد التهجير وبعد التضيق والإبعاد والتنكيل،ماذا تريد الحكومة من المغتربين؟، فالحكومة القادرة على معرفة ما يصدر من أصوات ورسائل على هواتف الناس، والقبض على من يكتب حرفا أو يعبر بكلمة أو ينتقد سلوكا حكوميا شاذا أو وزير متنمرا لا يتقن حتى أبجديات اللغة والأدب. فهي قادر على اسكات الأبواق التي تسئ إلى علاقات الدولة بالدول العربية الأخرى، والتي تحتضن الآلاف من الأردنيين المغتربين الذين يعيشون فيها باحترام وتقدير ولم يشعروا يوما بأنهم غرباء فيهاكما كانوا يشعروا في وطنهم، فلماذا هذا التلكؤ؟ أم هل تنظرون عودة الآلاف من الأردنيين؟ فما عساكم فاعلون وأنتم عاجزون عن توفير حد الكفاف للأردنيين في داخل الوطن.

إن عدم القيام باي خطوات تجاه ذلك واستمرارهذا النهج في السياسات يا ساسة سيؤثر على المواطن الأردني المغترب في المستقبل، وبشكل كبير وسيكون المسمار الأخير في نعش الاقتصاد ، وإذا لم تنتبه الدولة إلى ذلك فستشهد عودة كبيرة للمغتربين وإحجام الدول عن طلب العمالة الوافدة رغم قناعاتهم بمهنيتهم وحرفيتهم العالية، نعم لقد أصبح المغترب الأردني جراء السياسات الممنهجة والمتبعة في وطني يتعرض لاغتراب داخلي وخارجي، وأخشى أن تصبح بعض الدول تنتهج سياسات التضييق كردة فعل على السياسات والنظرة القاصرة للسياسيين والمخططين لدينا.

وعليه على الحكومة وأجهزتها أن تعود لرشدها، وتعيد التفكر بسياساتها الحالية، التي أصبحت تؤثر في استمرار المغتربين في دول الاغتراب ،وفي استقطاب عمالتها، والتفكير في مصلحة شعبها، لا في مصلحة تمجيد المواقف والأشخاص، وأن تفكر بشكل استراتيجي لتحقيق التنمية المنشودة بسياسات تنمية مستدامة حقيقةوالتخلي عن نهج الجبايةوالعناد والتطنيش والمراوغة في تحقيق مطالب الناس، وتبنى سياسات لإشراك المغتربين واستقطابهم لضمان استمرار التحويلات من خلال التسهيلات والحوافز والامتيازات، والاستفادة من تجارب الدول التي نجحت في دمجهم، وتحملوا مسؤولياتهم تجاه أوطانهم، والتي أسهمت في تقوية وتعزيز علاقة المغتربين بأوطانهم لأن مثل هذه السياسات ستشجعهم على ضخ واستثمار أموالهم في بلدانهم؛ إذ إن التراجع في ذلك يسبب مشاكل اقتصادية واجتماعية أساسية في المجتمع، ولا اعرف كيف لي أن اربط الإشادة اليومية لجلالة الملك بالمواطنين الأردنيين في الداخل والخارج بينما حكومة النهضة تكيل لهم سيلا من الاتهامات وتنعتهم بأسواء الصفات وبأنهم سبب انتشار الوباء وأنهم شكاكين، وأن عليهم تصديق الترهات الحكومية التي أفقدت كل الثقة فيها وأسهمت في إيجاد جيلا من المسؤولين المنافقين والمراوغين لم تعهده الدولة من قبل وسيكون ناخرا في كل مفاصل الدولة مستقبلا، وبوادر ذلك تتمثل فيما يجري الآن وهو السير للمجهول ، فالمواطن الأردني يا ساسة أكثر الشعوب تعلقًا بوطنه وبأرضه،ومستعد لتحمل مسؤوليته الوطنية بكل ما يملك من النفس والمال لو توفرت القناعة لديه بأنه ما يدفعه للوطن سيذهب لتنمية الوطن لا لجيوب الفاسدين، ولن يتخلى يوماً عن وطنه.
 
تابعو الأردن 24 على google news