جحيم المدن الصناعية المؤهلة.. اضطهاد على الأرض الأردنية لتحقيق المصالح الإسرائيلية_ الأميركية!
جو 24 :
تامر خرمه_ صحيفة الغارديان البريطانية أعادت تسليط الضوء مجددا على مأساة العمال في المدن الصناعية المؤهلة، والانتهاكات التي تتعرض لها العمالة المهاجرة على الأرض الأردنية، كاشفة في تقريرها، الذي صدر الأسبوع الماضي، معاناة العاملات في مصانع الغزل والنسيج، اللواتي يتعرضن لأبشع أشكال الاضطهاد، من أجل إنتاج ماركات أميركية بشراكة "إسرائيلية".
الانتهاكات التي تستمر ممارستها في تلك المناطق المنكوبة بالعبودية تبدأ وفقا لتقرير الغارديان بإجبار العاملات على العمل لساعات طويلة، في مخالفة فاضحة لقانون العمل الأردني، والحرمان من الرواتب لعدة أشهر، والافتقار إلى أدنى مقومات الحياة الصحية في المساكن التي تعد بؤرا لانتشار الأوبئة، وصولا إلى التحرش الجنسي!
وزارة العمل، التي أثار هذا التقرير حفيظتها كما اتضح، لم تنتفض لإنصاف العاملات بإجراءات فورية تجتث هذه التجاوزات التي تحدث على أراضي المملكة، ولم تشكل حتى لجنة تحقيق روتينية.. بل اكتفت بإصدار بيان سريع، ينفي كل ما جاء في التقرير جملة وتفصيلا!
ترى، هل هنالك خصومة شخصية بين صحيفة الغارديان البريطانية ووزارة العمل الأردنية حتى تقوم الأولى "بالافتراء" و"التجني" و"اختلاق" الأحداث من العدم؟! أم أن سياسة "النفي" التي يلوذ بها كثير من المسؤولين في هذا البلد كفيلة بحل كل ما يواجهونه من مشاكل وتحديات، وبإراحة الضمائر التي "أتعبتها" المسؤولية؟!
تقرير الغارديان ليس أول تقرير يرصد الانتهاكات التي يتعرض لها العمال والعاملات في المدن الصناعية المؤهلة، على وجه التحديد. مركز الفينيق للدراسات، مثلا، نشر تقريرين موسعين يكشفان حجم الانتهاكات التي تشهدها تلك المدن، في العامين 2016، 2017 على التوالي، وكذلك نشر مركز تمكين تقريرا حول ذات المسألة في شهر تموز الماضي، كما نشر الاتحاد العربي للنقابات، في مطلع العام الجاري، تقريرا بعنوان: المدن الصناعية بالأردن.. انتهاك لحقوق العمال في غذاء صحي وكاف.
من غير المعقول أن تحاول وزارة العمل ستر عورة المدن الصناعية المؤهلة عند كل محطة تتجلى فيها فضيحة جديدة. الإعلام المحلي قد يمكن إرغامه على الصمت عبر منع النشر في قضية ما، ولكن ماذا عن الإعلام الدولي؟ وهل حقا يمكن التعامل مع ما يثيره من قضايا بنفيها البحت؟!
لا يمكن لأي متابع لأوضاع العمال في تلك المدن، التي لا فائدة وطنية ترتجى من وجودها في الأردن، إنكار أو تجاهل حقيقة الجحيم الذي يعانيه المضطهدون، من أجل إنتاج ملابس تحمل "ماركات" أميركية و"اسرائيلية". الأردن يسمح باستمرار هذا الاضطهاد على أرضه، بأبشع الصور، ليتمتع أصحاب ثقافة "التسليع"، ويتغنى اليانكيز والصهاينة بحقوق الإنسان!!
ترى، متى أصيب صناع القرار في هذا البلد بهذا البرود واللامبالاة؟ كيف أدارت مؤسسات الدولة ظهرها لمثل هذه الانتهاكات البشعة التي تستمر على أرضنا، غير مكترثة بسمعة الأردن الدولية، ومكانته المتعلقة باحترام الحريات وحقوق الإنسان.. وغير آبهة، قبل أي شيء آخر، بصوت الضمير؟!
ما الذي تغير في الدولة الأردنية؟! إنكار لحقائق واضحة يعلمها الجميع؟! وانتهاكات فاضحة تواجه بدفن الرؤوس في الرمال، وصمت قاتل تجاه الظلم الذي تتعرض له الطبقة العاملة، ومحاولات مستميتة لاغتيال صوت الصحافة، ومواقف غير مكترثة من شأنها هدم كل ما تم بناؤه قبل بدء جائحة الكورونا؟!