طبيب نفسي : هكذا يمكن للجمهور العربي دعم غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعي
جو 24 :
ما الآثار النفسية الذي يتركها القصف الإسرائيلي على سكان قطاع غزة؟ وهل هناك شيء يمكن للجمهور العربي على وسائل التواصل الاجتماعي فعله لتقديم الدعم النفسي لسكان غزة؟ وكيف تؤثر مشاهد القتل -في التلفزيون ووسائل التواصل- على نفسية الأطفال وصحتهم العقلية؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها في هذا الحوار الخاص بالجزيرة نت مع مستشار الطب النفسي الدكتور وليد سرحان.
منذ العاشر من مايو/أيار الجاري استشهد في قطاع غزة 213 فلسطينيا، بينهم طبيبان وما لا يقل عن 61 طفلا، إضافة إلى أكثر من 1400 جريح، ما الآثار النفسية التي تترتب على ذلك على سكان القطاع؟
كيف تعمل غازات الأعصاب؟
إن سقوط الشهداء والجرحى والقصف المستمر له آثاره النفسية الهائلة على من يصابون ومن يفقدون أعزاء، وكذلك على من يشاهدون الأحداث ويترقبونها بحذر. من المعروف أن هناك اضطراب الصدمة النفسية على من يعيش في منطقة من النزاع المسلح، وفي مثل هذه الحالة هو قصف واعتداء على مدنيين عزل، وليس جيشا مقابل آخر.
ويتطلب هذا التدخل المباشر لوقف القصف والعدوان، كما يقتضي هذا من الجهات التي تقوم بإرسال مساعدات طبية أن يكون فيها متخصصون في الطب النفسي وعلم النفس والإرشاد، وغيرها من الاختصاصات الضرورية اللازمة لتقليل الآثار النفسية قدر المكان.
كيف تؤثر مشاهد القتل على نفسية من يشاهدونها سواء كانوا بالغين أو أطفالا؟
إن مشاهدة القتل على أرض الواقع يعيشها أهلنا في غزة وفي كل فلسطين، ولا شك أنها مؤثرة جدا، إذ إن فقدان الأب والأخ والأم والأخت والابن هو فقدان مؤثر في كل الأحوال، وعندما يكون بالقتل والجريمة والعدوان فإن تأثيره أكبر، خاصة أولئك الذين يفقدون عددا من أفراد عائلتهم أو كل عائلتهم، وتكون التأثيرات فورية معروفة كالصدمة والاكتئاب ومختلف الحالات النفسية، وهم بحاجة لرعاية نفسية وإسعاف نفسي فوري، ورعاية نفسية لاحقة يجب أن يتم الاستعداد لها.
الناس جميعا يتأثرون بمختلف أعمارهم، خاصة الأطفال الذين لم يروا مثل هذا من قبل، والذين لم يعيشوا مثل هذه التجارب، أو الذين يفقدون أحد أفراد عائلتهم أو يصابوا؛ لذلك لا شك أن هناك كثيرين ممن يطورون حالات من الاضطراب النفسي والانفعالي والسلوكي.
ماذا عن الوضع النفسي لعائلات الشهداء الذين شهدوا موت أبنائهم وأفراد عائلاتهم أمامهم؟
كان الله في عون هذه الفئة من الناس، فهم لم يفقدوا في كثير من الأحيان فردا واحدا بل أكثر، وشاهدوا هذا الفقدان بانهيار العمارات تحت تأثير الصواريخ والمدافع وشاهدوهم وهم يحاولون الهرب، وشاهدوهم وهم يصرخون وينادون لإنقاذهم ولم يتمكنوا من فعل شيء، مما يؤدي إلى صدمة شديدة من حسرة الحداد والحزن على الميت الذي تخطى الحزن العادي في الظروف العادية، وتبقى أيضا متشابكة في الظروف التي يعاني منها الفرد الذي فقد أحد أفراد عائلته، وما زال القصف والضرب مستمرا ويتوقع أن يفقد آخرين أو يفقد حياته، في حالات معينة رأينا طفلا يقوم بالانتحار بعد أن فقد آخر فرد من أفراد عائلته.
