2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

ماذا تفعل القوات الاميركية في الاردن؟

ماذا تفعل القوات الاميركية في الاردن؟
جو 24 : ترجمة حسن البراري

مقال خاص كتبه ديفيد شينكر لموقع ال سي ان ان

قبل اسابيع وتحسبا لتكرار الهجوم المميت على القنصلية الاميركية في بنغازي، تحدثت التقارير عن قيام واشنطن بنشر المئات من قوات المارينز في جزيرة صقلية لحماية السفارة الاميركية بالقاهرة ان استدعى الامر. لكن هؤلاء الجنود ليسوا هم الوحيدين في المنطقة للتحرك في الحالات الطارئة، ففي نهاية شهر حزيران انهى الاف الجنود الاميركان مناورة الاسد المتأهب في الاردن والتي تجري سنويا، وبناء على طلب من الملك عبدالله الثاني ابقت الولايات المتحدة- حسبما قال الرئيس اوباما ٩٠٠ جندي وسرب من طائرات اف ١٦ وبطارية صواريخ باتريوت وذلك لدعم "امن الاردن" الدولة التي تشعر بتهديد متزايد من انتقال اثار الحرب من سوريا المجاورة، واذا ما استعدت الحاجة لمزيد من التعزيزات فإن سفينة هجوم مارينز تجوب خليج العقبة.

وفي وقت يشعر فيه الملك عبدالله بسعادة من اثبات الولايات المتحدة لالتزامها باستقرار الاردن فإنه ليس الكل يمتدحون نشر القوات الاميركية، وتقول روسيا التي تساعد نظام الاسد إن وجود الجنود الاميركان في الاردن لا يساعد. وما يدعو الى القلق على ايه حال هو أن هناك كثير من الاردنيين يبدون معارضين لوجود القوات الاميركية على الارض الاردنية، وبالفعل فإن ٧٨ شخصا من اصول شرق اردنية قاموا بتوقيع رسالة بتاريخ ٢٢ نيسان بعثوا بها للملك معبرين عن ادانتهم للقرار وواصفين القوات الاميركية على الارض الاردنية كهدف مشروع لكل الشرفاء الاردنيين.

واليوم هناك نحو ٦٠٠ ألف لاجيء سوري، وهو رقم يعادل ١٠٪ من سكان المملكة، في وقت يواجه فيه الاردن ازمة اقتصادية حادة دفعت السلطات الى رفع الدعم عن الوقود والاغذية. وبالفعل مر الاردن في السنتين الاخيرتين بمرحلة احتجاجية متماسكة ومستمرة ركزت على الاقتصاد المترنح والانطباع العام الواسع بالفساد الذي يتمتع برعاية رسمية. ولا يظهر في الوقت الراهن حجم انتشار المشاعر المعادية للقوات الاميركية ولكنها اذا ما تعمقت وتوسعت فإن نشر القوات الاميركية في الارض يمكن له ان يصبح مشكلة اضافية للملك عبدالله. وبالاضافة الى نشر القوات الاميركية على الارض الاردنية فقد ركزت رسالة شهر نيسان على ما يبدو وكأنه اتساع حدة القلق الداخلي من احتمال نشر الجيش الاردني بسوريا، ففي نهاية الامر حسب تعبير الرسالة فإن اسرائيل هي العدو الاول والاخير. فالرسالة رددت صدى بيان اصدرته حركة الاخوان المسلمين في ذات الشهر، كما رفضت الرسالة ايضا ان يتم استخدام الاراضي الاردنية من قبل قوات اجنبية لمهاجمة اراض عربية او مسلمة.

