بيدرو جونزاليس لوبيز.. مولد نجم
جو 24 :
"ليس بالسهولة أن تتألق بهذا الشكل في مباراة بدوري أبطال أوروبا خارج ملعبك، خاصة حينما تواجه يوفنتوس"، هكذا كانت معظم التعليقات بعد مستوى بيدرو جونزاليس لوبيز، أو "بيدري” كما يُعرف، خلال مباراة فريقه برشلونة أمام بطل إيطاليا في تورينو، ليقدم أداء واثقًا ويحصل على جائزة نجم اللقاء وفق إذاعة راديو كتالونيا، نظرًا لمستواه الجيد وأرقامه المميزة، ومساهمته في الدفاع والهجوم على حد سواء، في خطة 4-2-3-1 للمدرب الهولندي رونالد كومان.
راهن رونالد كومان كعادته على رسم 4-2-3-1، لكن مع تعديلات محورية في الخطة هذه المرة، بوضع ليونيل ميسي كمهاجم وهمي وخلفه أنطوان جريزمان في مركزه المفضل كمهاجم إضافي في العمق وليس على الطرف، مع البدء بعثمان ديمبلي يمينًا وخلفه روبرتو للتغطية، وفي العمق بيانيتش وفرينكي دي يونج، بينما تحول بيدري إلى اليسار كجناح على الخط أمام الظهير جوردي ألبا.
حسنًا فعل كومان لسبب وجيه، حيث أنه توقع ضغط يوفنتوس وهجومه، مع جرأة أندريا بيرلو في البدء بكييزا وديبالا وموراتا دفعة واحدة، وفي الوسط كل من رودريجو بنتانكور وأدريان رابيو، لذلك فإن مدرب البارسا حاول خلق الكثافة العددية في وبين الخطوط بإضافة بيدري، الذي تواجد كنصف جناح بالتبادل مع جوردي ألبا، ونصف لاعب وسط إضافي في العمق رفقة فرينكي دي يونج وميراليم بيانيتش، مما جعله يتفوق على لاعبي يوفنتوس بسهولة، لكونه مميزًا للغاية في الحركة بين الخطوط.
فتح ديمبلي الملعب على اليمين عرضيًا وتمت حمايته بواسطة سيرجي روبرتو، لذلك فإن البارسا عرف ينقل اللعب من جهة لأخرى، سواء بمراوغات ديمبلي ثم لعبه الكرة سريعًا نحو ميسي في العمق، أو ثنائية ميسي وبيدري على اليسار، التي خلقت الفراغ لاستلام ديمبلي على اليمين، كلقطة الهدف الأول في بداية المباراة. المهم أن هذه الخلطة التي أوجدها كومان تفوقت على قلة خبرات بيرلو، واندفاعه الهجومي دون سيطرته على منطقة المناورات بالوسط.
يملك بيدري كل مقومات النجاح في برشلونة، بدرجة أكبر من بعض الأسماء الأخرى مثل فيليب كوتينيو وجريزمان، على سبيل المثال.
كيف تستخدم رأسك، جسمك، وعينيك، من أجل التحكم بالكرة في أضيق الفراغات، لا أن تراوغ فقط بأقدامك كما يفعل البقية. كوتينيو على سبيل المثال ضعيف في هذه الأساسيات، ياخد وقت كبير في الحركة، لأنه يستخدم قدمه فقط في المراوغة والتمرير والبناء، وهذا شيء ناقص في برشلونة وفي بطولة مثل الليجا.
على النقيض تمامًا بيدري، لاعب تأسس بشكل صحيح وأكاديمي، لديه الأساسيات المطلوبة، في استخدامه لجسده، حركته، نظرته قبل الاستلام، دورانه بالكرة، وقوفه في المكان الصحيح، أن يفكر ويتخيل اللعبة قبل حتى أن تصل إليه الكرة.. هذه باختصار شديد مباديء وقواعد اللعبة في نادي مثل البارسا.
ليس بالضرورة أن تتواجد هذه الصفات في كل لاعب كبير، ولا يقلل عدم تواجدها من قيمته أو مشواره أو حتى مستقبله، لكنها مهمة للغاية إذا أراد التألق والتأقلم والتكيف في وسط برشلونة، سواء كلاعب هجومي أو 8 أو حتى جناح بين الخط والعمق كما فعل بيدري في مباراة يوفنتوس، حيث أنه أدى وظيفة الجناح، ولعب في مباراة أخرى بالمركز 10 كصانع لعب صريح في العمق، مثل لقاء خيتافي بالليجا.
يتحرك بيدري دائمًا في الفراغ، ويخلق لنفسه مساحة واضحة للتمرير والاستلام دون مشاكل، وهذا ما يجعله مميزًا مقارنة بأسماء أخرى مثل ديمبلي حتى، الفرنسي الذي يراوغ ويركض لكنه لا يتخذ قراره بشكل سريع، ولا يتخيل الهجمة قبل أن تبدأ، عكس زميله الإسباني الصغير الذي يعرف بالضبط ماذا يريد حتى قبل أن تصله الكرة، ويتحرك في وبين الخطوط، سواء في العمق عند صعود ميسي إلى الأمام كمهاجم، فاتحًا الطريق أمام ألبا على الخط، أو يتحول إلى الطرف كجناح حقيقي، عند تواجد جريزمان وميسي في المركز 10 و9 بالمركز. المهم أنه يقرأ المباراة بشكل صحيح، ويوظف نفسه حسب تمركز زملائه وتموضع لاعبي المنافس أيضًا.
في مباراة يوفنتوس على سبيل المثال، لم يتفوق فقط بيدري بالكرة كما رأي الجميع، لكنه كان مميزًا أيضًا من دونها، في إغلاقه زوايا التمرير أمام حاملها، عودته للتغطية أمام ألبا، إغلاقه الطريق أمام صعود خوان كوادرادو على الخط، مستفيدًا من سرعته ولياقته البدنية التي تسمح له بالتفوق على منافسيه رغم صغر سنه، لذلك فإن بيدري كان خيارًا مثاليًا بالنسبة لكومان، رغم عدم ظهوره بمستوى كبير في الكلاسيكو، لأنه لعب على اليمين بعيدًا عن مركزه الأصلي، سواء في العمق أو يسارًا.
بالتأكيد ليس من المنطقي إطلاق أحكام مبكرة حول نجاح أي لاعب أو فشله، لكن قياسًا بما قدمه بيدري مع لاس بالماس سابقًا، ورفقة البارسا في دقائق هذا الموسم، فإن هذا اللاعب يمكنه التطور بشكل أفضل، إذا حصل على دقائق أكثر وابتعدت عنه الإصابات، حتى يقدم نفسه كأحد نجوم برشلونة في بطولة الليجا أو دوري الأبطال خلال السنوات القادمة.
سبورت360