كيف كسرت المقاومة في غزة شوكة الاحتلال؟
جو 24 :
بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة في قطاع غزة والاحتلال حيز التنفيذ قال خبراء عسكريون، إن الجولة الأخيرة من القتال كشفت عن تطور مفاجئ في القدرات العسكرية والاستخباراتي "للمقاومة” الفلسطينية، فيما فشلت تل أبيب في تحقيق أهدافها.
ويقارن الخبراء الفلسطينيون في أحاديث منفصلة مع وكالة الأناضول، تطور المنظومة القتالية لدى المقاومة الفلسطينية بين حربي 2014 التي استمرت 51 يوما و2021 التي استمرت 11 يوما، مشيرين إلى أن المقاومة أدخلت صواريخ جديدة وغواصات ومُسيرات أربكت المنظومة الدفاعية الإسرائيلية.
وذهب هؤلاء بالقول، إلى أن "فعل المقاومة يرتقي لفعل الجيوش النظامية”.
وتصاعد التوتر في قطاع غزة بشكل كبير بعد إطلاق إسرائيل عملية عسكرية واسعة ضده في 10 مايو/ أيار الجاري، تسببت بمجازر ودمار واسع في المباني والبنية التحتية، قبل بدء وقف لإطلاق النار، فجر الجمعة.
وأسفر العدوان الإسرائيلي الوحشي على الأراضي الفلسطينية، عن 274 شهيدا، بينهم 70 طفلا، و40 سيدة، و17 مسنا، فيما أدى إلى أكثر من 8900 إصابة، منها 90 صُنفت على أنها "شديدة الخطورة”، مقابل مقتل 12 إسرائيليا وإصابة عدد آخر بجروح في رشقات صاروخية.
تطور مفاجئ للمقاومة
يقول الخبير العسكري واللواء المتقاعد واصف عريقات، إن "المقاومة الفلسطينية أثبت في الجولة الأخيرة إنها أحدثت تطورا كبيرا ومفاجئا في قدراتها العسكرية والاستخباراتية، مقابل فشل إسرائيلي في المستويات كافة”.
ويضيف: "المقاومة انتقلت من مرحلة الدفاع عن النفس إلى الدفاع الإيجابي والهجوم، الأمر الذي يؤكد جهوزيتها الكاملة”.
ويردف عريقات: "المتتبع لما جرى يرى أنه كان هناك فعل فلسطيني ورد فعل إسرائيلي”.
ويتابع: "الفعل الفلسطيني المقاوم مبني على الثقة بالذات وعلى خطة استراتيجية رسمت بدقة على أساس إمكانية الصمود لفترة طويلة”.
ويرى الخبير الفلسطيني، أن "المقاومة راكمت كثيرا من الإنجازات العسكرية الميدانية، أبرزها أنها سجلت قدرتها وبراعتها في استمرار القصف الصاروخي بالرغم من السيطرة الجوية الإسرائيلية في سماء القطاع”.
واستطاعت المقاومة الفلسطينية بحسب عريقات، "الوصول لأهداف اختارتها بناء على معلومات استخباراتية جمعتها بطريقة ذكية للأهداف الإسرائيلية”.
ويشير عريقات إلى أن "بنك الأهداف الإسرائيلي تمثل بضرب البنية التحتية والأبراج السكينة، فيما تمثل بنك أهداف المقاومة بالمطارات والثكنات العسكرية، ومحطات الكهرباء والغاز”.
وعقب وقف إطلاق النار، أعلن الجيش الإسرائيلي، أنه "أغار ودمر أكثر من 1700 هدفًا فوق وتحت الأرض في قطاع غزة”.
وزعم الجيش أنه "تمكن من القضاء على نحو 200 ناشطًا منهم 8 أعضاء في الهيئة العليا لقيادة الأركان (5 من حماس و3 من الجهاد الإسلامي)”.
تطور بين حربي 2014 و2021
ويقارن عريقات قدرات الفلسطينيين بين حربي 2014 (الجولة الماضية من القتال بين الفصائل في غزة وإسرائيل) و2021 قائلا: "واضح أن تطورا كبيرا حدث بين الحربين أبرزها تطور أداء المقاومة ومهاراتها والقدرة على التحكم والسيطرة، والخطط والسلاح كما ونوعا ودقة”.
ويضيف: "في الحرب الأخيرة كان هناك مفاجئات ظهرت كتطوير الأداء العسكري، ودخول المسيرات وغواصات للخدمة العسكرية، إلى جانب صواريخ جديدة كـ : القاسم، وعياش 250 غيرها”.
ويردف عريقات، إن "المقاومة ومع اختلال ميزان القوى لصالح إسرائيل حققت الانتصار”.
ويرى أن "الاحتضان الشعبي الفلسطيني للمقاومة في الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس، والداخل المحتل أحدث اختلالا لدى إسرائيل”.
ويلفت عريقات، إلى أن الاحتلال "استخدم أحدث التقنيات والأسلحة لمواجهة صواريخ المقاومة وأساليبها القتالية، لكنها فشلت”.
