هل أنت تعيش في الأردن؟!
د. يعقوب ناصر الدين
جو 24 :
حظي مقالي السابق "لعبة الأحجام" بتعليقات متناقضة ما بين مؤيد لما ذهبت إليه من أن موقفنا في اتجاه أنفسنا سيء للغاية، وأننا لا نقدر ذاتنا حين لا ندرك مكانة الأردن في التوازنات الإقليمية، وما بين منتقد لبعض الأسباب التي أوردتها في المقال، والتي ترتبط بسوء استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في التعبير عن مشاكلنا الداخلية، مما يعطي انطباعا بأن الدولة منخورة من داخلها ، ويرى بعض هؤلاء الأصدقاء الأحباء أن في ذلك نوع من تحويل الأنظار عن المشاكل الحقيقية التي نعيشها، وفي مقدمتها الفساد والمديونية والفقر والبطالة، والسياسات التي أنتجت جميع تلك الأزمات، حتى أن أحد المعلقين سألني مستنكرا "هل أنت تعيش في الأردن" ؟
نعم يا سيدي أنا أعيش في الأردن، وأعرف وأفهم كل ما يجول في خاطرك، وفي خاطر المعلقين الذين أوردوا بعض الحقائق أو المظاهر المقلقة في تعليقاتهم، مثل غياب التخطيط الإستراتيجي لمعالجة الاختلالات القائمة، والتناقض في التصريحات الصادرة عن المسؤولين في العديد من القضايا إلى درجة الاستخفاف بالعقول، ودعني أقول بصدق وأمانة إن تنبيه "الكاتب" إلى ضرورة الانتباه لما قد يشكل ضررا على الدولة يفوق في خطورته طبيعة الأزمات المحلية إنما هو نوع من التنبيه أو التحذير من إهمال بعض العوامل التي تمس مكانة الدولة في البعدين الإقليمي والدولي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإقليم على هذا القدر من الصراعات مثل إقليم الشرق الأوسط!
ذلك التنبيه موجه أولا إلى القائمين على إدارة شؤون الدولة أكثر من غيرهم، وثانيا إلى المعنيين بحاضر ومستقبل هذا البلد، وهم المواطنون جميعا، ليس من أجل أن يتوقف أحد عن الكلام بكل مستوياته، بل من أجل أن تدفعنا تلك المخاطر المتعلقة بمكانة وقوة الدولة في الإقليم، واحتمالات التأزيم المتصاعد إلى أخذ مشاكلنا المحلية مأخذ الجد، ونلزم أنفسنا بالتصدي لها والتغلب عليها بصورة عاجلة وقاطعة.
غياب الثقة يتفاقم يوما بعد يوم، ونحن بأشد الحاجة إلى البحث عن الجوامع المشتركة على أرضية صلبة لحوار وطني حقيقي ومنطقي، ولعل عملية الإصلاح الشامل التي نتطلع إليها، بأبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية تسهم إذا ما تحولت إلى حقيقة واقعة وإجراءات عملية، وتشريعات ضرورية في رسم خارطة الطريق للخروج من أزماتنا الراهنة، ولكن الأهم يكمن في صدقية وسرعة التوجه، لأننا في سباق مع الزمن.
نحن جميعا نعيش في الأردن، وكلنا نريد أن يكون عيشنا فيه كريما، مثلما يتوجب علينا أن نكون له سندا وعزوة، وبذلا وعطاء، فهو ملاذنا الأول والأخير.
http://www.yacoubnasereddin.com