تعديلات قانون امانة عمان.. تعطش للسلطة المطلقة وانقلاب على شرعية الصندوق
جو 24 :
أحمد الحراسيس - بينما ينصبّ الحديث الرسمي عن التوجه نحو اصلاح سياسي تكون ثمرته تشكيل حكومات برلمانية، وبينما تتعالى الأصوات المطالبة بولادة الحكومات من مجلس النواب لتكون ممثلة للشعب، وفي الوقت الذي تتوالى الدعوات نحو سحب صلاحية تعيين أمين عمان من رئيس الوزراء، يأتي قانون أمانة عمان الكبرى لسنة 2020 متجاهلا كلّ الآمال بامكانية انتخاب المواطن سلطة قوية قادرة على كبح جماح التغوّل الرسمي على مصالح الشعب.
القانون الجديد، تضمن بنودا تفرغ مجلس الأمانة من مضمونه وتنزع منه أي دسم، وتحيل عضو المجلس المنتخب إلى مجرّد موظّف صغير في الجهاز الحكومي، يمكن لرئيس الوزراء عزله بقرار اداري!
وتضمن القانون مادة تنصّ على فقدان العضو عضويته بقرار من رئيس الوزراء "إذا ارتكب خطأ أو مخالفة جسيمة أو ألحق ضررا بمصالح الأمانة"، دون أن يحدد القانون ماهية الخطأ أو المخالفة الجسيمة بشكل واضح ومحدد، وما هو الضرر المقصود بمصالح الأمانة، ليترك الأمر لاجتهاد ورأي رئيس الوزراء.
بمعنى آخر، يمكن لرئيس الوزراء بموجب أحكام القانون أن يقرر عزل عضو منتخب دون أي ضوابط، فمصطلح "ارتكب خطأ أو مخالفة جسيمة أو ألحق ضررا بمصالح الأمانة" فضفاض للغاية، ولنا شواهد كيف استغلت الحكومة بنودا فضفاضة في قوانين أخرى منها قانون منع الارهاب وقانون منع الجرائم للاعتداء على حرية المواطنين ومحاسبتهم على نوايا قد لا يكون أحدهم يحملها فعلا.
وبحسب ما اطلعت عليه الاردن24، فقد ألغى القانون تعريف رئيس اللجنة المحلية، وشطب كلّ صلاحية له، وحوّل قراره إلى مجرّد رأي فني لا يُسمن ولا يُغني من جوع، بل وحوّل كافة الصلاحيات إما إلى أمين عمان أو مدير المدينة أو المجلس كاملا -الذي يجري تعيين ثُلث أعضائه بقرار من رئيس الوزراء أصلا-.
تخيّلوا أن أبناء منطقة قرروا اختيار شخص باعتباره الأجدر والأقدر على تمثيلهم من أجل النهوض بواقع منطقتهم، والتعامل مع الملفات الخدمية، ثمّ لا يكون له أي سلطة في فرض رؤيته على المنطقة التي اختارته لتمثيلها، ويكون القرار لأمين عمان الذي قد لا يعرف عن واقع مناطق عمان كلها.
كما سحب القانون صلاحيات التنسيب بتعيين مدير المدينة من مجلس الأمانة، وجعلها بيد الأمين وحده، ليكون الأمين هو الشخص الوحيد صاحب السلطة على مدير المدينة، ولا سلطة للأعضاء المنتخبين والمعيّنين عليه، وهنا نذكر كيف تمكّن أعضاء مجلس الأمانة الحالي من محاسبة مدير المدينة السابق والتنسيب بعزله بعدما شهدناه من غرق للعاصمة عمان قبل نحو عامين.
حكومة الدكتور بشر الخصاونة تثبت يوما بعد يوم أنها استمرار وامتداد لنهج سابقاتها من الحكومات التي استمرأت التغوّل على سلطة الشعب ونزعت هذه السلطة وانقضت عليها رويدا رويدا، وهي بذلك تعبّر عن تعطّش رسمي وجنوح نحو التفرّد بالسلطة، وذلك في انقلاب على المطالب الشعبية بأن يكون مجلس الأمانة كاملا منتخبا، وأن يكون أمين عمان نفسه منتخبا بعد الملاحظات الكثيرة على أداء أمين عمان الحالي والأسبق وسابقيهم، فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة.
يُذكر أن (19) عضوا في مجلس الأمانة عقدوا لقاء عاجلا قرروا على اثره طلب عقد جلسة طارئة لمناقشة هذا القانون الذي يحوّل المجلس إلى مجرّد ديكور غير قادر على كبح جماح السلطة ويجعل شخصا واحدا يتفرّد في ادارة العاصمة عمان، ويتحكّم بمصير ملايين الأردنيين.