"إيميلي في باريس".. المسلسل الذي أحبه الجميع وكرهه الفرنسيون
حظي مسلسل نتفليكس الجديد "إيميلي في باريس" (Emily in Paris) بعدد ضخم من المشاهدات ليصبح الأعلى مشاهدة على المنصة سواء في الدول العربية أو الأجنبية، فالعمل ينتمي لفئة الدراما التي تجمع بين الكوميديا والرومانسية، والتي يبحث عنها الكثيرون ويجدون فيها متنفسا لهم بعيدا عن ضغوط الواقع.
زاد من الإقبال على المسلسل، أولا كون مؤلفه هو دارين ستار صاحب أحد أشهر دراما التسعينيات النسائية، مسلسل "الجنس والمدينة" (Sex and the City) الذي امتد على مدار 6 مواسم وفاز بـ8 جوائز غولدن غلوب حتى أن صناعه استغلوا نجاحه واستكملوا أحداثه عبر فيلمين سينمائيين. وثانيا، معرفة أن قصته تدور في العاصمة الفرنسية، وهو ما منَّى المشاهدين بصور جميلة وجذابة لأشهر معالم باريس في الخلفية.
إيميلي في باريس
المسلسل الأميركي، من الأعمال الأصلية لشبكة نتفليكس، صدر عنه موسمه الأول المكون من 10 حلقات في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. فيما أخرجه أندرو فليمينغ، وأسندت بطولته إلى كل من ليلي كولينز، وكات والش، ولوكاس برافو، وآشلي بارك، وفيليبين لوروا بوليو.
أما حبكة العمل فتمحورت حول شابة عشرينية أميركية يتم اختيارها في آخر لحظة للانتقال إلى باريس -بدلا من رئيستها التي اكتشفت حملها لتوها- وذلك من أجل العمل في فرع جديد اشترته شركة الإعلان التي تعمل لديها. على أن تكون مهمتها تعريف العاملين بالمقر الفرنسي على المنظور الأميركي اللازم للتسويق، والذي سيضمن لهم الوصول لقطاع أكبر من الجمهور وبالتالي العملاء.
مما يدخلها في صراع دائم مع مديرتها، في ظل شعورها الدائم بالوحدة والغربة، لتصبح منشوراتها على الإنستغرام هي تسليتها الوحيدة، وسط محاولاتها المستمرة لكسب ود الجميع وإثبات براعة أفكارها التسويقية وجدارتها بالاتباع.
الوقوع في فخ التنميط
بالرغم من أن العمل حقق نجاحا على المستوى الجماهيري باعتباره عملا خفيفا يهدف لإبهاج المشاهدين، ومنحهم الفرصة لتصفية أدمغتهم دون الضغط عليهم بأي أفكار فلسفية أو مشاعر قوية هم في غنى عنها؛ إلا أنه لاقى هجوما ليس بهين سواء من النقاد أو الفرنسيين.
العنصرية والعنصرية المضادة
لم يعكس المسلسل سوى الصورة النمطية المأخوذة عن الشعب الفرنسي، سواء بكونه منغلقا على نفسه وثقافته، أو أنه متغطرس ولا يميل للتحدث بغير لغته، فيما ينصب اهتمامه الأكبر على التدخين والنبيذ وممارسة الجنس، بالإضافة للترويج لباريس باعتبارها مدينة منظمة ونظيفة وجذابة طوال الوقت.
وهي الفكرة التي لا يعتنقها إلا السائحون وصناع الأفلام الأميركية، إذ وفقا لاعتراف الفرنسيين أنفسهم باريس مثلها مثل باقي المدن، لها وجه قبيح.
هذا التسطيح المُخِل أثار غضب الفرنسيين، وفي حين شعر البعض بالحنق، جاء رد فعل آخرين ساخرا من الثقافة الأميركية، التي حاول صناع المسلسل الترويج لها باعتبارها الأفضل والأكثر عصرية وطزاجة، فما كان منهم سوى تقديم عمل أظهر الفارق الحقيقي بين الثقافتين الأميركية والفرنسية، بشكل جاء في صالح الفرنسيين.
فبطلة العمل، وإن كانت طموحة ومثابرة وقادرة على الوقوف بوجه كل من يرفضها وتحديهم، إيمانا منها بموهبتها ومهاراتها العملية؛ إلا أنها على مستوى المسؤولية والثقافة بدت ضحلة، فرغم طول فترة عملها وأهمية تعلمها للفرنسية؛ إلا أنها سرعان ما أجهضت خطتها واكتفت باعتمادها على تحدث الآخرين بالإنجليزية.
أما على مستوى العمل، فمع كل أفكارها المبتكرة، التي كللت بالنجاح في أغلب الأحوال بشكل بدا مبالغا فيه؛ إلا أنها كانت تتعامل مع الأمر بشيء من السذاجة والاستخفاف، دون استشارة مرؤوسيها أو الاهتمام بالعواقب.
الطريف أن تلك الصورة توافق بالضبط القالب الذي يضع به الفرنسيون الأميركيين، باعتبارهم شعبا غير مثقف وساذجا واستهلاكيا، وهو ما يضعنا أمام تساؤل يطرح نفسه، لماذا غضب الفرنسيون من الصورة النمطية والعنصرية التي ظهروا خلالها بالمسلسل، إذا ما كانوا يتعاملون بالمثل مع الآخرين؟
"إيميلي في باريس" مسلسل مناسب للمشاهدة من قبل الباحثين عن عمل بسيط وطريف يستعرض بعض الدراما والكثير من العلاقات الرومانسية، مع خلفية من المناظر الطبيعية الخلابة والكثير من الأزياء الجميلة والمميزة. أما إذا كنتم تبحثون عن مسلسل عميق يطرح أفكارا مثيرة للاهتمام، فلا تضيعوا وقتكم واختاروا عملا آخر.