جدليّة قانون الانتخاب في الأردن
د.حسين البناء
جو 24 :
يُمثّل (قانون انتخاب مجلس النواب الأردني) أحد أبرز العناوين الجدلية منذ عودة الحياة النيابية عام 1989؛ فهو أحد أهم العوامل التي تؤثر على تشكيلة مجلس النواب كما أثبتته التجارب، جنبًا إلى جنب مع عوامل أخرى كالثقافة المحليّة ذات الطابع العشائري، وظاهرة شراء أصوات الناخبين من رجال الأعمال.
تتأتى أهمية مجلس النواب و هيكلية تشكيله والقوى المتوقع تمثيلها فيه من الدور الدستوري المناط به والمتمحور حول التشريع والتي يشترك فيها مع مجلس الأعيان، و كذلك الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، والأهم من ذلك هو التقديم الدستوري للنظام على أنه "نيابيّ ملكيّ" وهذا التقديم في النص يحمل معانٍ عميقة في هياكل السلطة و الدولة كما يفهمه كل فقيه دستوري.
تقلّب قانون الانتخاب بشكلٍ ملحوظ و كبير؛ ففي 1989 كان متاحًا للناخب أن يختار من المرشحين بنفس عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، الأمر الذي منح الناخب مساحة واسعة للاختيار و التعدد فكان مجلسًا حقيقيًا يمثّل إرادة الناس الى حدٍ مقبول.
ثم جاء قانون الصوت الواحد الذي قيّد خيارات الناخب في الانتقاء، فجعله أمام خيارٍ صعب كان على الأرجح سيذهب للمرشح العشائري الأقرب للناخب دمًا أو لرجل الأعمال الذي أغدق على حملته الملايين! الأمر الذي أقصى الحضور الحزبي في البرلمان لحساب رجال الأعمال و الوجاهات المحلية.
بعدها جاء قانون الدوائر الوهمية والذي قلب كل الموازين؛ فكان أن سمح بنجاح مرشح ما في محافظة ما برغم أنه قد تحصّل على نصف أصوات منافسه غير الناجح في ذات المدينة!
ثم جاء قانون الكتل الوهمية، والذي يُجبر المرشحين على الترشح في كتل لا يقل عدد أعضائها عن عدد مقاعد الدائرة الانتخابية، الأمر الذي جعل من الصعب على بعض المرشحين البارزين تشكيل كتلة نظرًا لتخوف الأعضاء من بعضهم البعض؛ حيث أن المرشح الأعلى أصواتًا من كل كتلة هو الذي سيعتبر فائزًا في حالة فوز الكتلة ذاتها بالمقارنة مع الكتل الأخرى.
هذه التركيبة اضطرت الجميع لاتباع طريقتين للترشح في كتل: الأولى هي أن يكون جميع أعضاء الكتلة من المتكافئين بعدد الأصوات المتوقعة، والثانية هي أن يكون هنالك مرشح بارز مهيمن أوحد، و بعض الأعضاء الوهميين لاستكمال شرط عدد أعضاء الكتلة القانوني، و لجمع أصوات من شأنها إنجاح الكتلة ذاتها. هؤلاء الأعضاء الشكليين في الكتلة باتوا يحملون وصمة "الحشوة" كما اصطلح محليًا على تسميتهم.
المفارقة هنا هي أن المرشح الرئيسي هو بحاجة لجمع عدد أصوات كبير نسبيًا لإنجاح الكتلة، وبنفس الوقت هو بحاجة لأعضاء أقل منه شأنًا من حيث القواعد الانتخابية الشعبية لكي يبقى هو رأس الكتلة و المرشح للفوز عنها، هذه المفارقة العجيبة أرهقت أبرز المرشحين و أعاقت ترشحهم و تسببت بخسارة الكثير منهم سابقًا.
تسبب قانون الصوت الواحد بإقصاء الحضور الحزبي، و تسبب قانون الدوائر الوهمية و الكتل النسبية بتفتيت الوحدة العشائرية. العشائر رأت في صندوق الانتخاب الداخلي أداةً لحسم الصراع الداخلي على الزعامة التقليدية في العشيرة. الأحزاب لم تتمكن من تطوير أداة تواجه ذلك ففضّل البعض المقاطعة التي بلغت 65% في الانتخابات السابقة، و يُرجّح اتساع نطاق المقاطعة هذه المرة في ظل أزمة اقتصادية حقيقية و جائحة كورونا الممتدة و تطورات المنطقة التي تجاوزت الكثير من قواعد التفكير النمطية لصاحب القرار في الأردن.
من الواضح أن الجميع في الأردن يتناسى حجم المحنة التي نحن مقبلين عليها، بدءًا بتبعات كورونا الذي ألقى بظله الثقيل على حياة الناس و الأداء الاقتصادي للدولة شركاتٍ وقطاع عام، و ليس انتهاءً بمجريات صفقة القرن التي تسعى لتجاوز حق الأردن في ضفته الغربية، وحق الوصاية الهاشمية على المقدسات، وحق بضعة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بالعودة و/أو التعويض.
