jo24_banner
jo24_banner

رمضانيات 26 - "وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ"

د. نبيل الكوفحي
جو 24 :


الحديث عن فلسطين والقدس ليس حديث مناسبات، بل حديث يستمد ديمومته من قدسية القضية واستمرارها وعظيم معاناة أهلها. والله سبحانه يعلم منذ الازل ما سيحدث، لذلك أبرز لها ايات تتلى الى يوم القيامة، للتأكيد على أهميتها وبذل الغالي والنفيس لاجلها. اذ جاءت بداية سورة الاسراء للتأكيد على ذلك (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ).

تضمنت السورة نبوءة قيام دولة إسرائيل وزوالها مرتين (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْن). ومن عدله سبحانه أراد أن يوضح لهم أي لبني اسرائيل كما كل البشرية سبب فعلهم وزوال ملكهم، الاساءة لغيرهم قتلا وتدميرا وتهحيرا واحتقارا (أنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا). نعم برغم الألم فهم في عدوانهم الثاني والأخير باذن الله، الى زوال بحقيقة حاسمة في كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وقد جاءت الاحاديث تؤكد هذه الحقيقة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: ( "لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء، حتى يأتيهم أمر الله. وهم كذلك"، قالوا: يا رسول الله وأين هم؟ قال: "ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس").

لكن لماذا تأخر النصر؟! الجواب حتى يتحقق الشرط وهو ما أوردته الاية (بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا) من حيث الصفة (عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ) والنتيجة (فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ ۚ وَكَانَ وَعْدًا). نعم نحن قوم وان كثرت لدينا امنيات التحرير، لكن لا تتحقق فينا في الغالب صفة ان نكون عبيدا لله، لا من حيث الافراد ولا المجتمعات. تلك الصفة التي اطلقت بحق خير البشر والانبياء كما جاءت الايات (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ)، و( سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ). اول هذه المقاييس (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُم أحب اليكم من الله ... )، ثم الإخلاص له سبحانه (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ لله رب العالمين)، ثم القيام بالعبادات وفعل المأمورات وترك المنهيات، وليس أخرها ان نخالق الناس بخلق حسن. لكن ذروة السنام التي ترد الاعداء وتحفظ لهذا الدين وللمسلمين حقوقهم (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) و (وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم).

دعم المجاهدين في فلسطين وتحريرها واجب على الافراد كما هو على الدول، كل بما يستطيع: من نصرة بالحديث والمال، الى تجهيز الجيوش واعداد الامة لمعركة التحرير.

وتقبل الله صيامكم وجهادكم باموالكم وجهودكم، ولا تنسونا من صالح دعائكم.
 
تابعو الأردن 24 على google news