jo24_banner
jo24_banner

عثر عليهم متعانقين تحت الثلج.. تفاصيل وفاة لاجئتين سوريتين وطفليهما على جبال لبنان

عثر عليهم متعانقين تحت الثلج.. تفاصيل وفاة لاجئتين سوريتين وطفليهما على جبال لبنان
جو 24 :
في مشهد مؤثر عثر على سيدتين سوريتين متجمدتين مع طفليهما في منطقة جبلية شرقي لبنان، كل واحدة منهما اختارت أن تودع الحياة بعناق حار لصغيرها.

دفء العناق والدمع المتجمد في عيون الوالدتين لم ينقذ حياة الصغيرين، فانتهى بهم المطاف جثثا مطمورة بالثلج على جبال عيناتا شرقي لبنان، في إحدى أكثر محطات ورحلات اللجوء السوري إيلاما وقسوة.
 
قصة "الضياع" والموت
حكاية اللاجئين الأربعة بدأت الأربعاء الفائت، لكن العثور عليهم استغرق نحو 72 ساعة، بحسب ما قالت مصادر الدفاع المدني -التي شاركت بعملية البحث عن الضحايا- للجزيرة نت.

بدأت قصة البحث عنهم حين تلقى الدفاع المدني اتصالا لنجدة مجموعة من الأشخاص عالقين بالثلج، حيث توجه إلى المنطقة المذكورة بمؤازرة نحو 30 عنصرا من الجيش، وفتشوا فيها لساعات طويلة لكن الأحوال الجوية أعاقت عملهم، إلى أن عثروا عليهم ظهر الجمعة 26 مارس/آذار الجاري جثثا ملقاة على الثلج، و"كان الطفلان يعانقان والدتيهما بمشهد مؤثر".

وبحسب الرواية المتداولة، فإن السيارة التي تقل الضحايا أرادت شق الطرقات الجبلية الوعرة بمواجهة الثلوج والكتل الهوائية الباردة، وحين وصل بهم المهرّب لنقطة ما ضل الطريق نتيجة الضباب وسوء الرؤية، فاتصل بشقيقه يطلب النجدة.

وبعد ذلك بساعات ترجلت السيدتان من السيارة مع طفليهما (واحدة منهما كانت حاملا) بحثا عن سيارة شقيق المهرّب الذي لزم سيارته مع طفل آخر لإحدى السيدتين، لكنهم ضاعوا بالجرود، وعلى الأرجح لم يستطيعوا تحديد الاتجاهات الجغرافية، إلى أن لقوا حتفهم بين الثلوج بعد مقاومة للموت لم تتضح ملابسات لحظاته الأخيرة.


ويؤكد هذه الرواية محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر للجزيرة نت، لافتا إلى أن الطفل الذي بقي في السيارة سلمته الأجهزة الأمنية لوالده الذي دفع 1.5 مليون ليرة (ألف دولار) للمهرّب مقابل تهريب زوجته وطفليه نحو الرقة.

وأوضح أن عملية التهريب هذه كانت تضم 8 لاجئين آخرين نجوا من الثلوج، ولم يجرِ توقيفهم -باستثناء أحد المهربين ألقي القبض عليه- لأنهم لم يعبروا الحدود، وإنما كانوا داخل الجرود اللبناني.

 
ذاكرة الهروب
ويذكِّر المحافظ بحادثة مماثلة وقعت في يناير/كانون الثاني 2018 حين توفي نحو 17 لاجئا سوريا -بينهم أطفال- نتيجة البرد الشديد أثناء محاولة عبورهم بطريقة غير نظامية من البقاع إلى سوريا.

 
وسبق أن تشارك اللبنانيون والسوريون -وتحديدا من الفئات الأكثر فقرا- رحلات الهروب، وكان آخرها ما تعرف بقصة "قوارب الموت" غير النظامية من شمال لبنان إلى قبرص في سبتمبر/أيلول 2020، وذلك حين ابتلع البحر أطفالا ونساء وشبابا -بينهم لاجئون سوريون- سقطوا ضحية عملية تهريب ضخمة وغير آمنة، بعد أن باع بعضهم كل ممتلكاته لتسديد "فاتورة" المهربين.

ويرى المحافظ خضر أنه "ما دام السوريون يرغبون بالعودة لبلادهم فلا بد من تنظيم الأمر بطريقة نظامية وقانونية، كي لا يقعوا ضحية المغامرات المميتة".

ويستغرب لجوء بعضهم لهذا النوع من العبور غير الآمن، فيما الأمن العام اللبناني يقدم مختلف التسهيلات للاجئين الراغبين بالتوجه للأراضي السورية، على حد قوله.

