لماذا يتشبث بك طفلك طوال الوقت؟ تعرفي على قلق الانفصال عند الصغار
جو 24 :
يعتمد الطفل على والديه اعتمادا كاملا في مراحل الطفولة المبكرة، وعند انتقال الرضيع إلى مرحلة المشي ليصبح أكثر وعيا بما يحيط به، يبدأ في أول خطوات الاستقلال ولكنه ما زال غير مستعد للانفصال التام، ولذلك عندما يبعد الطفل عن والدته لبعض الوقت، قد يشعر بحاجة قوية للعودة لها حيث يجد الأمان والألفة.
ولكن عندما تصبح وقت وداع الطفل مليئا بالصراخ والخوف الشديدين عند تركه في أي مكان سواء في الروضة (الحضانة) أو بيت الجدة أو حتى في بيته مع المربية، مع ظهور أعراض قلق وخوف شديدة عند الانفصال عن والديه، حينها قد يكون الطفل يعاني من اضطراب قلق الانفصال (Separation Anxiety Disorder).
قلق الانفصال
يشير قلق الانفصال إلى الخوف المفرط من الانفصال عن المنزل أو الأشخاص المتعلق بهم، ويعتبر القلق من الانفصال مرحلة طبيعية في نمو الرضيع، حيث يساعد الأطفال على فهم العلاقات والاندماج مع البيئة المحيطة بهم، وينتشر بين الأطفال خاصة بين سن 8 و18 شهرا.
فلا يستطيع الطفل في هذا السن إدراك مفهوم الوقت بعد، وعند تركه في الغرفة لبضع دقائق أو في المنزل مع المربية لبعض الساعات، لا يشعر الطفل بالوقت كما نشعر به نحن، فيصبح أمر تركه مخيفا جدا له، خاصة وأن الصغار يعتقدون أن بقاءهم على قيد الحياة يعتمد على وجود من يقدم لهم الرعاية بالقرب منهم.
ولا يعني ذلك اعتماد الطفل على والديه، إذ تقول الأستاذة المساعدة في علم النفس بولاية فلوريدا الأميركية ميراندا ويلسون لموقع بارنتس (Parents) "من المفارقات أن القلق يمكن أن يكون علامة على زيادة استقلال الطفل، إذ لدى الطفل رأيه الخاص في الموقف، وهو أن والديه لا ينبغي أن يغادرا، وقد يريد ممارسة السيطرة".
ووفقا للدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية "دي إس إم" (DSM)، تظهر أعراض قلق الانفصال عند 4% من الأطفال، ولدى 1.6% من المراهقين، مما يجعله اضطراب القلق الأكثر انتشارا بين الأطفال تحت سن 12 عاما.
وعادة ما ينتهي الأمر في عمر السنتين عندما يبدأ الصغار في فهم أن أحد الوالدين قد يكون بعيدا عن الأنظار الآن ولكنه سيعود لاحقا، ومع ذلك فإن ما يميز الاضطراب هو شعور الطفل بخوف وقلق مفرط من الانفصال، ولا يتناسب هذا الخوف مع هذه المرحلة العمرية ونمو الطفل.
ويقل تأثير قلق الانفصال مع تقدم عمر الطفل، ولكن قد تعود مشاعر مماثلة لفترات زمنية قصيرة لأسباب أخرى، إذ يقول الدكتور بويد سواسون لموقع بارنتس إنه "عندما يمرض الأطفال أو عند شعورهم بالتوتر أو الخوف الشديد، قد يثير ذلك لديهم قلق الانفصال مرة أخرى".
أعراض قلق الانفصال
هناك فارق كبير بين بكاء الطفل الطبيعي كل صباح عند الذهاب إلى الروضة، وبين أعراض اضطراب القلق التي يجب الانتباه لها والتي تبدأ عادة عندما تغادر الأم، مثل البكاء الشديد والصراخ، أو الغرق في نوبة غضب، أو رفض التعامل مع من يقدم له الرعاية، أو الإمساك بقوة بجسم والدته أو ملابسها، في محاولة لإقناعها بعدم المغادرة.
وقد تظهر عليه أيضا علامات الخوف والقلق عندما تكون الأم في غرفة أخرى، أو عندما يترك بمفرده وقت النوم.
ويمكن أن يتفاقم الأمر إلى ظهور أعراض مثل القيء أو القلق المستمر، خاصة عندما تكون بيئة الطفل مشحونة بالتوتر جراء نزاعات بين الوالدين أو طلاق أو أي سبب آخر، ويجب التواصل مع الطبيب الخاص للطفل عند حدوث ذلك.
كيف تساعدين طفلك؟
إليك بعض النصائح لتخفيف أعراض قلق الانفصال:
تأكيد مشاعر الأمان للطفل من خلال منحه الكثير من الحب والاهتمام، إذ يمكن التواصل مع الصغار بشكل أسهل عندما يتلقون الاهتمام والعاطفة اللازمين.
الانتباه للطفل في التجمعات الكبيرة، وتجنب دفعه للتفاعل بعيدا عنك، وعند ذهابه للعب مع الأطفال يفضل أن يوجد في مكان داخل دائرتك حتى يتمكن من العثور عليك عندما يريد، أو يشعر بالاطمئنان لوجودك حوله حتى وإن ابتعدت عنه لمسافة قريبة.
تدريب الطفل على الانفصال الصغير داخل المنزل، إذ يمكن للأم الذهاب لغرفة أخرى مع التحدث للطفل، وعندنا تعود يمكنها قول "أنا هنا، لقد عدت إليك"، وذلك لتعريف الطفل أن اختفاء والديه هو شيء موقت فقط ولا داعي للذعر.
احذري التسلل دون إدراك الطفل عند مغادرة المنزل، حتى وإن بدا ذلك أسهل من التحدث له ووداعه، لأن ذلك يزيد الأمر تعقيدا لدى الصغير.
اجعلي وقت الوداع قصيرا، ويحذر الطبيب النفسي المختص في علم نفس الأطفال فينسينت بارون من التصرف بقلق عند ترك الطفل أو العودة لعناقه كثيرا، فقد يعتقد أن هناك شيئا يستدعي القلق.
يعتبر قلق الانفصال مرحلة طبيعية في نمو الأطفال، بل قد يكون مؤشرا إيجابيا على وجود تعلق صحي بين الطفل والدته فلا داعي للقلق، حيث تخف حدة الأمر مع مرور الوقت.
المصدر : مواقع إلكترونية