لماذا تتخذ النساء أكثر القرارات العقلانية عند التعرض للإجهاد؟
جو 24 :
يتفق علماء النفس على وجود مسارين للدماغ يشتركان في اتخاذ القرار، مسار عاطفي تحكمه اللوزة، وآخر عقلاني تحكمه قشرة الفص الجبهي. وتكمن وظيفة اللوزة الدماغية في التدخل عندما تواجه قرارات صعبة لها آثار عاطفية.
لفهم كيفية تأثير ذلك على القرارات التي يتخذها كل من الرجال والنساء، قام أستاذ علم الأعصاب لاري كاهيل بتحرير مجلة كاملة لعلم الأعصاب مخصصة لهذا الأمر.
يذكر أنه كبداية يمكن القول إن اللوزة الدماغية للرجال تميل إلى أن تكون أكبر من اللوزة عند النساء. إلا أن طريقة عملها مختلفة لدى كل منهما، ففي حين يشعر كل من الرجال والنساء بالقلق إزاء نتائج قراراتهم، خاصة فيما يتعلق بالمعضلات الأخلاقية، فإن النساء تميل إلى الاهتمام بتجنب الأذى أكثر بكثير من الرجال. وهذا يعني أنه من المرجح أن يتجنبن القرارات "العقلانية" لصالح قرارات أكثر "عاطفية".
ولكن هل الحرص على تجنب الأذى يساعد على اتخاذ القرارات بشكل أفضل؟
تقول أستاذة علم النفس في جامعة شمال فلوريدا الدكتورة تريسي باكيام ألواي في مقال لها على موقع سيكولوجي توداي (Psychologytoday) إن الأمر يختلف حسب الموقف، فإذا كانت المرأة في وضع تتخلى فيه عن شيء تريده، عرض عمل على سبيل المثال، لأنها قلقة من تأثير ذلك سلبا على شخص آخر، فإن هذا قد لا يكون شيئا إيجابيا.
إذا كنت تظن أنك ستتخذ قرارا عاطفيا ليس في صالحك، وتريد أن تعكس هذا القرار، فإنه يوجد حل غير متوقع وهو التعرض للإجهاد.
تقول باكيام ألواي، جلس أكثر من 100 مشارك في مختبري وهم يستمعون إلى معضلات أخلاقية مختلفة. خلال بعض هذه المعضلات، طُلب من المشاركين وضع يدهم اليسرى في دلو من الماء المثلج المبرد إلى حوالي 34 درجة فهرنهايت لمدة دقيقة واحدة. تم تصميم هذه المهمة لرفع مستويات التوتر.
اعتقاد خاطئ: عندما تتعرض المرأة للتوتر فإنها تصبح عاطفية وتنهار (مواقع التواصل)
علاقة الإجهاد باتخاذ القرارات
أظهرت النتائج أن نتائج الإجهاد البدني الناتج عن الماء المثلج قد قلبت الموازين فيما يتعلق باتخاذ القرارات، فقد غيّر المشاركون استجاباتهم العاطفية الأولية إلى استجابة أكثر عقلانية. ولكن لماذا حدث ذلك؟
تقول باكيام ألواي إنه بالنسبة للنساء غالبا ما يكون الوضع الافتراضي في القرارات العاطفية الصعبة هو تقليل الضرر، والذي يعتمد على اللوزة. ولكن مع إدخال ضغط جسدي، فإن اللوزة تكون مشغولة بإصدار إنذار استجابة للعامل المجهد، ثم إلغاء التنشيط بعد إزالة الضغط. وهذا يخلق فرصة سانحة لقشرة الفص الجبهي، الجزء العقلاني من الدماغ، للتدخل والسيطرة.
وبالتالي فإن التعرض للإجهاد لمدة قصيرة (دقيقة واحدة فقط) يثقل كاهل عقلك العاطفي حتى تتمكن من التبديل إلى استخدام عقلك العقلاني في اتخاذ القرار.
مفهومان خاطئان
لمعرفة المزيد حول الاختلافات الرئيسية بين الطريقة التي يتخذ بها الرجال والنساء القرارات، أجرت الصحفية كاثي كابرينو حوارا عبر موقع فوربس (Forbes)، مع الدكتورة تيريز هيستون مؤلفة كتاب "كيف تقرر النساء: ما هو صحيح وما هو غير ذلك؟".
