أطفال "السكري".. تحايل على ثقل الأيام في اليوم العالمي للتوعية بالمرض
جو 24 :
كتبت أم منشورا على إحدى مجموعات فيسبوك لدعم الأطفال من مرضى السكري، سألت فيه "هل يعالج مغلي ورق الزيتون مرض السكري؟".
سؤال يبدو ساذجا، وأحيانا يثير مخاوف على صحة الطفل المريض، لكنه يعبّر عن قلة الحيلة؛ فلا توجد حاليا طريقة معروفة للوقاية من مرض السكري من النوع الأول، ولا علاج للمرض بنوعيه المزمنين.
الوباء الحلو قاتل
يتعايش 463 مليون شخص مع مرض السكري، وفق آخر إحصائية لعام 2019، وما يقدر بنحو 85% من جميع التشخيصات من النوع الأول تحدث عند الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 20 عاما، بداية من طفولتهم وحتى سن البلوغ. ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم بحلول عام 2030 إلى 578 مليون مريض، حتى يصبح السكري سابع عامل مسبب للوفاة، وهؤلاء هم فقط من يعرفون بمرضهم، فبين كل شخصين مصابين بالسكري هناك شخص لا يعرف بذلك.
يطلق الأطباء على مرض السكري لقب صديق الإنسان، فإنْ أحسن معاملته وواظب على الأدوية وحافظ على مستواه في الدم، فلن يعاني من مضاعفات، ولكن في حال إهماله بمرور الوقت قد يتعرض الشخص لخطر النوبات القلبية والسكتة الدماغية والعمى والفشل الكلوي وبتر الأطراف السفلى واحتمال الموت المبكر، فقد تسبب مرض السكري في وفاة 4.2 ملايين شخص في عام 2019 وحده.
يمثل الحصول على الأنسولين مسألة حياة أو موت بالنسبة لكثير ممن يعانون من داء السكري، وينبغي أن يصبح تحسين فرص الحصول على الأنسولين وأدوية الأمراض غير السارية بشكل عام من الأولويات، خاصة وأن دولة واحدة من بين كل 3 دول يصلها الأنسولين.
من أجل هذا، حدد الاتحاد الدولي للسكري ومنظمة الصحة العالمية اليوم العالمي للسكري في عام 1991 استجابة للمخاوف المتزايدة بشأن التهديد الصحي المتصاعد الذي يشكله مرض السكري، وأصبح يوما رسميا للأمم المتحدة في عام 2006 للتوعية به كل عام يوم 14 نوفمبر/تشرين الثاني، المصادف لعيد ميلاد السير فريدريك بانتينغ، الذي شارك في اكتشاف الأنسولين مع تشارلز بيست في عام 1922.
طفرة في أعداد "أطفال السكري"
عرضت منظمة الصحة العالمية نتائج دراسات أظهرت أن الأطفال معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بمرض السكري من النوع الأول، إذ يتأثر واحد من كل 6 أجنة بارتفاع السكر في الدم أثناء الحمل.
ويحدث مرض السكري من النوع الأول عندما لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الأنسولين، وهو هرمون ينظم نسبة السكر في الدم. السبب غير معروف، لكن يعتقد أنه نتيجة مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية. ومن المثير للاهتمام أن بعض أنماط المرض بين الأطفال تشبه أوبئة الأمراض المعدية التي تصيبهم عادة في الصغر، وذلك بسبب خطأ التشخيص.
هناك نوع آخر من مرض السكري وهو "غير المعتمد على الأنسولين" أو السكري الذي يصيب البالغين، ويحدث عندما لا يستطيع الجسم استخدام الأنسولين الذي ينتجه بشكل فعال، ويمكن أن ينتج عن زيادة وزن الجسم وقلة النشاط البدني، وأحيانا بسبب الاستعداد الوراثي، لكن في الآونة الأخيرة تم الإبلاغ عن ظهور النوع الثاني بشكل متزايد لدى الأطفال والمراهقين، لدرجة أنه في بعض مناطق العالم أصبح مرض السكري من النوع الثاني هو النوع الرئيسي من مرض السكري لدى الأطفال، ويبقى الجانب الإيجابي لهذا النوع هو إمكانية تفاديه أو تأخير ظهوره بعادات الأكل الصحية وزيادة النشاط البدني.
دموع أمهات أطفال السكري
"طفل السكري" مصطلح أطلقته أمهات الأطفال مرضى السكري على أبنائهن، وهو يعبر عن طريقة مبتكرة للتعامل مع وضع صعب يدوم طوال العمر، ويجعل الطفولة والمراهقة شاقة على الأم وابنها. يعاني أحمد، أحد "أطفال السكري"، من ضآلة الوزن والحجم، حتى جاءت فترة المراهقة ليلاحظ الفرق الكبير بينه وبين زملائه في المدرسة. قرر -وهو لم يتم 15 عاما- أن يذهب لصالات الرياضة ليوقف سيل الانتقادات التي يلاقيها كلما خرج من منزله، والتي لا يلقي أصحابها بالا لكونه مراهقا حصره مرض السكري في جسم طفل، ويعاني آلام الحقن اليومية.
يتابع أحمد وغيره من الأطفال مجموعات الأمهات والأطباء المتاحين للاستشارة على مدار اليوم، والمنتشرة بمختلف اللهجات العربية، لتلقي الدعم والشعور بالأمان وسط محبين لا يعرفونهم معرفة شخصية. مجموعات تأبى أن ينضم لها سوى الداعمين، مع تحذير "لا علاج للمرض، فلا تروج لخرافات ولا تصف أدوية، فقد يفقد أحدهم حياته على يد غير متخصص".
بخلاف حاجة الأمهات لتشجيع أطفالهن لمواجهة التنمر، فقد فكرت بعض الأمهات جديا في العمل بمدارس أبنائهن للاطمئنان عليهم، خاصة وهن يواجهن أزمة في قياس نسبة السكر لدى الطفل وتحديد كمية الطعام وفقا للقياس على مدى اليوم الدراسي، ومنع بعض المدارس الطفل من تناول الطعام في حال شعوره بانخفاض نسبة السكر، وعدم توعية المدرسين بكيفية العناية بطفل بتلك الحالة.
خيال واسع لأمهات سعت إحداهن لتدشين إحدى المجموعات الداعمة منذ 10 سنوات، ساعدت من خلالها مئات الأمهات، وتابعت طفلها المصاب بالسكري عبر مراحله الدراسية، لتواجه بحالتها كل أم تقرر عدم انضمام طفلها للمدرسة وعيش حياة طبيعية كأصدقائه، أو ترك عملها للتردد عليه خلال اليوم الدراسي، مع نصيحة متكررة باختيار مدرسة قريبة من مسكن الأم أو عملها لمتابعة قياسات السكر لدى طفلها.
المصدر : الجزيرة + مواقع التواصل الاجتماعي