2024-05-27 - الإثنين
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

تحالف السلطة ورأس المال.. جريمة منظّمة تقوّض الدولة

تحالف السلطة ورأس المال.. جريمة منظّمة تقوّض الدولة
جو 24 :

كتب تامر خرمه

تحالف السلطة ورأس المال يتمتّع بضيق أفق متميّز في دول العالم الثالث، وخاصّة في الأردن، حيث تكسبه نعمة الجهل راحة بال لا يهنأ بها غيره، بعيداً عن لعنة القلق والخوف من الغد القادم.

شراهة هذا الحلف الذي احتكر السلطة والثروة، تدفعه للإمعان في ممارساته الطُفيليّة لتحقيق المزيد من الرفاه والرخاء الاقتصادي على حساب الفقراء، ولا يقتصر الأمر على الضرائب الغريبة التي تفرضها أدوات سلطة رأس المال باستمرار على ذوي الدخل المحدود، في محاولة مسعورة لترقيع نتائج سياساتها الاقتصاديّة الفاشلة بعيدا عن مصالح ومكتسبات الطبقة الحاكمة، بل تجاوز الامر ذلك إلى ابتداع مختلف الوسائل والآليّات المدهشة لسرقة المال العام وممارسة الفساد المالي والإداري والسياسي بأقبح صوره !!

وبلغت التخمة بهذا الحلف درجة تناسى فيها النتيجة الحتميّة لهذه الممارسات، وأثر إعدام الطبقة الوسطى وتصفية مؤسّسات الدولة، واتّساع الفجوة بين الفقراء -الذين باتوا يشكلون مختلف فئات المجتمع الشعبيّة- وبين الأغنياء المستحوذين على السلطة وصناعة القرار.. ذلك الأثر الذي سينعكس على الدولة برمّتها، بهزّات أمنيّة واجتماعيّة لا يمكن الرّهان على القمع البوليسي في إمكانيّة السيطرة عليها، بل على النقيض من ذلك، فإن "البوليس" سيكون، عند انفجار الشارع، أهمّ أدوات زعزعة الأمن والاستقرار وتدمير الدولة.

قد يعتبر أحدهم أن في هذا الطرح مبالغة غير مبرّرة، ولكن لنحاول قليلا تذكّر نتائج البطش والقمع في دول الجوار، وكيف تسبّبت الأنظمة البوليسيّة بتأزيم الأوضاع حتى وصل الأمر إلى تمزيق المؤسّسة العسكريّة بل وتدمير كافّة مؤسّسات الدولة، وهو ما نأمل ان لا يتكرّر في أيّة دولة عربيّة.

أمّا الرّهان على غياب المؤشّرات التي تؤكّد احتمال اندلاع ثورة شعبيّة في الأردن، مهما نهش الجوع في عظام الناس، فهذا ما يمكن وصفه بمقامرة المغامر، فحتى لو أن الظرف لم ينضج بعد لاندلاع الثورة، فإن السناريو البديل أكثر خطورة ليس على السلطة فحسب، بل وعلى الدولة الأردنيّة بمختلف مؤسّساتها وأجهزتها.

إحكام حلقات الظلم واعتصار الناس حتّى الرمق الأخير واستنزاف قدرتهم على تحمّل الأعباء المعيشيّة، إن لم يؤدّ إلى الثورة، فإنّه سيقود حتما إلى حالة انفلات أمنيّ تكون فيها الجريمة المنظّمة هي النتيجة الطبيعيّة لاستغلال الدولة كأداة لإشباع الأغنياء -بل وإصابتهم بالتخمة- من عرق الفقراء، بهذا الشكل المباشر والبدائيّ.

أمّا سطوة "البوليس" فإنّها لن تفلح في تطويق الجريمة عندما تنفلت من عقالها أو عندما يهيمن الجوع الكافر على دوافع الناس وسلوكهم، بل إن كثيرا من أجهزة الأمن في دول العالم الثالث التي برزت فيها الجريمة المنظّمة، كانت مجرّد أدوات طيّعة تتحكّم العصابات في توجّهاتها، بما تغدقه عليها من أموال يقابلها عجز الدولة.

ملامح الجريمة المنظّمة بدأت تفرض نفسها على المشهد الاجتماعي الذي يحول ضيق أفق كثير من السياسيّين دون إدراكه، فمن عمليّات السرقة التي بدأت باكتساب أشكال لافتة من التنظيم، إلى تجارة المخدّرات والسلاح، وانتشار الرشوة في معظم مؤسّسات الدولة، إلى قتل الناس في الشوارع في مشاجرة تشبه حرب العصابات، بل وسرقة حتّى المناهل والعاكسات من الشوارع ومقاعد الحدائق.. كلّ هذا ينذر بأنّنا على أبواب مرحلة تستوجب قرع ناقوس الخطر.

السلطة التي عقدت قرانها "الميمون" مع رأس المال، ستكون الهدف الأمثل للعصابات قيد التشكّل والتكوين نتيجة نتيجة الفشل الأخلاقي للحلف الحاكم، فهل تحول التخمة دون إدراك أركان السلطة للخطر القادم، أمّ أنّهم سيحزمون حقائبهم ويغادرون البلاد بعد الانتهاء من تدمير الدولة والمجتمع ؟!!

تشوّهات الواقع الاجتماعي بلغت مرحلة تهدّد استقرار الدولة الأردنيّة، بسبب سكرة الجشع التي تنتاب حلف السلطة ورأس المال، وإن كان صانع القرار لا يرى ما هو قادم، فتلك مشكلة، أمّا إن كان مدركا للنتائج الحتميّة لهذا الجشع، فإنّه بلا شكّ يعمل على تقويض الدولة.. فما يقترفه هذا الحلف هو أبشع أشكال الجريمة المنظّمة !!

تابعو الأردن 24 على google news