"عمالة الطلاب": استغلال تجاري ينتهك حق الطفل في التعليم
جو 24 : كتبت- باسمة الزيود
عمان – "العلم في الصغر كالنقش في الحجر"، حكمة تتوارثها الأجيال لتظل تنحت في الذاكرة المجتمعية دليلا قاطعا على أهمية غرس حب العلم في نفوس الأطفال ليشبوا عليه، حتى بات التعليم إلزاميا في مرحلته الأساسية.
ونحو التعليم الجيد تكثفت جهود وزارة التربية والتعليم وكافة المؤسسات الرسمية، للم شمل الطلبة وكتبهم، لتوثيق العلاقة ما بين الكتاب وحامله وإعادة تأهيل المدارس لتقدم دورها المعهود في اعداد اجيال تؤمن بالعلم رسالة ومستقبل.
والتعليم حق كفله الدستور لكل فرد في المجتمع حين أكد في مادته السادسة على ان الدولة تتكفل بضمان "العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمانينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين".
ويتفق قانون التربية والتعليم لعام 94، مع القوانين الدولية الرامية إلى التعليم الالزامي أو الاساسي، غير أن بعض العوائق ما تزال تقف حائلا دون "الاجبار" في التعليم الاساسي، من حيث عدم وجود تشريعات تفرض عقوبات على اولياء الامور الذين لا يسجلون ابنائهم في المدارس.
وفي ذلك يقول المحامي بسام الشراب انه "لا يكفي ان ينص قانون التربية والتعليم على التعليم الالزامي او الاساسي، بل لابد من وضع وتقرير ضمانات للتطبيق والالتزام بذلك، وقد ظهرت هذه الضمانات في اكثر من قانون بصورة غير مباشرة".
وأضاف أنه "على الرغم من الزامية التعليم الاساسي غير ان قانون التربية والتعليم لم ينص على عقوبات تطبق في حال ترك الطالب التعليم قبل بلوغة سن السادسة عشرة من عمره مما يترتب عليه ظهور او نشوء ظاهرة التسرب من المدرسة وانخراط هولاء الاطفال في سوق العمل".
وقال "رغم حرص الدستور الاردني وقانون التربية والتعليم على تطبيق التعليم الالزامي أو الاساسي، الا ان هناك عدد لا باس به من الطلاب، ذكورا واناثا، يتركون مقاعد الدراسة قبل بلوغهم سن السادسة عشرة من عمرهم ما يشكل مخالفة للمادة 10/ ج من قانون التربية والتعليم، وبنفس الوقت مخالفة للاتفاقيات الدولية".
وأضاف أنه "يجب العمل على تفعيل التشريعات وايقاع العقوبات بأولياء الامور اللذين لا يسجلون ابنائهم في المدرسة، حيث سبقتنا العديد من الدول في هذا المجال".
بدوره، أوضح وزير التربية والتعليم السابق الدكتور ابراهيم بدران ان القانون الأردني نص على إلزامية التعليم الأساسي لجميع الأطفال، و"هذا يعني أن على الأسرة المسؤولية الكاملة في إرسال أبنائها للمدارس حتى انتهاء المرحلة الأساسية، فإذا كان هناك تسرب مقصود من الأسرة ففي هذه الحالة فان الأسرة تتحمل المسؤولية أمام القانون".
وقال بدران انه في الأردن "يكاد التعليم الإلزامي الأساسي يغطي أكثر من من 95 بالمائة من الأطفال، وحالات التسرب ضئيلة وغالبا ما تكون مقترنة بتفكك الأسرة أو الحاجة الماسة بسبب غياب المعيل الأصلي، ولكن يمكن القول ان الالتزام بالتعليم الأساسي يحقق نجاحا كبيرا، ويعود ذلك إلى انتشار المدارس في جميع انحاء المملكة، وحتى في القرى المتناثرة البعيدة، وبالتالي ليس هناك مبرر لدى الأسرة لكي لا ترسل اطفالها إلى التعليم والمدرسة".
وشدد على ان "إلزامية التعليم تتضمن بشكل غير مباشر الجانب النوعي، بمعنى ان يكون التعليم مقترنا مع التربية وبناء شخصية الطفل، من خلال رفع مستوى المدارس وتحسين البيئة المدرسية وتأهيل المعلمين من خلال التدريب والدرورات،
والمحافظة على التواصل مابين المدرسة والاهل والمجتمع المحلي".
