jo24_banner
jo24_banner

رمضانيات 3 - "وكُلُوا واشربوا ولا تسرفوا"

د. نبيل الكوفحي
جو 24 :

لم يكن المراد من الصيام الجوع والعطش والحرمان من الملذات المباحة، ولكن الحكمة التقوى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ). فمن يعوض صيام نهاره بالإسراف بالطعام والشراب؛ فقد فاتته تلك الحكمة، وفي ذلك مخالفة صريحة للتوجيه الرباني ﴿ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾. لنتذكر اولا الحكمة من الصيام، ثم لنتذكر الفقراء والمساكين والمحرومين والمشردين؛ فهناك كثيرون بحاجة لمثل ذلك الطعام الزائد الذ غالبا ما يجد طرقه للقمامة.

لا يفوتنا الإشارة الى ان كثير من الناس تعاني من وزن زائد، بعضهم يشترك في نوادي لتخفيف الوزن. والحديث الشريف يقول (صُومُوا تَصِحُّوا) وقد أثبت الطب فائدة الصيام على صحة الانسان. وجاء في حديث أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال(ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذي وحسنه.

الاعتدال هو الأصل، وشكر النعم يكون بالحفاظ عليها، وأداء حق الله فيها بالزكاة والصدقة، خاصة في مثل هذا الشهر، الذي وصف فيه سيدنا ( ... وكان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان). تلك الفريضة التي ربطت مع فريضة الصلاة في معظم آيات القران الكريم (واقيموا الصلاة واتوا الزكاة). واذا كان لدينا احيانا ما يستدعي التنويع والزيادة - كدعوة افطار- فلنعلم ان هناك من هم بحاجة لمثل هذا الطعام، فلا ترميه وكثيرة هي الجمعيات والأشخاص الذين يتولون مهمة إيصال الطعام للمحتاجين، فابحث عنهم واتصل بهم ولك الاجر ان شاء الله.

في ظل هذه الجائحة التي أثرت على الجميع بدرجات متفاوتة، وكثير من الناس قد فقد دخله اليومي او الشهري، فهذه دعوة لنا جميعا: بتوفير الموارد المحدودة وخاصة الغذاء، فالموارد لنا جميعا، وهي تذكير بحرمة التبذير ( إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِين )، وهي نصيحة بعدم تصوير موائد الطعام ونشرها على وسائل التواصل، فهناك أطفال لا يجدون فتات بعض الموائد

وهي رسالة ايضا لأصحاب المطاعم (التي تمارس عملها) بالتنسيق مع الجمعيات في توزيع فائض وجباتهم التي غالبا تذهب للإتلاف، وهي دعوة للشباب في كل حي وبلدة للقيام بأنشطة عمل الخير في توزيع الطعام للمحتاجين، فتعود عليهم بالأجر. وقال الحارث بن كلدة الملقب بطبيب العرب: المعدة بيت الداء، والحمية رأس الدواء.

هذه ذكرى ( وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين)

وتقبل الله صيامكم وصدقاتكم وبارك لكم في أرزاقكم، ولا تنسونا من دعائكم.
 
تابعو الأردن 24 على google news