نتيناهو يراوغ بمغازلة سلطة عباس
أجمع محللون متخصصون في الشأن الإسرائيلي على أن رسالة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للرئيس الفلسطيني محمود عباس ودعوته إلى تجديد المفاوضات بين الجانبين دون شروط مسبقة، مراوغة سياسية استباقا لأي ضغوطات دولية قد تتعرض لها تل أبيب.
وعزا المحللون إقدام نتنياهو على ما اعتبروه "إعادة مغازلة" السلطة الفلسطينية بعد قطيعة استمرت سنوات والإيعاز لمبعوثه إسحاق مولخو بلقاء الرئيس الفلسطيني في رام الله، إلى تشكيل نتنياهو لحكومة "وحدة وطنية" وتحالفه مع حزب كاديما برئاسة شاؤول موفاز، مما يمنحه متسعا من الحراك السياسي والمراوغة الدبلوماسية قبالة الفلسطينيين.
وعزز نتنياهو من دبلوماسيته تجاه السلطة الفلسطينية، حيث أوصى وزراء حكومته باللجنة الوزارية للتشريعيات عدم التصويت على مشروع القانون الذي قدمه النائب ميري ريجب من حزب الليكود الذي يترأسه نتنياهو ويقضي بضم الضفة الغربية، وبذلك عرقل عرضه للتصويت أمام الكنيست منعا لأزمة ائتلافية مع شريكه الجديد "كاديما" وتحسبا لردود فعل من الإدارة الأميركية وأوروبا.
جس نبض
واعتبر الدكتور أمل جمال المحاضر بجامعة تل أبيب والباحث بالسياسات الإسرائيلية، أن لقاء مولخو بعباس الذي أتى ردا على رسالة الجانب الفلسطيني التي سلمها رئيس دائرة المفاوضات بمنظمة التحرير صائب عريقات للجانب الإسرائيلي في أبريل/نيسان الماضي، جس نبض بذريعة تجديد المفاوضات لفتح آفاق إسرائيلية جديدة نحو المناورات الدبلوماسية مع الطرف الفلسطيني.
وشدد على أن الجانب الإسرائيلي على قناعة تامة بأن قدرات عباس باتت محدودة جدا ولا يمكنه التقدم بمفاوضات جدية بحسب قواعد اللعبة الإسرائيلية، وعليه أتت المناورات الدبلوماسية لحكومة نتنياهو لصد أي ضغوطات دولية قد تتعرض لها إسرائيل، وكذلك للإبقاء على تواصل مع القيادة الفلسطينية تفاديا لأي فراغ بالشارع الفلسطيني.
وردا على سؤال للجزيرة نت عما إذا كان النهج الدبلوماسي لنتنياهو يأتي في سياق ضم حزب "كاديما" برئاسة شاؤول موفاز إلى الحكومة، قال جمال إن "الاعتقاد السائد بأن حزب كاديما وسياساته لا تدفع باتجاه تجديد المفاوضات الجدية مع الفلسطينيين، خصوصا أن ضم كاديما إلى الحكومة ما هو إلا طوق نجاه لموفاز الذي تشير استطلاعات الرأي تراجع قوته ومقاعد حزبه".
ولفت جمال إلى أن موفاز سيكون ورقة يستعملها نتنياهو لخدمة مصالحه ورؤيته السياسية، لكونه لا يختلف في مواقفه عن رؤى النخبة العسكرية الإسرائيلية تجاه القضية الفلسطينية، حيث يؤمن كغيرة بضرورة إبقاء الضغط على الواقع الفلسطيني عسكريا وأمنيا، فالأحزاب اليهودية بمن فيها كاديما لن تندفع نحو حلول جوهرية بالملف الفلسطيني خشية أن لا تحظى بثقة الناخب بعد عام ونيف.
بدوره استبعد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح في نابلس الدكتورعبد الستار قاسم أن تكون هذه اللقاءات مقدمة لتجديد المفاوضات، واعتبرها "مكرمة إسرائيلية بغية تبيض وجه السلطة الفلسطينية لدعمها أمام شعبها، ومراوغة قبالة المجتمع الدولي للتذرع بأن تل أبيب قدمت المزيد من التنازلات".
وأضاف أن عباس" كشف عن مدى ضعفه وبؤسه عندما أبرق لنتنياهو قبل أسابيع بشأن إمكانية تجديد المفاوضات، حيث أثبت مرة أخرى أن السلطة الفلسطينية مجرد أداة لا علاقة لها بالبعد الاستقلالي الفلسطيني، ولن تحصل على شيء سوى تلك الصلاحيات التي تسمح لها إسرائيل بممارستها".
وخلص إلى القول "أمام التعنت السياسي الإسرائيلي تتباكى السلطة الفلسطينية قبالة الشعب، وبالتالي لا تخدم ولا تدافع عن المصالح الوطنية، وبالمقابل تستغل إسرائيل هذه الحالة التي تعيشها السلطة وتستعملها كفقاعات إعلامية".(الجزيرة)