يوغا الضحك.. تقنية تمزج بين الضحك والتنفس لعافية الجسم والروح
جو 24 :
قد تبدو الفكرة غير جدية إذا شاركت في إحدى جلسات يوغا الضحك، وإذا شاهدت مقطع فيديو ستشعر ربما بالغرابة؛ فالمقاطع الصوتية والحركات المفاجئة تبدو كأن أحدهم يحاول تقديم عرض كوميدي.
إلا أن الواقع مختلف جدا، فعندما تبدأ وتصبر دقائق قليلة تدخل في مزاج مختلف وتجربة فريدة ومنعشة.
والضحك أمر صحي للقلب والمزاج وجهاز المناعة وحرق السعرات الحرارية، ويخفف الغضب والألم ويريح العضلات، فكيف إذا اقترن بتقنيات اليوغا؟ والضحك معد مثل التثاؤب، وأكدت دراسة في لندن ونشرت عام 2006 في مجلة "نيتشر" (nature) أن أغلب ردات الفعل الطبيعية للناس بالمبادرة بالابتسام أو بالضحك تأتي تلقائيا أثناء مشاهدتهم من يضحكون من دون معرفة السبب، بما يشبه العدوى.
وهذا ما أكدته بعض التجارب الاجتماعية، ومنها هذا الفيديو الذي انتشر بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي يبين عدوى الضحك في وسيلة نقل عام.
الضحك والسعادة
"الضحك بلا سبب قلة أدب"، لطالما حاصرنا هذا المفهوم إلى أن أتى على متن تقنية يوغا الضحك (Laughter Yoga) ليكون بمثابة علاج من القلق والكآبة كما تقول مدربة اليوغا ويوغا الضحك مايا كركي للجزيرة نت. وتوضح هذه التقنية وفوائدها وطرق تنفيذها، وأنها "مزيج بين تمارين الضحك وتقنيات تنفس اليوغا".
وتعتبرها مايا مفهوما فريدا يكرس الضحك من دون سبب، ومن دون كوميديا أو طرفة أو موقف مضحك، وهي تمرين جماعي يعتمد على التواصل بالعيون والحركات الجسدية.
"هي هي.. ها ها.. هو هو"
وتشير مايا إلى أن الألفاظ التي تنشدها عاليا مثل: "هي هي، ها ها، هو هو" تحرك كل أنواع التنفس، كما أن تقنيات التنفس تتم بين كل تمرينين.
وتقول إن العقل لا يميز بين الضحكتين المزيفة والحقيقية، فيقرأهما الدماغ بشكل إيجابي في الحالتين؛ مما يحسن الصحة النفسية.
ويوغا الضحك (أو هاسيا يوغا) بدأت حديثا في مومباي في الهند عام 1995 مع الطبيب مادان كاتاريا وزوجته مدربة اليوغا مادوري. ويقول كاتاريا "في يوغا الضحك، نحن لا نضحك لأننا سعداء؛ نحن سعداء لأننا نضحك".
اعلان
وأصبحت ليوغا الضحك تقنياتها الخاصة وروادها ومعجبوها ومتابعوها وأساتذتها. وتقول مايا إنه يوجد أكثر من 8 آلاف ناد ليوغا الضحك حول العالم.
علينا أن نضحك يوميا من 10 إلى 15 دقيقة، وهذا مفيد للصحة النفسية (غيتي)
فوائد يوغا الضحك
تستشهد مايا بالقول "تظاهر بالأمر حتى يصبح حقيقيا". وهكذا يبدأ الضحك إلى أن يصبح نابعا من القلب.
وتؤكد للجزيرة نت أنها اختارت هذا النوع من اليوغا لأن مدربيها قلائل نسبة للأنواع الأخرى، وهي تجذب جميع الأعمار. وبعض الصغار والكبار لا يحتملون ممارسة اليوغا العادية، وهذا جعلها تهتم أكثر بيوغا الضحك، بعد أن تخصصت في اليوغا و"الريكي" (العلاج بالطاقة).
وليوغا الضحك فوائد عديدة، وتنوه مايا إلى أنه يجب علينا أن نضحك يوميا بين 10 و15 دقيقة، ولكن عندما نسمع طرفة عادة نضحك لثوان معدودة، وهذا لا يكفي للصحة النفسية.