تقول هيوستن إن هناك تصورا شائعا جدا هو أنه عندما تتعرض المرأة للتوتر فإنها تصبح عاطفية وتنهار، ولكن عندما يتوتر الرجال فإنهم يظلون هادئين وواضحين. وقد وجد علماء الأعصاب أن كلا المفهومين الشائعين خاطئ.
وجدت مارا ماثر عالمة الأعصاب الإدراكية في جامعة جنوب كاليفورنيا، أنه عندما يكون الناس تحت ضغط، يصبح الرجال أكثر حرصا على المخاطرة. فقد اتضح أن الرجال يركزون على المكافآت عندما ترتفع معدلات ضربات القلب ومستويات الكورتيزول لديهم، حتى لو كانت فرص تحقق هذه المكافأة ضئيلة.
في المقابل، إذا وضعت النساء في الموقف المجهد نفسه، وقمت بزيادة مستويات الكورتيزول لديهن، فإنك سترى شيئا مختلفا نوعا ما فيما يتعلق باتخاذ القرار. فسوف يركزن أكثر على نسب المخاطر وسيستغرقن وقتا أطول في تقييم الحالات الطارئة وسيكن أكثر اهتماما بمكافآت أصغر يمكنهن الاعتماد عليها.
وبالتالي فقد اتضح أن النساء، بدلا من الانهيار تحت الضغط، يكون لديهن نقاط قوة فريدة في عملية صنع القرار.
وفقا لهيوستن، فإن هذا يعد سببا وجيها لضرورة وجود كل من الرجال والنساء في المكان نفسه حينما نكون بصدد اتخاذ قرارات عالية المخاطر. نحتاج إلى كليهما لتحقيق التوازن بين بعضهما بعضا عندما تتصاعد التوترات.
تركز النساء على دراسة نسب المخاطر في تقييم الحالات الطارئة (بيكسابي)
لماذا يشاع أن الرجال أفضل؟
تقول هيوستن لقد اعتدنا على منح الفضل للرجال وليس النساء. تُظهر الأبحاث أنه عندما تحل مجموعة مشكلة ما بنجاح ويكون الأمر غامضا فيما يتعلق بمن يستحق الإشادة للمساهمة الرئيسية في اتخاذ القرار، يفترض كل من الرجال والنساء عادة أن الفضل يعود لأحد الرجال.
حدس المرأة
عندما يشير البعض إلى ما يعرف بـ"حدس المرأة"، فإنهم يعتقدون أن المرأة تتخذ قراراتها بناء على بعض المشاعر التي لا يمكن تفسيرها، بناء على حدس داخلي.
لكن الأبحاث تظهر أن النساء يعتمدن على البيانات والتحليل مثل الرجال، إن لم يكن أكثر منهم، ففي عينة من 32 دراسة بحثت في كيفية تفكير الرجال والنساء في مشكلة ما أو اتخاذ قرار، وجدت 12 دراسة أن النساء اعتمدن نهجا تحليليا في كثير من الأحيان أكثر من الرجال، مما يعني أن النساء يتجهن بشكل منهجي إلى البيانات، في حين أن الرجال كانوا أكثر ميلا للذهاب مع حدسهم أو ردود أفعالهم البديهية.
بالنسبة للعشرين دراسة الأخرى، لم يجدوا أي فرق بين أساليب تفكير الرجال والنساء. لم تجد دراسة واحدة أن النساء تملن إلى أن يكن أكثر سهولة في أساليب صنع القرار.
المرأة صانعة قرار
تقول هيوستن إن هناك أدلة متزايدة على أنه عندما تشغل المرأة أدوارا قيادية متعددة، تتخذ قرارات أكثر ذكاء. حلل معهد بيترسون أرباح 21 ألفا و980 شركة في جميع أنحاء العالم، ووجد أن الشركات التي تشغل فيها النساء 30% من المناصب القيادية العليا كسبت 15% أكثر، في المتوسط، من الشركات التي لا توجد فيها نساء في مجالس إدارتها.
المصدر : مواقع إلكترونية