قانون انتخاب حقيقي كأداة للتمكين الشعبي والنوايا الصادقة بنهج الديمقراطية والمشاركة الشعبية هما فقط الأداة التي يجب الاتكاء عليها لتجاوز العقد الفريد الذي نحن بصدد تجرع مرارته مع إعلان النتائج الختامية لأعمال القطاعات الاقتصادية مع بدايات عام 2021 المقبل.
تتأتى أهمية مجلس النواب و هيكلية تشكيله والقوى المتوقع تمثيلها فيه من الدور الدستوري المناط به والمتمحور حول التشريع والتي يشترك فيها مع مجلس الأعيان، و كذلك الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، والأهم من ذلك هو التقديم الدستوري للنظام على أنه "نيابيّ ملكيّ" وهذا التقديم في النص يحمل معانٍ عميقة في هياكل السلطة و الدولة كما يفهمه كل فقيه دستوري.
تقلّب قانون الانتخاب بشكلٍ ملحوظ و كبير؛ ففي 1989 كان متاحًا للناخب أن يختار من المرشحين بنفس عدد المقاعد المخصصة للدائرة الانتخابية، الأمر الذي منح الناخب مساحة واسعة للاختيار و التعدد فكان مجلسًا حقيقيًا يمثّل إرادة الناس الى حدٍ مقبول.
ثم جاء قانون الصوت الواحد الذي قيّد خيارات الناخب في الانتقاء، فجعله أمام خيارٍ صعب كان على الأرجح سيذهب للمرشح العشائري الأقرب للناخب دمًا أو لرجل الأعمال الذي أغدق على حملته الملايين! الأمر الذي أقصى الحضور الحزبي في البرلمان لحساب رجال الأعمال و الوجاهات المحلية.
بعدها جاء قانون الدوائر الوهمية والذي قلب كل الموازين؛ فكان أن سمح بنجاح مرشح ما في محافظة ما برغم أنه قد تحصّل على نصف أصوات منافسه غير الناجح في ذات المدينة!
ثم جاء قانون الكتل الوهمية، والذي يُجبر المرشحين على الترشح في كتل لا يقل عدد أعضائها عن عدد مقاعد الدائرة الانتخابية، الأمر الذي جعل من الصعب على بعض المرشحين البارزين تشكيل كتلة نظرًا لتخوف الأعضاء من بعضهم البعض؛ حيث أن المرشح الأعلى أصواتًا من كل كتلة هو الذي سيعتبر فائزًا في حالة فوز الكتلة ذاتها بالمقارنة مع الكتل الأخرى.
هذه التركيبة اضطرت الجميع لاتباع طريقتين للترشح في كتل: الأولى هي أن يكون جميع أعضاء الكتلة من المتكافئين بعدد الأصوات المتوقعة، والثانية هي أن يكون هنالك مرشح بارز مهيمن أوحد، و بعض الأعضاء الوهميين لاستكمال شرط عدد أعضاء الكتلة القانوني، و لجمع أصوات من شأنها إنجاح الكتلة ذاتها. هؤلاء الأعضاء الشكليين في الكتلة باتوا يحملون وصمة "الحشوة" كما اصطلح محليًا على تسميتهم.
المفارقة هنا هي أن المرشح الرئيسي هو بحاجة لجمع عدد أصوات كبير نسبيًا لإنجاح الكتلة، وبنفس الوقت هو بحاجة لأعضاء أقل منه شأنًا من حيث القواعد الانتخابية الشعبية لكي يبقى هو رأس الكتلة و المرشح للفوز عنها، هذه المفارقة العجيبة أرهقت أبرز المرشحين و أعاقت ترشحهم و تسببت بخسارة الكثير منهم سابقًا.
تسبب قانون الصوت الواحد بإقصاء الحضور الحزبي، و تسبب قانون الدوائر الوهمية و الكتل النسبية بتفتيت الوحدة العشائرية. العشائر رأت في صندوق الانتخاب الداخلي أداةً لحسم الصراع الداخلي على الزعامة التقليدية في العشيرة. الأحزاب لم تتمكن من تطوير أداة تواجه ذلك ففضّل البعض المقاطعة التي بلغت 65% في الانتخابات السابقة، و يُرجّح اتساع نطاق المقاطعة هذه المرة في ظل أزمة اقتصادية حقيقية و جائحة كورونا الممتدة و تطورات المنطقة التي تجاوزت الكثير من قواعد التفكير النمطية لصاحب القرار في الأردن.
من الواضح أن الجميع في الأردن يتناسى حجم المحنة التي نحن مقبلين عليها، بدءًا بتبعات كورونا الذي ألقى بظله الثقيل على حياة الناس و الأداء الاقتصادي للدولة شركاتٍ وقطاع عام، و ليس انتهاءً بمجريات صفقة القرن التي تسعى لتجاوز حق الأردن في ضفته الغربية، وحق الوصاية الهاشمية على المقدسات، وحق بضعة ملايين من اللاجئين الفلسطينيين في الأردن بالعودة و/أو التعويض.
قانون انتخاب حقيقي كأداة للتمكين الشعبي والنوايا الصادقة بنهج الديمقراطية والمشاركة الشعبية هما فقط الأداة التي يجب الاتكاء عليها لتجاوز العقد الفريد الذي نحن بصدد تجرع مرارته مع إعلان النتائج الختامية لأعمال القطاعات الاقتصادية مع بدايات عام 2021 المقبل.