الأصدقاء يهربون من مدينة الأحلام ونور توثّق مزاجها المُتقلّب
نيويورك. ذات صيف شاركنا مُحادثاته السريّة. أحاديث العشّاق، وهؤلاء "يالّلي مسكّرة بوجهن الدني". والآخرون الذين قصدوا المدينة الغائرة بمجدها، بحثاً عن لحظة عزّهم العابرة. ومُصوّرة شابة تختار عدستها مناظر شهيّة مأخوذة من دفتر الشوارع التي كانت، ذات يوم، مكتظّة، معجوقة، "كثيفة السكّان" والنزوات. مُصوّرة تحمل لبنان في قلبها، ومع ذلك تتعامل مع هذه المدينة التي بنت فيها عائلتها ـالصغيرة، وكأنها الـHomeالشاهدة على قصّة حبها وزوجها، وولادة ابنها آدم، ومغامراتها في كل زاوية تستحق أن يُكتب فيها الكثير. من خلال الصور والتوثيق الحميم. مع بداية الصيف، راحت المدينة تحلم بالقليل من الأمل بعد "الزربة" في المنازل والشقق الصغيرة والأخرى، "ياللي ما شاء الله". الزربة التي اجتاحت الأخضر واليابس بفعل ذاك الفيروس، "ما غيرو".
المصوّرة الشابة نور كبّارة أمضت وعائلتها الأيام داخل الشقة النيويوركيّة، وأحياناً كانت تتنزه وابنها آدم على سطح المبنى، بحثاً عن القليل من الأوكسيجين. وعن القليل من نكهة نيويوركيّة مميّزة ومكوّناتها الحيويّة. فوق، يبدو الجمال أقرب بكثير. انتهت الزربة. ونور وزوجها وابنها "ينغمسون" بنزهات صغيرة في الحي ويزورون الحدائق العامة القريبة. توثّق يوميّاتها "متل العادة" في صفاحتها الزاهية بمواقع التواصل الاجتماعي. تختار وزوجها الأوقات المدروسة حيث لا مكان لعجقة "الهربانين من الأربعة حيطان". الأقنعة الواقية ضروريّة. التباعد الاجتماعي مفروض. وآدم يكتشف نيويورك بعيني الطفولة. ونور تلتقط الصور وتوثّق "هالكم خطوة" في حساباتها الزاهية. الفسحات الثقافيّة وأخرى المتخصصة في مختلف الفنون والتسلية مغلقة بفعل الفيروس، "ما غيرو"، والناس يهربون من نيويورك بعدما صار بإمكانهم أن يُنجزوا أعمالهم في المنازل المُحاطة "بالأربع حيطان". ولكن نور وعائلتها الصغيرة لا يهجرون مدينة وقعوا في حبها منذ انتقالهم للعيش فيها منذ أكثر من 3 سنوات. الحجر الصحّي انتهى، ولكن المدينة لم تعد إلى سابق عهدها بعد. والناس يهربون منها إلى الضواحي بحثاً عن القليل من السكينة وراحة البال. ونور وزوجها وآدم باقون. يعيشون انفتاح المدينة برفق على الحياة مجدداً. ونور توثّق هذه العودة المُرتقبة. الأصدقاء يهربون إلى الضواحي بحثاً عن منازل أكبر حجماً وحدائق خاصة يلهو فيها الأولاد بلا خوف من الفيروس، "ما غيرو". والإيجارات "يا ماشاء الله" داخل المدينة شبه المهجورة. ولكنها أصبحت الـHomeلهذه العائلة الصغيرة. وزوج نور يعمل من المنزل حتى بداية السنة الجديدة. و"في الواقع لم نتمكّن من مغادرة المدينة التي نُحب". ونور تعشق التقاط الصور لابنها آدم وهو يكتشف الحياة النيويوركيّة، خطوة فأخرى. معاً يراقبان الحيتان مع الأخذ في الاعتبار التباعد الاجتماعي. تأخذه إلى الأماكن التي تجعلها تحلم. وتلتقط الصور لكل شاردة وواردة في المدينة التي لم تعد كسابق عهدها. والأصدقاء يهربون من مدينة الأحلام. ونور تعيش المتعة الحقيقيّة عندما توثّق الحياة النيويوركيّة في مختلف الصفحات والحسابات الخاصة بها. ولبنان مزروع في قلبها، وهي تتألّم لرؤيته يتعرّض لهذا الكم من الحقد. وتحلم بلقاء العائلة الكبيرة والأصدقاء مجدداً. وفي الانتظار توثّق يوميّاتها النيويوركيّة عبر@nour.kabbara، و@nourspot.ذكريات ومجموعة واسعة من المشاهد المُحيّرة لمدينة أشبه برفيق يحلو الإدمان على مزاجه المُتقلّب والصاخب.
النهار