إحصاءات وزارة الصحة للكورونا، هل تعكس الحقيقة...!
د. مفضي المومني
جو 24 :
منذ أن داهمت العالم جائحة كورونا، ونحن نراقب حكومتنا… ! وبالذات وزارة الصحة، وكل الجيش الأبيض في القطاع العام والخاص، ورغم كل الظروف، قدم ويقدم الجميع جهود جباره، وشكلوا خط الدفاع عنا جميعاً، وضحى بعضهم بروحه والبعض بوقته وراحته وصحته، ننحني لهم بود ونشكر كل فرد فيهم ونقدر جهودهم الجبارة، وما سأعرضه لا يشكل أي إنتقاص من جهودهم، لكنها لفتة نظر ، وجهني إليها أطباء مختصين في مستشفى الجامعة الأردنية بعد حوار معهم، والهدف هو الوصول إلى إحصاءات تعكس الواقع ولا تخفيه أو تتستر عليه، لنستطيع بذل جهود مركزة على مواطن الخطأ إن وجدت.
بداية؛ نسمع أرقام عن الاصابات والوفيات لهذا اليوم والأيام الماضية، ولكن دون تفاصيل كثيره عن اعمار المرضى ونسبة الوفيات في الفئات العمريه المختلفه، إذ لا بد من المقارنة مع الأرقام العالمية لكل مرحلة عمرية لنعرف أين موقعنا… ! وهذا غير ممكن لأن وزارة الصحة لا توفر هذه الإحصاءات بشكل رسمي، مع أن ذلك لا يكلفها سوى برمجية صغيرة موجودة أصلا، عند إدخال بيانات إصابات ووفيات كورونا، تستطيع من خلالها الوصول لنسب إحصائية حقيقية تمثل الواقع، والبعض يشكك، أن إخفاء مثل هذه الأرقام والنسب مقصود لإخفاء إخفاق ما..!
فليس من الواضح فيما إذا كانت نسبة المتوفين من الكورونا بالنسبه لعدد المصابين في الفئات العمريه المختلفه هي نسبه مشابهه لدول العالم ام مرتفعه نسبيا عندما تعلن وزارة الصحه عن وفاة 400-500 شخص اسبوعيا في المعدل في الاسابيع الماضية.
فقد قام بعض الاطباء في الجامعة الاردنية بتحليل بعض الأرقام المعلنة من وزارة الصحة حتى تاريخ 13.11.2020 للإستدلال على مؤشرات وباء الكورونا نسب الوفيات لعدد الإصابات المؤكدةCase fatality ratio (CFR)
، وتوصلوا إلى بعض النتائج المهمة والتي زودوني بها وكما أسلفت هي اجتهادهم ولا تعتبر رسمية:
case fatality ratio (CFR) in Jordan as of Nov 13
< 5 years NA
5-14 0.27%
15-24 0.04%
25-34 0.05%
35-44 0.22%
45-54 0.9%
55-64 3.35%
65-74 8.4%
= 75 19.33%
ونلاحظ من النسب أعلاه أن نسبة الوفيات من المصابين لغاية سن 44 اقل من 0.25% وهي مشابهة أو حتى اقل من النسب في دول اخرى لهذه الفئة العمرية مثل الصين وكوريا الجنوبية وإسبانيا وايطاليا، بينما ترتفع نسبة الوفيات من المصابين إلى 0.9% للفئة العمرية 45-54
وكذلك الفئة العمرية 55-64 النسبة 3.35%.
وكذلك نسبة الوفيات من المصابين للفئة العمرية 65-74 هي 8.4%.
وأما الفئة العمرية من ٧٥ فأكثر النسبه عاليه جدا وتصل 19.33%، وهذه النسب أعلى من النسب لذات الفئات العمريه والنسبه الاخيره أعلى حتى من الفئة العمرية اكثر من 80 سنة في كوريا الجنوبيه ، واسبانيا ، والصين وهي 13-15.6%ومشابهة للنسبة في إيطاليا عند بداية الجائحه حيث كانت نسب الوفيات 20.2% مع العلم أن هذه النسب للدول المذكوره عن شهري شباط وآذار الماضيين وهذه النسب تحسنت كثيراً، ولا ننسى أن البدايات إتسمت بقلة الخبره ومحدودية الموارد والتجهيزات الصحية نسبياً وكذلك الوعي الوقائي.