المعارضة لوجود القوات الاميركية او احتمالية تدخل الجيش الاردني في سوريا لا تقتصر على الاسلاميين في الاردن، فواحد من ابرز الاحزاب العلمانية- الجبهة الوطنية للاصلاح- قد حذرت من مغبة نشر قوات اجنبية ودعت الى عدم التدخل بالصراع. غير انه من المحتمل ان اكثر جماعة لها مصداقية للحديث ضد نشر القوات هي اللجنة الوطنية لضباط القوات المسلحة المتقاعدين- وهي عبارة عن تنظيم مؤلف من قادة عشائريين واناس كان لهم رتبة عالية بالدولة في السابق. وفي شهر حزيران قام الضباط المتقاعدون بارسال رسالة مفتوحة للملك عبدالله لامست قائمة من الشكاوى بدأت من الفساد الى تهميش القبائل في المملكة. وقد حذرت الرسالة ايضا من الاعتماد على الاجانب للدفاع عن الاردن. فبدلا من نشر قوات اميركية بالاردن فقد نصح الضباط المتقاعدين الملك عبدالله بأن عليه ان يتبع المثال التام المستوحى من ابيه الملك حسين خلال ازمة الخليج عام ١٩٩١، عندما اصرت المملكة على موقف حيادي. وفي وقت قريب قام علي الحباشنة-جنرال متقاعد يقف على رأس تنظيم الضباط- بوصف انشاء واقامة قاعدة عسكرية اميركية باليوم الاسود الذي يؤشر لعودة الامبريالية للاردن.

ويبدو ان الاردن يأخذ الشكاوى بشكل جدي، ففي العشرين من حزيران عقد القائد العام للقوات المسلحة الجنرال مشعل الزبن مؤتمرا صحفيا ليطمئن الاردنييين بان العسكر الاميركان والذخر العسكري هي ببساطة لمساعدة الاردن للدفاع عن نفسه ولا يعتبر انتقاصا من السيادة الاردنية، وفي القوت ذاته ينفي رئيس الحكومة عبدالله النسور التقارير التي تقول ان وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية تقوم بتدريب الثوار السوريين في الاردن منذ ٢٠١٢. وبالرغم من الجهود الاردنية للتقليل من الاستياء الشعبي لوجود القوات الاميركية على الارض الاردنية فإن مزيدا من هذه الرسائل التي تعبر عن سخط شعبي على نشر القوات الاميركية ستستمر على الارجح. فحتى وان دعم الاردنيون الثوار في سوريا وكانوا يأملون بنهاية سريعة للحرب التي تدور رحاها في الجوار، فهناك فقط اقلية بسيطة من سكان المملكة وصلت الى ١٢٪ حسب استطلاع بيو تنظر الى الولايات المتحدة بالعطف. وللاسف فإنه استنادا الى قلة شعبية اميركا في البلد وانتشار القوات الفضفاض وغير المحدد، فإن القوات الاميركية ستبقى مستمرة في اثارة الناس المحليين.

ويهدد تواصل الاضطربات جراء ما يجري بسوريا امن المملكة بشكل متزايد، وبصراحة فإن نشر القوات الاميركية الواضح جاء بمثابة رسالة لنظام الاسد. ففي اسوأ الحالات فإن الجنود الاميركان المرابطين بالاردن يمكن لهم مساعدة المملكة في استيعاب او التعامل مع ادارة عواقب الاسلحة الكيماوية، ومع ذلك فإن الوحدات العسكرية الاميركية ليست من دون ثمن مقابل من الملك عبدالله: فنشر القوات الاميركية سترافقه قائمة طويلة من الشكاوى المستمرة التي على الملك ان يتعامل معها ويديرها. ونظرا لهذا المصلحة فإن ارسال قوات للاردن هو الدعوة الصحيحة، لكن وجود المئات من الجنود الاميركان لن يكون بوسعها عزل الاردن عن التهديدات الرئيسة، فتهديد استقرار الاردن هو نتيجة لتردد ادارة اوباما في الموضوع السوري. واذا ما ارادت واشنطن ان تدعم الملك عبدالله وتصون عرشه فإنها ستقوم بكل شيء ممكن لتعجيل ازاحة نظام الاسد بسوريا.
تابعو الأردن 24 على google news