"التجمع الحرّ".. فشل تجربة فتنها الغزل الملكي بالديمقراطيّة
جو 24 : تامر خرمه- رغم ما يشاع بأن أهل مكّة أدرى بشعابها، إلاّ أنّ المتفائلين من أهل السياسة تاهوا عن شعاب النمط الذي ألفته دوائر صنع القرار الأردني، بعد أن أغوتهم الوعود الملكيّة بالإصلاح وأوصلهم الحديث حول المستقبل الأردني والدولة المدنيّة والحكومات البرلمانيّة إلى مساحة خياليّة يمكن للحلم فيها ان يتماهى مع كلّ شيء، إلا مع أرض الواقع.
وزراء سابقون ومسؤولون تدرّجوا في مناصب الدولة ومواقع صنع القرار، فتنتهم عبارات الغزل بالديمقراطيّة والحزبيّة وسحرتهم الصورة الحالمة لمشهد سياسيّ مغاير لمشهد النمط الأبويّ للدولة التي خدموا فيها سنوات طويلة، فتصوّروا أن الحديث المنمّق عن التحوّل الديمقراطي سيقود حقّاً إلى تجاوز مربّع المخترة وتعيين الولاة إلى مرحلة يمكن الحديث فيها عن الدولة المدنيّة بكلّ ما يعنيه هذا المفهوم الحداثي من حكم المؤسّسات والتداول السلمي للسلطة.
رجال فُتنوا بالوعود الملكيّة فبادروا إلى محاولة تأسيس حزب سياسي ينقلهم إلى العمل الجماعي المؤسّسي، فجاءت فكرة تأسيس "التجمّع الحرّ".. ورغم ارتباطهم التاريخي والفكري بالنظام، ورغم عدم طرح فكرة الحزب من منطلق المعارضة واقتصارها على محاولة مأسسة العمل السياسي، إلاّ أن دائرة المخابرات العامّة أصرّت على تقويض هذه التجربة عبر مختلف الطرق والوسائل التي يعلمها كلّ الأردنيّين.
الأذرع الأمنيّة للنظام مازالت تتعامل مع أيّ مشروع سياسيّ حقيقيّ بحساسيّة مفرطة، حتّى وإن كان أبناء هذا المشروع "من عظام الرقبة" كما يُقال، فقبل إحباط مشروع "التجمّع الحرّ" قام المركز الامني بإحباط تجربة التيّار الوطني، حيث أن مغادرة واقع الدولة البطريركيّة التي يكرّس فيها "العسس" موناركيّة الوالي، هي فكرة مرعبة بالنسبة للمطبخ السياسي الأردني الذي مازال يتحدّث عن التحوّل الديمقراطي بلغة منمّقة لا ترنو سوى الى استحسان الغرب !
في نهاية الأمر، فإن تجربة "التجمّع الحرّ" فشلت تماماً بعد أن قدّم 27 مؤسّساً استقالاتهم في وزارة الداخليّة، وذلك قبل اجتماع اللجنة المختصّة بأيّام للبتّ بترخيص الحزب، ليصبح عدد المؤسّسين 498 مؤسّساً في حين أن قانون الأحزاب يشترط وجود 500 مؤسّس كحدّ أدنى.
ومن الواضح أنّ مركز صناعة القرار غير معني بإنجاح أيّة تجربة حزبيّة، فكلّ ما يريده هو محض موظّفين يتقنون الحديث المنمّق حول الديمقراطيّة، في ذات الوقت الذي يتلقفون فيه القرارات والتوجيهات العليا ويطبّقونها بحذافيرها، ومن البديهي أن تُجهَض محاولة تأسيس حزب سياسي بادر إليها من قام بمقاطعة الانتخابات النيابيّة ورفض أن يروّج لها، احتجاجا على قانون الانتخاب البدائي.
اللّعبة التي يُمارسها المركز الأمنيّ باتت مكشوفة لدرجة سمجة، حيث يسعى الى تكريس ثنائيّة السلطة والإسلاميّين كمحدّد للواقع السياسي الأردني، رافضا أيّة تجربة حزبيّة تدفع الأمور إلى خارج حدود هذه الثنائيّة، حتّى وإن بادرت "عظام الرقبة" إلى مثل هذه التجارب المرفوضة تماماً بالنسبة لدابوق والجدويل على حدّ سواء، فإمّا ان تكون موظفا في السلطة متفانيا في ترجمة القرارات، أو أنّك في صف "الاخوان المسلمين"، ولا مكان خارج هذين القطبين لأي سياسي أردني.. هي نظرة تختزل القرار الرسمي بكامل تفاصيله.
