jo24_banner
jo24_banner

كم هي الصبات الخضراء التي تتحفنا بها حكوماتنا؟

د. ماجد الخواجا
جو 24 :


أحاول كل مرة أن لا أصطدم " بوز في بوز" مع الحكومات الجديدة تحديدا، ومع بعض الوزراء الذين أحتار في كيفية بناء علاقة مهنية وزمالة ومحبة معهم، ربما هي المصادفات المتعمدة من طرفي أو من طرف بعض أعضاء الحكومات في عدم تمازج واختلاط الكيمياء فيما بيننا. وربما لهذا السبب لم أخرج طيلة عملي الوظيفي بوزير واحد أقترب أو يقترب إلى ما تدعى في علم الاتصال بالمسافات الحميمة وهي درجة من درجات التواصل لكنها لا تصل إلى مستوى العلاقة العاطفية التي تنتفي فيها المسافات بين الأحبة.

لقد صرح لي أحد رؤساء الحكومات السابقة أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية وهو يتحدث عني: أنت تحترم ولا تحب، تقرأ ولا تقرب.

مراقب صحي، آخر ما أخرجه جراب الحاوي الرسمي، مراقب صحي تفرضه الحكومة دون أن ترمش لها طرفة عين ومع تبريرات مذهلة للتذرع بالحاجة الوطنية لتعيين مراقب صحي في كافة الشركات والمصانع والمدارس الخاصة، طبعا الخاصة حصرا.

قبل سنوات عملت وزارة العمل على فرض تعيين ما سمي بمشرف السلامة والصحة المهنية في مختلف المؤسسات الخاصة، وكانت الذريعة توظيف العاطلين عن العمل ممن أصبحوا بأعمار خارجة أو قريبة من الخروج عن الفعاليات والحيوية الحياتية، وهم من تم توصيفهم أنهم من ضمن مخزون ديوان الخدمة المدنية ولا يوجد بصيص أمل لتعيينهم بسبب تخصصاتهم غير المطلوبة، وقد أصبحوا بأعمار وصلت إلى سن الخمسين.

تنطح وتنطع لهذه الفكرة عديد من الجهات التدريبية التي تربحت وتكسبت عبر إعطاء الراغبين بالتوظيف في مسمى مشرف سلامة دورات تدريبية تمنحهم الأهلية للتوظيف.

حين سألت أحد المدراء في احدى الشركات بعد أن تم توظيف أحد الأشخاص فيها تحت مسمى مشرف سلامة، أجابني ضاحكا: لقد عيناه وطلبنا منه أن يمر دوريا للكشف عن أباريز الكهرباء والأسلاك والدرابزين والأبواب، وهذه كلها كان يقوم بها حارس المبنى، قلت له: وماذا يفعل في بقية ساعات الدوام؟ أجابنب وقد زاد من اتساع الضحكة على وجهه: نعطيه بعض المعاملات للتدقيق اللغوي.

الآن تخترع الحكومة وظيفة سيتم تنطح وتنطع العديد من المتنفعين من أجل التدريب والتأهيل لآلاف مؤلفة من العاطلين عن الأمل والعمل كي يتم فرضهم عنوة على الشركات والمؤسسات الخاصة.

سؤالي لوزير العمل الذي أفترض أنه صديقي وبحق: هل لديكم وصف وظيفي لما سيقوم به هذا المراقب الصحي، وهل لديكم مهام وواجبات وظيفية للمراقب تغطي ساعات دوامه؟

وهل تلك الواجبات تتطلب شخصا بمؤهلات محددة ولا يستطيع تأديتها حارس البناية مثلا؟

هل هذه الواجبات خطيرة وضرورية وحاجة ماسة وينبغي تعيين أشخاص للقيام بها؟

هل هذا المراقب الصحي سيتم تعيينه بموجب عقد سنوي أم فصلي أم يصبح على كادر الشركة ؟

هل هذا المراقب ينتمي للشركة ويلتزم بتعليماتها أم أنه مرتبط بموظف في وزارة العمل يكتنب له التقارير عن الشركة ؟

هل هناك تخصص محدد لهذا الشاغر العجيب، أم هي ذات التجربة بتحويل من قارب أو شارف على الخمسين من حملة دبلوم كليات المجتمع من ذوي التخصصات غير المطلوبة؟

الحق أقول : منذ أن دخلت وزارة العمل في دوامة الأرقام الوهمية التي اضطرت لاستخدامها في كثير من المشاريع والمبادرات والبرامج لغايات إظهار إنجازات وهمية لكنها الكافية للنجاة من المحاسبة والمساءلة. فقد حملت الوزارة على كاهلها ما ليس من اختصاصها أو مهامها.

ترى : لو أردنا تشكيل لجنة محايدة لحصر وتعداد الوظائف التي يمكن تسميتها بالصبة الخضراء..

لا أبالغ إن وجدنا وزارات ووزراء ينطبق عليهم هذا القول ولا أعني أحدا بعينه.

شعبياً : قد تكون الصبة الخضراء اللازم التوقف عندها، هي الحكومات.

أكتفي فالفم مليء بالمااااااااااااااااء.... مااااااااع .... موووووووووواء.... حاااااااااااا...
تابعو الأردن 24 على google news