من جانبه، حث مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية الدكتور موسى اشتيوي على "تخصيص وحدة من الموظفين المتخصصين لكي يتلقوا الشكاوى، حول عمالة الطلاب وان يتمتع هؤلاء الموظفين بصفة قانوينة تجعلهم قادرين على تحويل بعض الحلالات التي يواجهونها الى الحكام الاداريين".
وأكد على ان وزارة العمل تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تسرب الاطفال واتجاههم الى العمل، حيث "لا يقوم مفتشو العمل بدورهم على اكمل وجه من ناحية القيام بالتفتيش على المناطق الصناعية، والتي تزدحم باعداد كبيرة من الطلاب الذين يعملون فيها".
وفي الجانب الحقوقي، قال الخبير الدولي في حقوق الانسان الدكتور محمد الموسى إن على الدولة اتخاذ كافة الإجراءات لضمان ممارسة الطفل حقه في التعلم، بما في ذلك التدخل في أولياء الأمور الذي يمنعون ابنائهم من الالتحاق بالمدارس، وتسليط الضوء على ضرورة حصول الطفل على التعليم الكامل في كل الظروف.
وأوضح الموسى أن حق الطفل في التعليم معترف فيه باتفاقيات حقوق الانسان والقانون الدولي لحقوق الانسان، مضيفاً أنه "ينبغي لنا اليوم أن نعزز تركيزنا على إنفاذ الحق في التعليم إنفاذاً فعلياً، لا سيما فيما يتعلق بالتدابير التي يتعين اتخاذها على المستوى الوطني".
واعتبر الموسى أن عمالة الأطفال تمثل "استغلالا تجاريا" ينتهك حق الطفل في التعليم، وأن انضمام الطفل لسوق العمل يقابله العديد من التبعات والأثار الصحية والنفسية والاجتماعية السلبية التي لا تنسحب فقط على الطفل، بل وعلى المجتمع بأسره، ما يمثل "خطرا مباشرا" على نوعية الحياة والتنمية البشرية.
أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين
عمان – "العلم في الصغر كالنقش في الحجر"، حكمة تتوارثها الأجيال لتظل تنحت في الذاكرة المجتمعية دليلا قاطعا على أهمية غرس حب العلم في نفوس الأطفال ليشبوا عليه، حتى بات التعليم إلزاميا في مرحلته الأساسية.
ونحو التعليم الجيد تكثفت جهود وزارة التربية والتعليم وكافة المؤسسات الرسمية، للم شمل الطلبة وكتبهم، لتوثيق العلاقة ما بين الكتاب وحامله وإعادة تأهيل المدارس لتقدم دورها المعهود في اعداد اجيال تؤمن بالعلم رسالة ومستقبل.
والتعليم حق كفله الدستور لكل فرد في المجتمع حين أكد في مادته السادسة على ان الدولة تتكفل بضمان "العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمانينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين".
ويتفق قانون التربية والتعليم لعام 94، مع القوانين الدولية الرامية إلى التعليم الالزامي أو الاساسي، غير أن بعض العوائق ما تزال تقف حائلا دون "الاجبار" في التعليم الاساسي، من حيث عدم وجود تشريعات تفرض عقوبات على اولياء الامور الذين لا يسجلون ابنائهم في المدارس.
وفي ذلك يقول المحامي بسام الشراب انه "لا يكفي ان ينص قانون التربية والتعليم على التعليم الالزامي او الاساسي، بل لابد من وضع وتقرير ضمانات للتطبيق والالتزام بذلك، وقد ظهرت هذه الضمانات في اكثر من قانون بصورة غير مباشرة".
وأضاف أنه "على الرغم من الزامية التعليم الاساسي غير ان قانون التربية والتعليم لم ينص على عقوبات تطبق في حال ترك الطالب التعليم قبل بلوغة سن السادسة عشرة من عمره مما يترتب عليه ظهور او نشوء ظاهرة التسرب من المدرسة وانخراط هولاء الاطفال في سوق العمل".