وزراء سابقون ومسؤولون تدرّجوا في مناصب الدولة ومواقع صنع القرار، فتنتهم عبارات الغزل بالديمقراطيّة والحزبيّة وسحرتهم الصورة الحالمة لمشهد سياسيّ مغاير لمشهد النمط الأبويّ للدولة التي خدموا فيها سنوات طويلة، فتصوّروا أن الحديث المنمّق عن التحوّل الديمقراطي سيقود حقّاً إلى تجاوز مربّع المخترة وتعيين الولاة إلى مرحلة يمكن الحديث فيها عن الدولة المدنيّة بكلّ ما يعنيه هذا المفهوم الحداثي من حكم المؤسّسات والتداول السلمي للسلطة.
رجال فُتنوا بالوعود الملكيّة فبادروا إلى محاولة تأسيس حزب سياسي ينقلهم إلى العمل الجماعي المؤسّسي، فجاءت فكرة تأسيس "التجمّع الحرّ".. ورغم ارتباطهم التاريخي والفكري بالنظام، ورغم عدم طرح فكرة الحزب من منطلق المعارضة واقتصارها على محاولة مأسسة العمل السياسي، إلاّ أن دائرة المخابرات العامّة أصرّت على تقويض هذه التجربة عبر مختلف الطرق والوسائل التي يعلمها كلّ الأردنيّين.
الأذرع الأمنيّة للنظام مازالت تتعامل مع أيّ مشروع سياسيّ حقيقيّ بحساسيّة مفرطة، حتّى وإن كان أبناء هذا المشروع "من عظام الرقبة" كما يُقال، فقبل إحباط مشروع "التجمّع الحرّ" قام المركز الامني بإحباط تجربة التيّار الوطني، حيث أن مغادرة واقع الدولة البطريركيّة التي يكرّس فيها "العسس" موناركيّة الوالي، هي فكرة مرعبة بالنسبة للمطبخ السياسي الأردني الذي مازال يتحدّث عن التحوّل الديمقراطي بلغة منمّقة لا ترنو سوى الى استحسان الغرب !
في نهاية الأمر، فإن تجربة "التجمّع الحرّ" فشلت تماماً بعد أن قدّم 27 مؤسّساً استقالاتهم في وزارة الداخليّة، وذلك قبل اجتماع اللجنة المختصّة بأيّام للبتّ بترخيص الحزب، ليصبح عدد المؤسّسين 498 مؤسّساً في حين أن قانون الأحزاب يشترط وجود 500 مؤسّس كحدّ أدنى.
ومن الواضح أنّ مركز صناعة القرار غير معني بإنجاح أيّة تجربة حزبيّة، فكلّ ما يريده هو محض موظّفين يتقنون الحديث المنمّق حول الديمقراطيّة، في ذات الوقت الذي يتلقفون فيه القرارات والتوجيهات العليا ويطبّقونها بحذافيرها، ومن البديهي أن تُجهَض محاولة تأسيس حزب سياسي بادر إليها من قام بمقاطعة الانتخابات النيابيّة ورفض أن يروّج لها، احتجاجا على قانون الانتخاب البدائي.
اللّعبة التي يُمارسها المركز الأمنيّ باتت مكشوفة لدرجة سمجة، حيث يسعى الى تكريس ثنائيّة السلطة والإسلاميّين كمحدّد للواقع السياسي الأردني، رافضا أيّة تجربة حزبيّة تدفع الأمور إلى خارج حدود هذه الثنائيّة، حتّى وإن بادرت "عظام الرقبة" إلى مثل هذه التجارب المرفوضة تماماً بالنسبة لدابوق والجدويل على حدّ سواء، فإمّا ان تكون موظفا في السلطة متفانيا في ترجمة القرارات، أو أنّك في صف "الاخوان المسلمين"، ولا مكان خارج هذين القطبين لأي سياسي أردني.. هي نظرة تختزل القرار الرسمي بكامل تفاصيله.