ويشير إلى أن الاحتلال "طالما تغنى بالقبة الحديدية، لكن الصور التي ظهرت تؤكد فشل تلك المنظومة الدفاعية، واستطاعت الصواريخ أن تصيب أهدافها وأن تحدث إرباكا لدى دولة الاحتلال”.
وزعم الجيش الإسرائيلي في بيان، أن القبة الحديدية "اعترضت معظم صواريخ المقاومة بنسبة نجاح 90 بالمئة”، غير أن قناة "كان” الإسرائيلية قالت، إن المقاومة الفلسطينية "أطلقت نحو 4 آلاف صاروخ على إسرائيل”.
فيما قال المتحدث باسم كتائب "القسام” الجناح العسكري لحركة "حماس” المكنى "أبو عبيدة” في تسجيل صوتي بث بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار "خضنا في المقاومة معركة سيف القدس دفاعًا عن القدس بكل شرف وإرادة واقتدار نيابة عن أمة بأكملها”.
وأضاف "تمكنا بعون الله من إذلال العدو وجيشه الذي تبجحت قيادته بقتل الأطفال وتدمير الأبراج السكنية”، مشيرا إلى أن المقاومة كانت أعدت ضربة صاروخية جديدة "كبرى” للمدن الإسرائيلية.
المقاومة باتت أقرب للجيش
بدوره يقول الخبير العسكري محمد المصري، إن "فصائل المقاومة أثبتت في الحرب الأخيرة، إنها صنعت فعل جيوش نظامية”.
ويضيف: "الفصائل بدأت المعركة بقرار من الغرفة المشتركة (للفصائل المسلحة) لتي أدارت المعركة ببراعة وبتوقيت زمني منسجم حتى الساعة الأخيرة”.
ويردف المصري: "المقاومة شنت حربا عسكرية ونفسية على الاحتلال”.
ويوضح، أن الحرب العسكرية كانت "من خلال قصف عديد المواقع غطت كافة المدن الإسرائيلية، فباتت دولة الاحتلال في مرمى صواريخ المقاومة”.
ويضيف المصري: أما الحرب النفسية فكانت "عبر رسائل وجهتها المقاومة للاحتلال بإعلانها مواعيد القصف والأماكن المستهدفة مسبقا”.
ويصف ما قامت به المقاومة بأنه "عمل غير عادي حيث أبقت كافة مواطني دولة الاحتلال في الملاجئ بقرار منها، وشلت الحياة وفرضت منع التجول على الإسرائيليين”.
ومن منظور المصري، "فشلت إسرائيل في تحقيق أهداف استراتيجية، كالقضاء على البنية التحتية للمقاومة، واغتيال قادتها”.
ويرى أن إسرائيل، ” أيقنت بأنها فشلت استخباراتيا حيث لم تتوقع اندلاع هبة شعبية عارمة شملت البلدات الفلسطينية في الداخل المحتل”.
وشهدت البلدات العربية داخل إسرائيل مظاهرات عارمة خاصة في مدينة اللد التي فقدت أحد أبناءها برصاص أحد المستوطنين واضطرت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إرسال 16 وحدة عسكرية من حرس الحدود لمحاولة احتواء الأوضاع فيها.
المراكمة على الإنجازات
يعتبر الخبير العسكري رامي أبو زبيدة، أن "المقاومة الفلسطينية راكمت الإنجازات، واستفادت من الحروب السابقة لتطوير أساليبها وذخيرتها”.
ويشير إلى أنه "بعد كل جولة بين المقاومة والاحتلال نشهد تطورا في الوسائل القتالية من حيث الكم والنوع، والمدى والقوة التأثيرية”.
ويقول أبو زبيدة: "ما كشف عنه تطور في 3 أجيال من الصواريخ ذات القدرات الكبيرة من حيث التأثير ودقة الإصابة”.
ويلفت إلى أن "المقاومة أطلقت صواريخ بكثافة لم تتعرض لها إسرائيل من قبل من حيث العدد”.
ويشير أبو زبيدة، إلى أن” المقاومة لأول مرة تستخدم الطائرات المسيرة والغواصات في المعركة العسكرية، وضربت أهدافا استراتيجية في البحر”.
ويتوقع أبو زبيدة، أن السنوات القادمة "ستكون حبلى بالمفاجآت العسكرية لدى المقاومة”.
فشل إحباط منظومة إطلاق الصواريخ
رون بن إيشاي المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت” العبرية قال الجمعة، إن الجيش الإسرائيلي "فشل في إحباط وتدمير نظام إطلاق الصواريخ الفلسطينية خلال العملية العسكرية الأخيرة ضد غزة”.
وأضاف بن إيشاي: "كما حدث لنا مع حزب الله في نهاية حرب لبنان الثانية، صحيح أن ضبط النفس سيجعل حماس والجهاد تفكران مرتين، وربما 3 مرات قبل إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، لكن القدرة على القيام بذلك هي حقيقة يجب على إسرائيل أن تأخذها في الاعتبار مستقبلاً”.
وشنت إسرائيل على قطاع غزة 4 حروب الأولى عام 2008 واستمرت 21 يوما، والثانية عام 2012 واستمرت لمدة 8 أيام، والثالثة عام 2014 واستمرت 51 يوما والرابعة عام 2021 واستمرت 11 يوما.-(الأناضول)