وقال "رغم حرص الدستور الاردني وقانون التربية والتعليم على تطبيق التعليم الالزامي أو الاساسي، الا ان هناك عدد لا باس به من الطلاب، ذكورا واناثا، يتركون مقاعد الدراسة قبل بلوغهم سن السادسة عشرة من عمرهم ما يشكل مخالفة للمادة 10/ ج من قانون التربية والتعليم، وبنفس الوقت مخالفة للاتفاقيات الدولية".
وأضاف أنه "يجب العمل على تفعيل التشريعات وايقاع العقوبات بأولياء الامور اللذين لا يسجلون ابنائهم في المدرسة، حيث سبقتنا العديد من الدول في هذا المجال".
بدوره، أوضح وزير التربية والتعليم السابق الدكتور ابراهيم بدران ان القانون الأردني نص على إلزامية التعليم الأساسي لجميع الأطفال، و"هذا يعني أن على الأسرة المسؤولية الكاملة في إرسال أبنائها للمدارس حتى انتهاء المرحلة الأساسية، فإذا كان هناك تسرب مقصود من الأسرة ففي هذه الحالة فان الأسرة تتحمل المسؤولية أمام القانون".
وقال بدران انه في الأردن "يكاد التعليم الإلزامي الأساسي يغطي أكثر من من 95 بالمائة من الأطفال، وحالات التسرب ضئيلة وغالبا ما تكون مقترنة بتفكك الأسرة أو الحاجة الماسة بسبب غياب المعيل الأصلي، ولكن يمكن القول ان الالتزام بالتعليم الأساسي يحقق نجاحا كبيرا، ويعود ذلك إلى انتشار المدارس في جميع انحاء المملكة، وحتى في القرى المتناثرة البعيدة، وبالتالي ليس هناك مبرر لدى الأسرة لكي لا ترسل اطفالها إلى التعليم والمدرسة".
وشدد على ان "إلزامية التعليم تتضمن بشكل غير مباشر الجانب النوعي، بمعنى ان يكون التعليم مقترنا مع التربية وبناء شخصية الطفل، من خلال رفع مستوى المدارس وتحسين البيئة المدرسية وتأهيل المعلمين من خلال التدريب والدرورات،
والمحافظة على التواصل مابين المدرسة والاهل والمجتمع المحلي".
من جانبه، حث مدير مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية الدكتور موسى اشتيوي على "تخصيص وحدة من الموظفين المتخصصين لكي يتلقوا الشكاوى، حول عمالة الطلاب وان يتمتع هؤلاء الموظفين بصفة قانوينة تجعلهم قادرين على تحويل بعض الحلالات التي يواجهونها الى الحكام الاداريين".
وأكد على ان وزارة العمل تتحمل جزءا كبيرا من مسؤولية تسرب الاطفال واتجاههم الى العمل، حيث "لا يقوم مفتشو العمل بدورهم على اكمل وجه من ناحية القيام بالتفتيش على المناطق الصناعية، والتي تزدحم باعداد كبيرة من الطلاب الذين يعملون فيها".
وفي الجانب الحقوقي، قال الخبير الدولي في حقوق الانسان الدكتور محمد الموسى إن على الدولة اتخاذ كافة الإجراءات لضمان ممارسة الطفل حقه في التعلم، بما في ذلك التدخل في أولياء الأمور الذي يمنعون ابنائهم من الالتحاق بالمدارس، وتسليط الضوء على ضرورة حصول الطفل على التعليم الكامل في كل الظروف.
وأوضح الموسى أن حق الطفل في التعليم معترف فيه باتفاقيات حقوق الانسان والقانون الدولي لحقوق الانسان، مضيفاً أنه "ينبغي لنا اليوم أن نعزز تركيزنا على إنفاذ الحق في التعليم إنفاذاً فعلياً، لا سيما فيما يتعلق بالتدابير التي يتعين اتخاذها على المستوى الوطني".
واعتبر الموسى أن عمالة الأطفال تمثل "استغلالا تجاريا" ينتهك حق الطفل في التعليم، وأن انضمام الطفل لسوق العمل يقابله العديد من التبعات والأثار الصحية والنفسية والاجتماعية السلبية التي لا تنسحب فقط على الطفل، بل وعلى المجتمع بأسره، ما يمثل "خطرا مباشرا" على نوعية الحياة والتنمية البشرية.
أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين