قنوات المعارضة المصرية بتركيا تعلن وقف عرض حلقات برامج سياسية.. ما الذي حدث بالضبط؟
جو 24 :
بعد تتالي تصريحات تركية إيجابية نحو القاهرة، أعلنت -بشكل مفاجئ- قنوات مصرية معارضة تبث من إسطنبول، إيقاف عرض حلقات العديد من برامجها السياسية، وقد أشار صحفيون مصريون معارضون عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى بلاغ تركي تلقته تلك القنوات بهذا الشأن.
توجد في مدينة إسطنبول التركية عدة منصات ووسائل إعلام مصرية معارضة، على رأسها قنوات الشرق ومكملين ووطن، ركزت في السنوات الثماني الماضية على عرض برامج سياسية مناهضة للنظام المصري.
وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن استئناف الاتصالات بين أنقرة والقاهرة على المستوى الدبلوماسي، مؤكدا استمرارها في الأيام المقبلة.
كما أعرب اليوم وزير الإعلام المصري أسامة هيكل عن ترحيبه بقرار الحكومة التركية الخاص بإلزام "القنوات المعادية لمصر" بمواثيق الشرف الإعلامية.
ووصف هيكل هذه الخطوة بأنها بادرة طيبة من الجانب التركي، تخلق مناخا ملائما لبحث الملفات محل الخلافات بين الدولتين على مدى السنوات الماضية، مؤكدا أن الخلافات السياسية بين تركيا ومصر لا تصب في مصالح الشعبين.
وشهدت علاقات البلدين توترات متصاعدة منذ منتصف عام 2013، وصلت إلى ذروتها حينما اقتربت مصر من الصدام المباشر مع تركيا في ليبيا، إلا أنه سرعان ما تحول المشهد إلى درجة مغايرة يمكن قراءتها من التصريحات التركية الإيجابية نحو مصر.
وبحسب خبراء، فإن المصالح المشتركة تدفع نحو طي صفحة الخلاف بين البلدين.
ماذا حصل بالضبط؟
مصدر في إدارة الاتصال برئاسة الجمهورية التركية، أكد أنباء طلبهم من القنوات المصرية التي تبث من إسطنبول -في اجتماع مع مديريها- توقيف البرامج السياسية، مشيرا إلى اتفاق تم قبل شهر بين الحكومتين المصرية والتركية لتخفيف حدة التوتر الإعلامي وصولا إلى الذي حدث اليوم.
وشدد المصدر على أن الحكومة التركية لن تغلق قنوات المعارضة المصرية ولن تسلّم معارضين مصريين، موضحا أن ما حدث هو الطلب من مديري القنوات التلفزيونية "الالتزام بميثاق الشرف الإعلامي في سبيل المساهمة في تحسين العلاقات".
وقال المصدر الحكومي التركي للجزيرة نت "هناك خطة متفق عليها من الجانبين تبدأ بالتهدئة الإعلامية ثم التقارب ثم التطبيع الكامل، لكن من دون جلوس الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان على طاولة واحدة، على الأقل في الولاية الحالية للرئيس أردوغان".
وأضاف أن "بنود اتفاق المصالحة نوقشت العام الماضي، وجاء الوفد التركي مستبشرا بالنتائج من القاهرة، قبل أن يقتحم الأمن المصري مقرّ وكالة الأناضول في القاهرة، بسبب رفض السعودية والإمارات التقارب، حيث تم اقتحام المقر آنذاك كإشارة نفي من القاهرة لحليفها الخليجي".
وزاد المصدر التركي "في إطار خطة تطبيع العلاقة، سنسعى لتخلي القاهرة عن إيواء قيادات في منظمة فتح الله غولن، كما سندفع باتجاه تخفيف حالة القمع في الداخل المصري، وسنتعاون في الملف الليبي، وسنوقع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط".
وفي السياق، نفى ياسين أقطاي مستشار رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، وجود قرار تركي رسمي بإغلاق قنوات المعارضة التلفزيونية، وقال -ضمن جلسة على تطبيق كلوب هاوس (Clubhouse)- "بعدما تلقينا طلبا مصريا حول محتوى تلك القنوات، طلبنا منها تجنب التحريض على النظام المصري".
وصرّح أقطاي بأن تفاهم أنقرة مع القاهرة لا يعني التوافق على صعيد جميع الملفات، لافتا إلى أن مصر أقرب لتركيا من إسرائيل.
من جهته، نفى السياسي المصري أيمن نور، رئيس مجلس إدارة قناة الشرق، طلب السلطات التركية إغلاق القنوات التلفزيونية المصرية التي تبث من إسطنبول.
وأضاف نور في لقاء مع قناة الجزيرة مباشر أنه تم لقاء بين مسؤولين أتراك وممثلين عن المعارضة المصرية في تركيا، طلبوا فيه تعديل خطاب هذه القنوات بما يتسق مع مواثيق الشرف الإعلامية والصحفية.
ولم يستبعد نور انتقال القنوات للعمل من خارج تركيا إذا كانت هناك ضرورة، مؤكدا أنه لا يريد أن يستبق الأحداث.
صفحة جديدة
ياسين قوفانتش أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قيصري فسّر إيقاف البرامج السياسية في قنوات المعارضة المصرية برغبة أنقرة في إثبات جديتها في فتح صفحة جديدة مع القاهرة، فضلا عن وصول الحوار بين الجانبين إلى مرحلة متقدمة.
وقال قوفانتش للجزيرة نت "القضايا ذات الاهتمام المشترك دفعت الطرفين للذهاب بهذا الاتجاه، مثل ليبيا وشرق المتوسط وكذلك التجارة البينية".
ولفت إلى أن "وفاة الرئيس محمد مرسي إزاحة لواحد من أهم الشروط التي كانت تضعها أنقرة لتحسين العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين، وهو الإفراج عن الرئيس المعزول، فضلا عن حالة التشرذم التي باتت تعيشها المعارضة المصرية في الآونة الأخيرة، وصعوبة الاتفاق على عمل سياسي منظم في الخارج عجلت من خطوات أنقرة للذهاب بهذا الاتجاه".
ويرى أستاذ العلاقات الدولية في جامعة قيصري أن فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأميركية، سيلقي بظلاله على عدد من الملفات الساخنة في المنطقة، أهمها دفع القاهرة لتحسين ملف حقوق الإنسان، وإطلاق سراح عدد من المعتقلين السياسيين، وهو بالطبع يحقق شرطا تركيًّا سابقا لتحسين واستعادة العلاقات الثنائية.
(الجزيرة نت)