كيف تؤثر مشاهد القتل -في التلفزيون ووسائل التواصل الاجتماعي- على نفسية الأطفال وصحتهم العقلية؟
بالنسبة للأطفال -خارج غزة- فإن مشاهد القتل تؤثر على نفسياتهم، وكذلك البالغون، خاصة الساعات الطويلة من مشاهدات هذه الصور على التلفاز أو مشاهدتها على أرض الواقع، وفيها صور مرعبة ومخيفة قد تأخذ وقتا طويلا لتمحى من ذاكرة الإنسان، وبالتالي فإن النصيحة التي توجه بإبعاد الأطفال قدر الإمكان عن مشاهدة حالات القتل والعنف وإطلاق النار والصواريخ، إضافة إلى إبعادهم عن مشاهدة نشرات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تبالغ أحيانا في تصوير الضحايا والقتل والجروح والتشويه.
الدكتور وليد سرحان: اضطراب شدة ما بعد الصدمة يرتفع بشكل كبير خلال شهر عند من يتعرض لصدمات (الجزيرة)
كيف يمكن تقديم الدعم النفسي للناجين من القصف الإسرائيلي والجرحى على أسرة الشفاء؟
لا بد من فرق جاهزة في المكان، ولكن مع الأسف في تواصلنا مع الزملاء في غزة فإن الوضع صعب حتى بالنسبة للفرق الطبية النفسية، لأنهم هم أيضا فقدوا من أفراد عائلاتهم وتعرضوا لكل أشكال هذا العنف وهذا القصف المستمر، وبالتالي هناك ضرورة للدعم من الخارج ضمن الإمكانات البسيطة المتوفرة، خصوصا أن الكهرباء والإنترنت والتلفزيون قد لا تكون متوفرة في معظم الأوقات ولكل الناس، وأنا أنادي كل الشعوب والدول من أجل تقديم بعض الدعم عبر الإذاعات التي يمكن التقاطها بالمذياع البسيط أو على مذياع السيارات، أما المرضى على أسرة الشفاء فلا بد من وجود أطباء يقومون برعايتهم؛ ويكون ضمن الفرق الطبية أطباء واختصاصيون نفسيون يقومون بمعالجات طبية وجراحية مختلفة.
هل تتوقع زيادة اضطرابات نفسية معينة في الفترة القادمة في غزة كالكرب النفسي الناجم عن القصف وسقوط الشهداء والجرحى؟
بالتأكيد، فالمعروف أن اضطراب شدة ما بعد الكرب الرضحي، أو اضطراب شدة ما بعد الصدمة، هو من الاضطرابات التي ترتفع بشكل كبير خلال شهر عند من يتعرض لصدمات، إضافة إلى الاضطرابات النفسية الأخرى كالقلق والاكتئاب وبعض حالات الذهان أيضا.
من وجهة نظركم، هل هناك شيء يمكن للجمهور العربي على وسائل التواصل فعله لتقديم الدعم النفسي لسكان غزة؟
أنا أرى أن الجمهور العربي عليه التواصل مع من يعرفون من سكان غزة وفلسطين بكل وسائل التواصل الهاتفية أو تطبيقات التواصل الاجتماعي، وأن يكونوا على اتصال مستمر معهم، ويمكن للمواطن العربي عن طريق هذه التطبيقات أن يقدم المساعدة الوجدانية، وأيضا على المهنيين والمختصين والخبراء النفسيين توجيه رسائل داعمة للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية جميعها وفي غزة بشكل خاص.
وفي النهاية، أود أن أناشد وسائل الإعلام المختلفة أن تعمل على توفير التواصل عبر المحطات الإذاعية داخل قطاع غزة وحوله في جنوب الضفة الغربية، حيث إن الإرشادات والتعليمات تصل لكل أهل القطاع من خلال هذه المحطات، وهناك آلاف المختصين العرب الجاهزين لتقديم كل أشكال الدعم عبر هذه الوسيلة المهمة.
المصدر : الجزيرة + وكالات + وكالة سند