jo24_banner
jo24_banner

رمضانيات 8 - "وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"

د. نبيل الكوفحي
جو 24 :

يقول تعالى في تحديد الواجبات المطلوبة من المؤمنين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ( (الحج: 77)، نعم افعلوا الخير ولا حصر لوصف عمل الخير. من هنا برز مصطلح أصبح يتردد على مسامعنا كثيرا: المسؤولية الاجتماعية.

المسؤولية الاجتماعية ليست وليدة اليوم بل هي ثقافة اصيلة في الإسلام ، وحث عليها نبينا محمد صل الله عليه وسلم بقوله ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ فَالْإِمَامُ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ وَالْمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا وَالْخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ” هذا الحديث الشريف هو تأسيس للمسؤولية الاجتماعية من منظور ديني، وهو ما يعني أن للمسؤولية الاجتماعية صفة إلزامية تقتضي أن يقوم كل فرد بالواجبات التي يتوقعها منه المجتمع. ولا بد من الاشارة أن تناول الواجبات مقرون بالحقوق ، إذ يصعب مطالبة الفرد بواجبات دون منحه حقه الذي يعزز انتماءه.

مفهوم المسؤولية الاجتماعية يشمل التزام أصحاب الشركات المشاركة في التنمية المستمرة، من خلال العمل مع المجتمع المحلي وكل الوطن لرفع مستوى المعيشة. لذا فهو أعمق وأشمل من كوّنه القيام بالأعمال التطوعية او التبرع بالمال للجمعيات او الأفراد، بل هو منهج او سلوك ينتهجه الفرد او المنظمة. بل هو تعبير عن المواطنة الحقه، فهو ضرورة إنسانية ملحة، وواجبا أخلاقيا.

المسؤولية في الإسلام: تتسع لان يكون المسلم المكلف مسؤول عن كل شيء جعل الشرع له سلطانًا عليه أو قدرة على التصرف فيه بأي وجه من الوجوه ، سواء شخصية فردية أم متعددة جماعية. لذلك تتنوع المسؤولية الاجتماعية:

فهي مسؤولية اجتماعية دينية أولا: قوله تعالى (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون).

وهي مسؤولية اجتماعية اخلاقية: في تربية الفرد، وتعزيز الأخلاق الحميدة وتنميتها.

وهي مسؤولية تعليمية: في توفير التعليم ونشره بين أفراد المجتمع، كما أنها مسؤولية اجتماعية مهنية: في توفير مجالات العمل للشباب.

وهي مسؤولية اجتماعية خيرية: يقول تعالى (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه) وتستند هذه إلى أن ملكية المال في المنظور الإسلامي لله عز وجل، استخلف الله الإنسان فيه وجعل حق الله هو حق المجتمع.

وربما يتجنب البعض الاشارة الى المسؤولية الاجتماعية السياسية: في الاهتمام بالشأن العام والعمل الجماعي في الاحزاب والجمعيات لتحقيق اهداف المجتمع بالعيش المستقر والامن ومحاربة الفساد.

من الامثلة الرائعة ذلك الذي قامت به يوم أمس الاثنين اذاعة حسنى، انطلاقا من القاعدة الشرعية (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم) حيث بثت برنامجا حيا على مدار عدة ساعات لجمع التبرعات لتوفير اجهزة اوكسجين للعناية المنزلية بمرضى كورونا الذين لا يستطيعون توفيرها لصالح جمعية الاغاثة الطبية العربية، حيث فاقت التبرعات التوقعات ولله الحمد.

كم نحن بحاجة لهكذا مبادرات تعزز دور المؤسسات والشركات ورجال الاعمال في التمكين المجتمعي بحيث يصدق فينا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).

وتقبل الله صيامكم وتبرعاتكم وأعانكم عل فعل الخير الذي يحتاجه الناس، ولا تنسونا من دعائكم.
 
تابعو الأردن 24 على google news