في يوم الأرض.. حي الشيخ جراح على بُعد خطوة من التشريد
جو 24 :
تعيش عائلة سكافي في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، منذ تهجيرها من أراضيها في القدس الغربية عام 1948، ويتضاعف شعورها بالنكبة تلك عاما بعد عام، في أطول معركة قضائية في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.
منذ عقود خلت، تحاول محاكم الاحتلال بشتى الأساليب والوسائل إخلاء عائلات مقدسية تقطن حي الشيخ جراح، حتى باتت 28 أسرة في الحي خلال العام 2021 يتهددها خطر التشريد في قادم الأيام.
عائلة عبد الفتاح سكافي (71 عاما)، واحدة من تلك العائلات، التي لم تتفاجأ في الـ28 من تشرين أول 2020 عندما سلمتها محكمة الاحتلال قرارا جائرا بإخلائها من منزلها بحجة مليكته لـ”جمعيات استيطانية”، فصراع هؤلاء الأبرياء مع المستوطنين مستمر على الأرض بين الفترة (1972-2020).
سكافي يسكن في منزلا مكونا من طابقا واحدا، ويضم 14 فردا في مساحة لا تتعدى 110 أمتار، حصل عليه بموجب عقد إيجار من الحكومة الأردنية بعدما هاجر وعائلته من أراضيهم في القدس الغربية وتحديدا من حي البقعة عام 48.
مؤخرا، لم يعد أمام سكافي سوى التوجه إلى المحكمة الإسرائيلية العليا، بعد محاولات جاهدة منه وقف قرار الإخلاء المقدم ضده في المحكمة المركزية في شارع صلاح الدين بالقدس.
ويقول: "رغم أنني متأكد أن "العليا” لن تتخذ أي قرار لصالحي، لكنني أحاول ولو لشراء زمن أطول في القدس”.
هي 28 أسرة من أصل 13 عائلة من لاجئي النكبة، تسكن فوق أرض تسمى "كرم الجاعوني” في الشيخ جراح، باتت تستنفذ ما تبقى من إجراءات لوقف قرارات الإخلاء من خلال تشكيل قضية رأي عام دولي والضغط على إسرائيل.
اليوم في ذكرى يوم الأرض الـ 45، يحمل أهالي الشيخ جراح معهم ذكريات من النكبة ممزوجة بحالة من الخوف التي يشوبها القلق الدائم، حيث لا أحد يصدق ما تفعله سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل تهجيرهم وإثبات ملكية منازلهم للمستوطنين.
وتحدث المسن عارف حماد (70 عاما) عن صراع يمتد لعقود، بعدما باتت ملكية منزله مسجلة في أوراق محاكم الاحتلال الإسرائيلي لصالح جمعيات استيطانية.
حماد يعيش في منزل مقام منذ العام 1967 استلمه عن والده من الحكومة الأردنية مقابل تنازله عن بطاقة المؤن، بالإضافة إلى شقتين متجاورتين لشقيقه وابنائه، على أرض تبلغ مساحتها 450 مترا مربعا.
المستوطنون في عام 1972 عملوا جمعيتين استيطانيتين باسم "السفارديم” و”الأشكنازيم” وسجلوا أملاك مجموعة من أراضي الشيخ جراح باسمهم ويوجد "كوشان” تركي يوثق ذلك، بدعوة ان هذه الأراضي ملكهم، وتابع حماد، نحن حصلنا عليها بالقوة”، وحينها لجأت العائلات إلى محامي يهودي يدعى "إسحق كوهين”، ليدافع عنهم في المحاكم.
غير أنه "بعد عام 1988 رفعت الجمعيات الاستيطانية دعوة قضائية على مجموعة أخرى من أراضي الشيخ جراح بحجة أنها أراضي تتبع للمستوطنين”، كان ذلك بدعم من محاكم الاحتلال والمحامي اليهودي الذي لجأت إليه العائلات سابقا. حسب حماد.
وقال، إن أخطر ما يواجه الحي اليوم، هو تعمد سلطات الاحتلال الإسرائيلي "إخلاء السكان من منازلهم وليس هدمها، فبإمكان صاحب الهدم أن يبني خيمة مكان المنزل، أما الإخلاء فيفقد صاحبه أرضه ومنزله ويهدد ماضيه”.
في العام 1956 أنشئ حي الشيخ جراح ليضم اللاجئين من العائلات الفلسطينية التي طردت وهجرت بالأصل من القدس الغربية عام 1948، بموجب اتفاق بين وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين UNRWA ووزارة الإسكان في عهد الحكومة الأردنية.
طوال العقود الماضية هجرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي عدة عائلات من الشيخ جراح، كان أولها عائلة الشنطي التي كانت في زيارة للكويت خلال عام 1967، يليها عائلات رفقة الكرد عام 2008، وعائلتي حنون والغاوي عام 2009، محاكم الاحتلال استغلت انتهاء السيطرة الأردنية بالقدس، دون اعتبار أنهم لاجئون محميون في الحي. فيما كان يقابل ذلك وقفات أسبوعية تضامنا مع الأهالي في الحي يشوبها كثير من الاعتداءات والاعتقالات من قبل الاحتلال ومستوطنيه بحق المقدسيين.
نبيل الكرد (76 عاما) وهو أحد سكان الحي المهددين بالتشريد، يعيش في منزل ملاصق لمنزل والدته الذي استولى المستوطنون في العام 2009، ويقول منذ سكن الأهالي الحي وهم يتعرضون لشتى أنواع الاعتداءات من قبل المستوطنين للضغط عليهم لإفراغ الحي.
ويحذر مراقبون من إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذ عملية ترحيل جماعي في حي الشيخ جراح مستندة لقرار محاكمها العنصرية في خطوة غير مسبوقة، التي تطوع أنظمة القضاء الاسرائيلي من أجل خدمة كافة الأهداف الاستعمارية في القدس.
ووفق المراقبين، فإن سلطات الاحتلال لم تترك أهالي حي الشيخ جراح منذ توطينهم من قبل الحكومة الأردنية في الحي وشأنهم، وتعمل على مشروع "الحوض المقدس” التهويدي ليربط اراضي الشيخ جراح بالجامعة العبرية بالقدس ويحاصر البلدة القديمة ثم المسجد الأقصى لإضفاء طابع يهودي على المنطقة.-(وفا)