"رمضان بنكهة أميركية"
صيام رمضان وشعائره الدينية واحدة، لكن تقاليد وعادات الاحتفال بالشهر تختلف بين بلد وآخر، وبالنسبة لمعتنقي الإسلام حديثاً في الولايات المتحدة فذلك يشكل تحدياً من ناحية، ولكن فرصة - من ناحية أخرى - لبدء تقاليدهم الخاصة.
وقد التقينا مع مجموعة من معتنقي الإسلام في قاعة في مدينة ألكساندريا في فرجينيا استأجرتها مؤسسة "make space"، وهي منظمة اجتماعية خيرية تهدف إلى توفير فسحة للمسلمين للاجتماع خارج جدران المسجد، وقالوا لي إنهم ليسوا "معتنقين" للإسلام، بل عائدين إليه.
ويمثل معتنقو الإسلام 20% من المسلمين في الولايات المتحدة، منهم من هو من أصول لاتينية مثل فرانكو، الذي يعمل في محل تجاري في فرجينيا، وآخرون من أصول إفريقية أميركية مثل كورتني، وهي فنانة، وآخرون من أصول أوروبية بيضاء مثل الممرضة لورين وطالبة الصحافة بريتين والناشطة في مؤسسة إسلامية أميركية ديرينغ.
وبالنسبة لفرانكو فإنه أول شهر رمضان، الذي اعتنق الإسلام هذا العام، والعاشر بالنسبة للورين. ولم يعتنق أي منهما الإسلام نتيجة الزواج، كما تقتضي الصورة النمطية عن معتنقي الديانات.
وقالت بريتين وهي طالبة في قسم الصحافة في الثلاثينات من عمرها اعتنقت الإسلام قبل سنتين، إن رمضان "تجربة وحيدة بالنسبة لي، أشعر بأنني أفتقد الجانب الاجتماعي وأفطر لوحدي"، واشتكى آخرون من أن الدوام اليومي في العمل لا يختلف في رمضان عن غيره هنا، مقارنة مع البلدان العربية والإسلامية.
وهذه التجاربُ لا تختلفُ كثيراً عن تجربة أي صائم في بلد غالبية سكانه من غير المسلمين، لكن أمام معتنقي الإسلام تحديات أخرى، أكبرها إيجاد جالية مسلمة أو مسجد يشعرون بالارتياح بالانتماء إليه في المنطقة، وهو التحدي المضاعف في شهر رمضان.
وتقول لورين :"المساجد هنا مبنية على أساس جماعة عرقية أو خلفية اجتماعية، ونحن كمعتنقين للإسلام خارج هذا الإطار، فيتم الترحيب بنا بداية عندما ننطق بالشهادة، ولكن بعد ذلك نصبح هدفاً لكل من يريد انتقاد طريقة التزامنا بالإسلام".
لكن هناك منظمة تحاول جسر الهوة، هي make space، وليس للمؤسسة مقر معين، وكل العمل يتم من خلال الإنترنت وصفحات التواصل الاجتماعي. وهدف المؤسسة إيجاد فسحة للمسلمين الأميركيين، خاصة الشباب منهم، للقاء والصلاة والإفطار معاً، لكن ليس في المساجد.
والقاعة التي التقينا فيها مع المجموعة تقع بجانب مطعم أفغاني، قامت make space باستئجارها لتنظيم إفطار جماعي وصلاة مغرب لجميع أيام رمضان. وذهبنا إلى هناك قبل الإفطار بنصف ساعة فكانت القاعة مملوءة بأكثر من 200 مسلم ومسلمة، منهم محجبات وغير محجبات. وأغلب الحضور من الشباب والشابات وهم ينقسمون بين الأفغان والأفارقة الأميركيين والبيض والعرب وغيرهم، فلا توجد مجموعة تغلب على أخرى.
ويقول حسن شاه، وهو أحد المسؤولين في المؤسسة، في هذا الإطار "في الولايات المتحدة هناك الكثير من معتنقي الإسلام، وفهمهم للدين متنوع، وما نحاول عمله هو أن نشدهم للإسلام ونقوّي إيمانهم ولكن بناءً على مستواهم وقدراتهم وبدون إطلاق الأحكام الجاهزة".
وبعد أن تم توزيع أول 100 وجبة من الطعام الأفغاني اضطر المنظمون، والذين تفاجأوا بهذا التوافد الهائل للناس، إلى طلب مجموعة من أطباق "البيتزا" من مطعم مجاور ووزعوا الشرائح على الصائمين المتبقين.. هنا يقولون: "إنه رمضان.. ولكن بنكهة أميركية".
(العربية)