تفاصيل مأساة الطفلة "ميراي" بلبنان.. ضحية إهمال وطمع
جو 24 :
تتوالى قصص الألم والمعاناة في لبنان على وقع الأزمات الكبرى المالية والاقتصادية والسياسية، وفي زحمة كل ذلك يدفع الأبرياء وحدهم الثمن.
آخر القصص المآساوية في لبنان، هي الطفلة ميراي الجندي التي لفظت أنفاسها الأخيرة وسط استخفاف وإهمال طبي وصمت حكومي.
القصة بدأت في بلدة دير عمار الشمالية وتحديدا في منزل خالد الجندي بعد أن هرع بابنته نحو مستشفى طرابلس الحكومي لارتفاع حرارتها وضيق تنفسها وانعدام الدواء لها في الصيدليات.
الطبيعي هنا أن تتلقى هذه الطفلة البريئة كل الرعاية وأن يستنفر الكادر الطبي جهوده لخدمة معنى الطفولة المتمثلة بها، وبحسب رواية الأهل لـ"عربي21" فإن "إدارة المستشفى قابلت تخوفات الأهل بفتور لا بل طالبتهم بإيجاد بديل (لأنه لا أماكن شاغرة في المستشفى لها)".
هذا ما تجرأ به مسؤولو المستشفى أمام حالة ملحة لا يمكن صدها أو تجاهلها خصوصا أن "المشفى هو الوحيد المؤهل في المنطقة لعلاج الأطفال".
هنا الذهول والتخبط قد ساد العائلة بأسرها... أهل الطفلة يجادلون إدارة المستشفى ويستنجدون بفعاليات ووسائط على الطريقة اللبنانية منذ قرابة الساعة 11:30 مساء، أما الطفلة فهي تترنح في قسم الطوارئ من دون علاج مباشر حتى منتصف اليوم التالي... اتصالات في كل اتجاه... وأخيرا استطاع الأهل الوصول إلى وزير الصحة حمدي الحسن الذي أشار لهم بإرسالها للعلاج في بيروت.
ويكشف شهود عيان لـ"عربي21" أن طبيبا يدعى (ع.د) رفض مرافقة الطفلة قبل أن يسدد له ذووها مقابلا ماديا عبارة عن 700 ألف ليرة واصفا إياه ببدل أتعاب المرافقة، لكن كل ما كان الأهل يملكونه حينها هو مبلغ خمسمئة ألف ليرة.
استنجدوا بضميره.. تذللوا له... لكنه في نهاية المطاف قال لهم: "خذوها إلى بيروت من دون طبيب لا داعي لذلك"... ويحضر السؤال المنطقي: "أين قسم الشرف الذي أداه هذا الطبيب؟ وأين هي نقابة الأطباء كي تحقق وتعاقب من أذنب وكل النماذج الفاسدة من الأطباء بهدف تحصين قيم أسمى مهنة على وجه هذه الأرض.. وكم كان مقيتا وبحسب صرخة الأهل من خلال "عربي21" أن يكون المشهد بهذه الفظاعة: "مدير للمستشفى لا يحرك ساكنا أمام طفلة لم تتجاوز خمسة أشهر وطبيب يشترط المال للقيام بواجب إنساني مع (عصفورة) لا ذنب لها سوى أنها ولدت وأزهقت روحها في لبنان".
وينقل الأهل وجعهم العميق.."مدير المستشفى كان بإمكانه إيجاد مكان وتوفير الرعاية لطفلة توقف قلبها وأنعش ثلاث مرات وكانت جل ما تحتاجه أوكسجين ورعاية مكثفة لتثبيت وضعها... أين ضميره الغائب؟ ألا تقدم رعاية هذه الطفلة على حالات متوسطة، ولماذا لم يبذل المعنيون جهدا من أجل حمايتها... هل هذا يحدث في الدول التي تحترم الطفولة والإنسانية؟".
يقول الأهل: "مع نقل الطفلة إلى بيروت كان الوضع مأساويا وجاءت الحقيقة المرة... فات الآوان".
يتابعون: "هو ارتفاع في الحرارة قد يصيب أي طفل في العالم لكن في لبنان يؤدي بفعل الإهمال وفقدان الدواء وقلة الرقابة وفساد الوطن إلى مقتلها".
عم الطفلة زياد يقول بأن أي مسؤول رسمي أو حكومي لم يكلف نفسه بالتواصل مع العائلة، لكنه أكد في الوقت عينه "لا نعول على تواصلهم معنا... إننا لا نريد الحديث معهم الآن بعد فوات الآوان".
واعتبر أن القضية ليست متعلقة فقط بابنة أخيه الطفلة، بل هي قضية شعب يعاني بفعل هذه الطبقة الفاسدة الظالمة التي تتحكم بالبلاد والعباد من دون أدنى حس بالمسؤولية، مضيفا: "لو حصلت هذه الحادثة في أي بلد آخر لكنا شهدنا استقالة أو إقالة وزراء أو مسؤولين... لكننا في لبنان المفتوح لحساب طبقة منتفعة".
طفلة أغمضت عينيها ورحلت تاركة أهلها في غصة وحسرة وتساؤل كبير وملح: "ماذا لو لم نكن في لبنان؟".