الحديث عن انتشار "الفطر الأسود" يثير قلق المصريين
جو 24 :
سادت مصر مؤخرا حالة من الهلع والفزع جراء انتشار مرض آخر وهو الفطر الأسود، الذي ظهر على نطاق واسع بالهند وأدى إلى آلاف الوفيات، وجاء ذلك مرتبطا بأمرين زادا من حدة الخوف، الأول هو المتعلق بأنباء عن وفاة الفنان سمير غانم بسبب هذا المرض، والثاني اكتشاف عدد من الحالات بهذا الفطر في بعض المحافظات.
ومن جانبهم حذر خبراء صحة من إمكانية انتشار هذا الفطر بمصر، في ظل الحديث عن أن سبب وفاة الفنان سمير غانم كانت بالفطر، وأنه أصيب بعدوى من خراطيم الأكسجين أو المحاليل نظرا لوجود الفطر على مثل هذه الأشياء فضلا عن إصابته بفيروس كورونا.
ولفتوا في تصريحات لـ"عربي21" إلى نقطة هامة، تتعلق بعدم قيام وزارة الصحة المصرية بالفحص الجيني للفيروسات سواء كورونا أو الفطر الأسود، مؤكدين أن هذا الأمر يمكن أن يتسبب في انتشار عدوى واسعة لعدم التعرف على نوعية الفيروس وخريطته الجينية، وبالتالي فإنه يصعب التعامل معه، رابطين السيطرة على هذا الفطر بالخدمة الطبية بالمستشفيات والتخوف من الإهمال.
وبعدما نفت وزارة الصحة المصرية مراراً انتشار سلالة "الفطر الأسود" في البلاد بين مصابي فيروس كورونا المستجد، فقد تبين وجود عدد من المصابين بالفعل وهو ما أكده الدكتور محمد النادي، عضو اللجنة العلمية لمكافحة فيروس كورونا، فقد قال في تصريحات صحفية، إنَّ هناك 3 حالات مصابة به في مصر بأقاليم 3 محافظات، وهو ما أكده أيضا الدكتور حسام حسني، رئيس اللجنة العلمية لمكافحة الجائحة بالوزارة، في تصريحات لوسائل إعلام محلية.
والفطر الأسود عبارة عن فطريات نادرة تؤثر بشكل أساسي على من تكون مناعته ضعيفة، وتعيش عادة في التربة والمواد العضوية المتحللة، ويوصف بأنه "مرض انتهازي"، يهاجم الفك والعين ويهدد بالوفاة، ووصق بالانتهازي لأنه يعيش في جسم الإنسان، وينتهز فرصة قلة المناعة ليبدأ نشاطه ويهاجم ويسبب مرضا خطيرا، ومميتا في بعض الأحيان.
وبحسب الدراسات فإن الفطر الأسود مرض موجود منذ عام 1885، حيث وجدت دراسة في عام 2005 أن معدل الوفيات بالفطر الأسود بلغ 54%. وصرح الدكتور هيمانة ثاكر، الطبيب الاستشاري وأخصائي القلب في مستشفى براش كاندي، في مومباي، بأن الفطر الأسود يضر الدورة الدموية حتى آخر عضو في الجسم، كما أنه ينتج عنه موت الأنسجة، التي تصبح سوداء اللون بعد ذلك، وهذا سبب تسميته بالفطر الأسود.
وهذا النوع من الفطريات نادر للغاية وقد يصيب الأشخاص الذين لديهم مناعة أنظمة تضررت من قبل، لذلك فإنه بدأ يظهر بعد تفشي فيروس كورونا، وتشترك الفطريات السوداء في بعض الخصائص المميزة والتكيفات الفسيولوجية التي تمكنها من المقاومة العالية للضغوط البيئية، وتغزو الفطريات الجيوب الأنفية وتشق طريقها إلى داخل الجمجمة، فقد يموت به من 50 إلى 80% من المرضى.