اللاجئون السوريون بلبنان
ويقدر عدد اللاجئين السوريين المقيمين في لبنان بـ1.5 مليون لاجئ، وضمنهم اللاجئون غير المسجلين لدى المفوضية.


وهنا، تشير المتحدثة باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في لبنان "يو إن إتش سي آر" (UNHCR) ليزا أبو خالد إلى أنه بحلول ديسمبر/كانون الأول 2020 بلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى المفوضية 865 ألفا و331 لاجئا.

 
ونظرا إلى التمويل المتاح حاليا للمساعدات الإنسانية -وفق المتحدثة- لا يمكن للمفوضية تقديم مساعدة نقدية شهرية إلا إلى 25% من اللاجئين السوريين بقيمة 400 ألف ليرة لبنانية للأسرة الواحدة في الشهر (266 دولارا).

وبينما تتحكم السوق السوداء بأسعار مختلف المواد والسلع الغذائية في لبنان التي تضاعفت بنحو 400% وفق التقديرات الاقتصادية فإن القيمة الفعلية للمبلغ المقدم من المفوضية للاجئين صارت توازي نحو 30 دولارا.

ومع احتساب المساعدات النقدية والغذائية الشهرية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي تؤكد أبو خالد للجزيرة نت أنه "لا يمكن للمفوضية وبرنامج الأغذية العالمي الوصول إلا إلى 62% من إجمالي عدد اللاجئين وتزويدهم بمساعدات نقدية أو غذائية أو كلتيهما، كما يتم تقديم جميع برامج المساعدات النقدية بالليرة اللبنانية".

التهريب والهروب
ويبدو أن التدهور المعيشي في لبنان -برأي كثيرين- عزز عمليات التهريب بمختلف أشكالها عند عشرات المعابر غير النظامية بين البلدين.

ورغم أن تهريب الأفراد يعود لعقود فإن الظاهرة تصاعدت تباعا بعد الثورة السورية 2011، إلى جانب تهريب المحروقات والسلع الغذائية والأدوية الذي عاد للواجهة بعد تفاقم الأزمة اللبنانية.

وبينما تنزع السلطات اللبنانية صفة اللجوء عن السوريين الذين يدخلون البلد بطريقة نظامية فإن سلطات النظام السوري تشترط على رعاياها الراغبين في العودة إلى بلدهم إجراء فحص كورونا، كما تفرض عليهم تصريف 100 دولار بالعملة الوطنية عند المنافذ الرسمية.

ويرى مدير حملات آفاز بالعالم العربي وسام طريف في هذه الشروط أحد الأسباب الدافعة لاختيار اللاجئين العبور غير النظامي، بعد أن جعلتهم الأوضاع الاقتصادية تحت عتبة الفقر.

ويلفت طريف -في تصريحه للجزيرة نت- إلى أن معظم اللاجئين السوريين ليست لديهم أوراق إقامة قانونية تحمي وجودهم، لذا لا يستطيعون مغادرة البلاد بشكل نظامي.

ولأن الاتجار بالبشر يأخذ أشكالا مختلفة -وفق مدير الحملة- فإن الإشكالية الأبرز هي في كيفية ضبط الحدود كحاجة وطنية ملحة "لكنها عالقة وتحتاج لقرارين سياسي وأمني".

ويشدد طريف على مسؤولية السلطات بملاحقة شبكات المهربين، لكنه يذكر أن الأشخاص يذهبون معهم بإرادتهم، كما يشير إلى أن مدخول أفراد عائلات اللاجئين يأتي من مصدرين: المساعدات الأممية، وعملهم بقطاع الزراعة في الريف والخدمات، ولأجل ذلك أصبحوا من أكثر الناس فقرا في لبنان.


وبحسب طريف، فإنه "بسبب تفاقم الأوضاع المعيشية في لبنان انتقل الكثير من اللاجئين من السكن داخل الشقق إلى المخيمات، حيث يعيش حاليا نحو 600 ألف سوري بالخيام في حوالي 2800 تجمع مخيمات عشوائية بين البقاع والشمال".

ويرى أن شريحة واسعة من اللاجئين السوريين ترغب فعلا بالعودة الآمنة إلى سوريا، لكن تلك العودة "الآمنة" لا يكفلها النظام السوري بوضوح، مع غياب التسهيلات من الجانب اللبناني، في حين أن لبنان "لم يعد بيئة آمنة لا للبنانيين ولا للسوريين بعد أن تساووا بالأزمات والمعاناة".

المصدر : الجزيرة

تابعو الأردن 24 على google news