كرم في التصريحات وإفلاس على جميع الجبهات.. على سبيل الإخفاق في ديوان الخدمة المدنية
جو 24 :
كتب د. ماجد الخواجا -
أكاد أجزم أن جراب الحاوي الحكومي قد أفلس تماما من أية مخدرات أو منشطات يتم استخراجها تحت مسميات المشاريع والمبادرات وقبلها كانت تدعى بالإستراتيجيات..
حقا أنا متضامن مع أية حكومة قادمة قبل أن تتولى الرابع لأنها حين تنوي أن تمد يدها في جرابها، ستخرج خاوية على عروشها..
حين أنظر بلغة الجسد للمسؤولين الذين يخرجون عبر اللقاءات التلفزيونية ويجلسون ممتثلين هم ومن يسمى بمقدم البرنامج لكليشيهات جاهزة من التوصيفات عديمة المعنى والقيمة، خروج باهت الملامح ولا يغني أو يسمن من جوع، تشاهدهم وهم يمضغون الكلمات بمرارة العارف أنه المفلس تماما..
يخرج علينا وزير الزراعة ليعلن أن كورونا سبب الكوارث في الزراعة.. ثم يخرج مدير الضمان وهو يتلعثم بالبحث عن تبريرات لما يسمى باستثمارات الضمان لودائعها لدى الحكومة والتي وصلت لأكثر من ست مليارات دينار.
ثم يخرج علينا وزير التربية والتعليم ليؤكد أن منصة درسك مخترقة من قبل الأمهات.
أما وزيرة الطاقة فهذه لم يعد لدينا من طاقة لمجرد الاستماع لحديثها المكرور.
لنصل إلى وزير العمل الذي يتحفنا الآن بتكرار الأرقام الواعدة في التشغيل، متجاهلا أن الشعب كله يدري ويتوجع من الحقيقة المرة.
في حديثه التلفزيوني خرج سامح الناصر للحوار عن آليات التعيين وعن سبب شطب 14 ألف من مخزون الديوان ممن تجاوزت أعمارهم 48 سنة فما فوق.. تحدث دلال عن حكاية تصلح لفيلم درامي حزين، قالت دلال أنها تقدمت بطلب لديوان الخدمة منذ عام 1990 أي قبل 31 سنة، وكانت تأمل بالتوظيف من أجل مساعدة والدها البسيط، مات والدها، لكن استمر الأمل بالتعيين لدى دلال من أجل مساعدة زوجها، مات زوجها، أصبحت يتيمة وأرملة، لكن ما زالت جذوة الأمل بالتعيين كي تقوم على رعاية أبنائها، لم تمت دلال، لكن الأمل مات بشطب طلبها من ديوان الخدمة بسبب أن عمرها أصبح 53 سنة.
ما لفت انتباهي برود الحديث لرئيس الديوان وضبابية شديدة في الكلمات الصادرة عنه. مع الكلاشيه الحكومي المستخدم منذ عهد هاني الملقي وحتى الآن، وهو الحديث بأن المشكلة في طبيعة التخصصات الإنسانية التي يدرسها المواطنون، وكأنه لو درس تخصصا علميا سوف يتم تعيينه.
ثم يسرد حكاية وذريعة التشوه في سلم التخصصات وأن الأصل أن يلتحق 70% من الطلبة بالتعليم والتدريب المهني، فيما الواقع يتحدث عن هرم مقلوب بحيث يلتحق 70% في التخصصات الأكاديمية، و 30% في التخصصات المهنية التطبيقية.
لا بل يفتخر رئيس الديوان بأن هناك 1700 من حملة الماجستير والدكتوراه قد التحقوا ببرامج تدريبية مهنية كي يتمكنوا من الحصول على فرصة عمل.
لا يريد أحد من المسؤولين أن يقول الحقيقة ولو لمرة واحدة، الحقيقة التي يعلمها الجميع، الحقيقة التي تؤكد أن المشكلة أكبر من موضوع التخصص أو المسارات.. الحقيقة أنه من المعيب علينا أن نطلب لمن أخذ المسار الأكاديمي وصولا لأعلى مستوياته بأن يعمل نوع من Shift ويلتحق بدورة مهنية هي بالأساس مخصصة لمن هم في نهاية المرحلة الأساسية أو ممن يعرف القراءة والكتابة.
أي أننا نريد من الذي ضحكنا عليه فأكمل مسارات الأكاديميا العليا مع الأخذ بعين الاعتبار الجهد والوقت والعمر والكلف المالية المهدورة ، فنطلب منه أن يزاحم الولد ابن السادسة عشر على دورة مهنية متواضعة لغايات البحث عن فرصة عمل لا علاقة لها بكل دراسته الأكاديمية.
إن الحكومات تمارس الخديعة على نفسها وتحاول أن تقنع الشعب بتلك الخدع.. ولو تمكنت من العودة لكل الوعود الحكومية ومراجعتها، ربما لن أفاجأ بعدم تحقيق الغالبية منها.
كيف تريد الحكومة إقناع الشعب أنها ترعى مصالحه وتبحث عن حلول لمشاكله وأن لديها فعلا حلول لتلك المشاكل، وهي في معظم قراراتها تواصل مراحل التمويه والخديعة الساذجة التي لا تخفى..
إن الوضع العام قد تفاقمت حالته بحيث لم تعد الذرائع الرسمية كافية للتسويف والمماطلة والوعود بحلول لا تأتي.
نحن نعلم أن المعضلة مزمنة ومتراكمة وعابرة للحكومات، وليست وليدة اللحظة أو الحكومة الحالية.. لكن أن يستمر مسلسل #دلال فيما يتم تزبيط الوظيفة لتكون على مقاس ذاك المحظي وخارج صلاحيات ما يدعى بديوان الخدمة المدنية الذي ربما قريبا سيعلن عن توقف خدماته وتحويله إلى وحدة أو دائرة ضمن دوائر احدى الوزارات كي تتخلص الدولة من عبء ما يسمى بالمخزون الذي ليس فقط لا ينضب، بل يتزايد ويتضخم بشكل أصبح من الصعب التنبؤ والسيطرة عليه، والدليل أن من تقدم بطلب قبل ثلاثة عقود، ما زال حيا وما زال ينتظر التعيين الذي لا يأتي للمغلوبين المسحوقين.
ولنا عودة إن بقي ثمة ما يستدعي العود.