غياب الفحص الجيني.. الفطر مصدر الخطر
وفي السياق قال وكيل وزارة الصحة الأسبق مصطفى جاويش إن الفطر عبارة عن نوع من الفطريات المخاطية وهو يسبب العدوى وموجود في البيئة الملوثة، وينتشر عن طريق الرذاذ ويصيب الأماكن الرطبة ويصيب الإنسان عن طريق الجلد، ويسبب التهابات عن طريق الأنف والفم والعين ويصبب ضعيفي المناعة ومرضى السكر ويصيب، ويصل إلى الدماغ في بعض الحالات ويسبب سكتة دماغية، وأدويته متاحة ومعروفة، ولكنه يحتاج إلى علاج لمدة ستة أسابيع، غير أن بعض الإصابات التي تمكن منها الفيروس خاصة في الجلد تحتاج إلى جراحة واستئصال الجزء المصاب من الجلد.
وعن علاقته بكورونا قال جاويش في حديثه لـ"عربي21"، إن ارتباطه بفيروس كورونا جاء نتيجة نقص وتراجع المناعة، خاصة مرضى السكر ومن يتعاطون الكورتيزون، وهو ما يسبب المناعة وهو ما حدث بالهند، حيث انتشار فيروس كورونا على نطاق واسع وتراجع المناعة، فضلا عن تعامل الهنود مع الأبقار وانعدام النظافة المطلوبة.
وحول المخاوف على مصر من هذا الفيروس، أكد وكيل وزارة الصحة الأسبق أن المخاوف تكمن في أنه لا يوجد فحص جيني حقيقي بمصر، وهو يهدف إلى معرفة حقيقة الفيروس ونوعه، خاصة لدى القادمين من الخارج، وهذا مصدر القلق واستدل على ذلك بحالة وفاة الفنان سمير غانم، وما قاله شقيقه في هذا السياق، مؤكدا أن الأسباب الرئيسية في حالة غانم من الممكن أن تكون بسبب عدوى من خلال خراطيم الأكسجين أو المحاليل، لأن الفيروس يكون موجودا على مثل هذه الأشياء، وهذا يتطلب حذرا شديدا ويقظة لهذا الأمر داخل مستشفيات العزل، خاصة الحالات المتأخرة لأنها الأكثر عرضة.
أما الطبيب بوزارة الصحة والمشرف على أحد أقسام العزل حسن محمود، فقد أشار إلى أن الفطر ينتشر بين حالات كورونا المتأخرة، خاصة الحالات المنزلية التي ليس عليها كنترول أو إشراف من جانب وزارة الصحة، أما في حالات المستشفيات فيكون هناك سيطرة، خاصة أن حالات المنازل تنقل إلى المستشفيات في حالات متأخرة جدا وهنا يكون مكمن الخطورة.
وأضاف حسن في حديثه لـ" عربي21" إلى نقطة هامة تتعلق بالسيطرة على الفطر من عدمه وتكون هي المحك، وهي جودة الخدمة الطبية ومدى توفرها واليقظة في حصار العدوى، أما إذا كانت متراجعة فهي تمكن الفيروس من الانتشار ليصبح خطرا حقيقيا وهو ما يجب أن تنتبه إليه وزارة الصحة.
الاكتشاف المبكر يمكن علاجه
وبدوره أوضح أستاذ الأمراض الجلدية ورئيس المركز القومي للبحوث الأسبق في مصر دكتور هاني الناظر، أن الفطر الأسود ينتمي للكائنات الدقيقة وينمو في التربة الرطبة والثمار الفاسدة والخضراوات المتحللة، ومنها ينتقل إلى الإنسان.
وأضاف الناظر في تصريحات صحفية أنه من الممكن علاج الفطر الأسود لو تم اكتشاف الإصابة به مبكراً، وذلك من خلال دواء "أمفيتروسين ب"، مشيراً إلى أنه في حالة تفاقم الإصابة فإن من الممكن أن يتم استئصال العين وإزالة أجزاء من الوجه بل إنها قد تتدهور الحالة وتصل إلى الوفاة.