إن نسبة الوفيات بالنسبه لأعداد المصابين بشكل عام، أي كل الفئات العمرية في الاردن هي: 1.26% ، وتبدو هذه النسبة معقوله، مقارنة بالدول المتقدمة، ولكنها في الواقع عاليه بالنسبه لبلدنا، لاننا شعب فتي مقارنة بالدول المتقدمة، وبينت الدراسة ان حوالي 70% من المصابين هم من الفئات العمرية اقل من 45 سنه، حيث نسبة الوفيات اقل من 0.25% مما يخفي النسبه العاليه للوفيات في الفئات العمريه للكبار نسبيا والمسنين مقارنة بدول العالم المتقدم.
وإن ارتفاع نسبة الوفيات في الفئات العمريه من 55 سنة فما فوق يعد امراً مقلقاً، وقد تكون له عدة اسباب يمكن الوصول لها، ولكن المرجو من وزارة الصحة، أن تعلن ارقامها حتى ولو لغاية منتصف تشرين الثاني، ليتسنى وضع مقارنات صحيحة مع العالم ومعرفة مواطن الخطأ إن وجدت، والتي قد تكون مسبباته، أولاً: أن عدد الفحوصات في الأردن قليله، وخاصة للأعمار المتقدمة، مما يجعل نسبة الوفيات تبدو عالية، لأن عدد المصابين المكتشفين أقل من المصابين الفعليين،فإذا كانت الحالات الفعلية القابلة للتأكيد أعلى بمرتين مما يمكننا التقاطه بالفحوصات عن طريق الاختبار ، فسيقل معدل الوفيات CFR بمقدار النصف.
ثانياً: قد يكون بسبب قيام مستشفيات عامه وخاصه بالإعلان أن سبب الوفاه لبعض كبار السن الذين ادخلوا لاي مرض آخر للمستشفى، ثم ثبت انهم مصابون بالكورونا (ولو بدون أية اعراض) بانهم توفوا بالكورونا، حتى لو كانت الوفاه لسبب آخر واضح، حيث يدور كلام كثير بهذا الموضوع.
أخيراً: قد يكون سبب الوفاة عدم توفر الرعاية الصحيه المناسبة والضروريه في الوقت المناسب، او عدم توفر الأخصائين ذوي الخبرة الكافية أو التجهيزات أو التداخلات.
من هنا تغدو الحاجة ملحة لنطالب المعنيين بوزارة الصحة، بدراسة كل هذه الاحتمالات أو غيرها، والإفصاح عنها بكل شفافية، لتفسير إرتفاع نسبة الوفيات بين كبار السن في الأردن، ومن ثم والأهم القيام بجميع الإجراءات المطلوبه لخفض نسب الوفيات بشكل ملحوظ خاصه إذا كان السبب هو نقص في الخبرات أو التجهيزات أو أي أسباب غيرها يمكن السيطرة عليها، إذا علمنا أن المعرفة والخبرة العالمية بالكورونا وبروتوكولات معالجتها والتعامل معها أصبحت أفضل ولا تقارن بالبدايات، وكذلك وعي الناس ووسائل الوقاية والتقيد بها أصبحت أفضل، ومطروح بشكل كبير تساؤل لماذا لا نستعيين بخبرات الصين وقد استعانت بها إيطاليا وغيرها من الدول المتقدمة للتعامل مع الجائحة..!، أملنا أن تأخذ وزارة الصحة ما تم عرضه في حساباتها وقد تكون أخذته ولم تعلنه، لكن تبقى قضية الوفيات للفئات العمرية أساس لدراسة حركة الوباء والتعامل معه، حمى الله الأردن.