لا تشاهدوا هذه المسلسلات!!
كثرة المسلسلات في رمضان لا تعني انها جميعاً أهلٌ للمتابعة. اذا كان بعضها قيمة درامية أو كوميدية، فإن بعضها الآخر جدير بالطرد من الشاشة. في الآتي مسلسلان ننصح بمشاهدتهما، وآخران برأينا، دون المستوى المقبول، ومن المفيد ربما الاستغناء عن مشاهدتهما، خدمة للوقت أولاً، وحرصاً على ذوق المُشاهد المراد تدميره.
شاهد: "سنعود بعد قليل"
من أكثر المسلسلات الدرامية السورية انخراطاً بواقع ليس حكراً على المال والحب والخيانة. نتابعه باحترام وشغف. تجري حوادثه ما بين لبنان وسوريا، حيث الحرب واللجوء وتداعياتهما، والحلم حين يتحوّل كابوساً مرعباً. المعضلة الكبرى في الرأس تتفاعل: نظام أم ثورة؟
يجمع العمل (تأليف رافي وهبي واخراج الليث حجو) وجوهاً أُعطي لكل منها مسار مؤلم. دريد لحام في سوريا، يكابر كي لا يتحول لاجئاً، فيما عائلته في بيروت هرباً من موت مؤجل. ولكن اللجوء في نهاية الأمر ضرورة تحتّمها غريزة البقاء وسط الكمّ الهائل من الجثث. نترقّب وصوله الى لبنان ليصبح فرداً من عائلة تتهاوى.
نرى الأفراد منقسمين ما بين جسد يحاول الاندماج في المكان والهروب من الهامش الى الوسط، وقلب تُرك في سوريا. هناك حيث الذاكرة والرغبات والحنين والوجع. لعله مبرر لقضاء بعض الشخوص (سلافة معمار في دور لينا مثلاً)، ساعات طويلة تصغي الى نشرات الأخبار، أو التمسّك بـ"فايسبوك" الذي أمسى تعويضاً عن نقص فادح، وصلةً ببشر جعلتهم الحرب مشاريع أموات.
شاهد: "حدود شقيقة"
كوميديا خفيفة، وإنما هادفة (اخراج أسامة شهاب الحمد). في قرية لم يعتد سكانها الاكثار من الأحلام، تجري الحوادث. نراقب التفاصيل الصغيرة كيف ترمز الى شؤون الانسان الكبرى والمطالب الوطنية، أهمها وأكثرها سوريالية: الحرية.
المختار هو الرأس الحاكم، والآمر الذي تخافه الرعية. ولكننا سرعان ما نكتشف أصابع أعوانه ومساعديه (الأقرب اليه شخص واحد) في قراراته المصيرية التي تخصّ الشعب. كأن يُنصح مختار أم النار (باسم ياخور) بأن يستقبل وفداً من القرية لمحاورته في شأن قوارير الغاز بعدما كادت الحاجة إليها تولّد احتجاجات غير منضبطة.
وهناك أيضاً مختار أم النور (غبريال يمين)، الذي لم يسعفه الحظ ليحظى بامتيازات منافسه اللدود، مختار أم النار. المواقف مضحكة، فيها من "اللطشات" ما يجعلنا نفكر. مهمٌ جداً ألا تكون الضحكة عابرة كبعض ما نراه على الشاشة. ثم نجد ان لكل همومه. نظن لوهلة بأنها لا تعنينا، لنكتشف مع المزيد من الحلقات بأن القضايا الكبرى تحرّكها التفاصيل الصغيرة.
لا تشاهد: "العشق المجنون"
اذا كان التسرّع بالحكم على الأشياء عادة سيئة، فإنه لا بأس بالتعبير عما يتركه الانطباع الأول فينا. تمرّ الحلقات من المسلسل الدرامي اللبناني، "العشق المجنون" (كتابة زهير أحمد قنوع واخراجه، وانتاج "مروى غروب") من دون تطورات. وما قد يراه المُشاهد تطورات هو بمثابة خطى سلحفاة بطيئة.
الشيف حبيب (باسم مغنية) يرى ياسمين (داليدا خليل) في أحلامه، ولكنه يُغرم في جود (ريتا حرب)، زميلته في العمل. قصص الحب في المسلسل باهتة. لم نشعر بلمسة اليد، ولم تترك فينا لغة العيون رغبة بأن نُغرم.
علاقة داليدا الرسامة بحبيبها جاد (جان دكاش) قد تنتهي الليلة، إذ تضبطه خائناً. وهو الذي يعيش من الكذب والاحتيال وما تيسّر من أموال النساء. لا جديد تحت الشمس مرة أخرى. عسى ان تحمل الحلقات المقبلة تطورات حقيقية، بدءاً بشخصية جواد (يوسف حداد) التي لا تزال محاطة بالغموض (وإن كان من النوع الذي لا يثير الكثير من الفضول)، الى العلاقات العاطفية التي ينبغي ألا تظلّ مملة.
لا تشاهد: "صبايا 5"
اذا أردتم تسطيح الحياة وافراغها من معانيها، شاهدوا المسلسل الذي يصنّف نفسه كوميديا وهو أقرب من سخافات الشاشة الى أي تسمية أخرى. بطلاته صبايا من مختلف البلدان العربية (تنوّع اللهجات يضيف اليه شيئاً، من دون ان يجعل النصّ غنياً)، غير مقنعات بـ"القضايا" التي يحملن.
استئجار الفنانة ميديا (جيني اسبر) لشقة في بيروت يقرّبها من الصبايا جاراتها (نادين ويلسون نجيم في دور ياسمين وستيفاني سالم، شقيقتها في دور كارلا)، فتقرر لاحقاً الافادة من يومياتها معهن في مجالها الفني.
ما يشبه الفكرة لا يبدو سيئاً، وإنما التنفيذ متعب للأعصاب (اخراج محمود الدوايمة). الأولوية دائماً للوك من ألفه الى يائه، والمكياج الذي لا يفارق الوجه. نجد المرآة همّ كل شابة، و"البرستيج" غاية الحياة وسبب كافٍ للاستمرار فيها. حسناً، قد يُقال بأن بعضهن هكذا، وان الكوميديا أيضاً انعكاس للواقع مع شيء من اللمسات الكاريكاتيورية المضخّمة. هذا صحيح، وإنما ليس على طريقة "الصبايا" التي لم تتخط الصورة النمطية، لا بل زادتها تفاهة.
(النهار)