وتبين مايا أن من فوائد يوغا الضحك أنها ترفع نسبة هرمون الأندورفين، فيرتفع معدل الأوكسجين في الجسم والدماغ بمعدل 25%، ويصبح الجسم أكثر صحة وطاقة.
كما أنها تريح العضلات، مما يساعد على الاسترخاء وتحرك الدورة الدموية، وتعزز جهاز المناعة مما يساعد على الشفاء بشكل أسرع من الكآبة وتبدل المزاج إلى الأفضل.
وتقول مايا إن يوغا الضحك تستخدم أيضا لمرضى السرطان وفي دور العجزة لتخفيف الضغط النفسي.
وتشير إلى أن تمارينها تؤدي إلى تواصل اجتماعي، خاصة إذا كان الأفراد يعملون مع بعضهم البعض، لأنهم يضحكون معا ويهتمون ببعضهم البعض ويبنون علاقات تشاركية.
وتلفت مايا إلى أن كل ضحكة من البطن تحرق 3.5 سعرات حرارية، وأن يوغا الضحك تساعد على النوم الصحي، وترفع خطوط الوجه (التجاعيد) كأنها حقنت بالبوتكس.
وتحرك الجسم فيزيائيا وتخرج الطاقة السلبية منه، وتساعد أيضا على أن يكون الشخص أكثر إبداعا وتحفيزا، معتبرة أن من قال "اضحك تضحك لك الدنيا" ليس مخطئا أبدا، لأن العقل يقرأ الضحك بطريقة إيجابية. وتبين مايا أن البعض يمارس يوغا الضحك مرة في الأسبوع، وتجدها مفيدة جدا إذا طبقت يوميا.
مايا كركي تدرب يوغا الضحك لكل الأعمار (الجزيرة)
الضحك من المعدة
أما كيف يتم التمرين، فتذكر أنه لا بد من إطلاق الضحكات من الحجاب الحاجز، من المعدة، فنفتح الفم واسعا للضحك عاليا وعميقا حتى يصل النفس إلى المعدة. وتقول إن 1% من الناس يتنفسون من معدتهم وهي الطريقة المثلى للتنفس. وتشير إلى أن الضحك يكون غير مشروط ومن دون حسابات.
وأثناء الجلسة تعطي التعليمات وتتحدث بينما ينظر الباقون إليها وإلى بعضهم البعض لتعزيز الثقة والتواصل بلغة العيون، ويقلدون بعضهم البعض بحركات الجسم.
يقف المتدربون بشكل مبعثر وليس على شكل دائري، وتكون مدة الجلسة نحو نصف ساعة، والأفضل أن تكون في الخارج وتكون الأصوات عالية. فيكون الضحك المتواصل بين 10 و15 دقيقة بعد الشرح عن يوغا الضحك وتمرين التصفيق "لإخراج الطفل الذي في داخلنا، وبين كل تمرينين تمارس تقنية تنفس معينة للراحة"، حسب ما تقول مايا.
وآخر 10 دقائق قد تكون تأمل بالضحك، ولا تستخدمه مايا كثيرا، إنما تستخدم ما تسمى "يوغا نيدرا" للاسترخاء (حالة من الوعي بين الاستيقاظ والنوم، مثل مرحلة الذهاب إلى النوم، التي تحدث عادة عن طريق التأمل الموجه)، والبعض يغلبه النوم أثناءها، كما تقول مايا.
الأطفال يضحكون بسهولة أكثر من الكبار (بيكسابي)
من يحتاج إلى يوغا الضحك؟
أما من يحتاج إلى يوغا الضحك فتعتبر مايا أن كل الناس بحاجة لها، خاصة أن الضغط النفسي كثيف هذه الأيام. وتقول إنها تلاحظ أن الكبار يفرحون جدا بهذه التمارين، "يقولون إنهم يرجعون أطفالا، فالضحك عدوى، أضحك فأضحكهم. أما الأطفال فإضحاكهم سهل ويكون بنسبة 300 من كل 400 طفل يضحكون ببساطة".
وتعطي مايا جلسات يوغا الضحك للأطفال النازحين، كما يظهر الفيديو المرافق، حيث تسهم في تخفيف معاناتهم.
المصدر : الجزيرة