عطوان يفكّك اللوغارتيمات العربية ووهم جمهورية الموز وحقيقة الفأر المذعور
جو 24 : لا يوجد شيء يمكن وصفه بالمنطقي في منطقة الشرق الاوسط هذه الايام، فكل ما يجري حاليا من احداث وصدامات وحروب وتحالفات يأتي خارج القواعد والقوانين المتبعة في العالم بأسره، وهذا على اي حال ليس مفاجئا، فمعظم حقبات تاريخ هذه المنطقة المنكوبة بالتدخلات الخارجية والمخططات الاستعمارية الغربية كانت سلسلة من التناقضات يصعب فهمها او تقبلها لاي عقل سوي.
لنترك الماضي مؤقتا، ونتحدث عن الحاضر لمحاولة استشراف بعض فصول المستقبل القريب على الاقل، فمن كان يتوقع ان يلتقي الخصمان المتقاتلان على الارض السورية بالنيابة، اي المملكة العربية السعودية وروسيا، على ارضية دعم الانقلاب العسكري في مصر، وفي مواجهة كل من تركيا وقطر حليفتي البلدين في دعم المعارضة المسلحة لاطاحة النظام السوري؟
السعودية وقطر وتركيا التي دعمت الحركات المسلحة في سورية باطيافها المتعددة، تعمل ضد بعضها البعض في مصر، فالاولى تدعم الانقلاب العسكري وتغدق على حكومته الاموال (5 مليارات دولار نقدا ومليارا دولار نفط وغاز ومساعدات اخرى)، والاثنتان الآخريان (تركيا وقطر) تدعمان حركة الاخوان بهدف افشال حكم العسكر وعودة الرئيس محمد مرسي المنتخب الى السلطة.
ايران ليست بعيدة عن هذه المتاهة، وان كانت تتصرف بطريقة اكثر ذكاء من خلال الجلوس على المقاعد الخلفية فيما يتعلق بالازمة الراهنة في مصر، فهي تدعم اعلاميا وسياسيا النظام العسكري وواجهته المدنية، بعد ان انقلب عليها وحليفها السوري الرئيس محمد مرسي في ايامه الاخيرة، واعلن الجهاد "لتحرير" سورية ووضع كل ثقله في كفة المعارضة متأثرا بنصائح الشيخ القرضاوي وفتاواه، وهو اعلان الجهاد الذي كان احد اسباب الاطاحة به بعد خمسة ايام من اعلانه.
***
الرئيس مرسي زار الصين وروسيا والبرازيل علاوة على ايران، طلبا للمساعدة وكسرا للحصار، ولكنه انقلب على هذه الدول جميعا اعتقادا منه ان عرب الاعتدال، يمكن ان يساعدوه، ويحننوا قلب امريكا عليه، ولكن مقامرته هذه باءت بالفشل، فقد اتضح ان اعلانه للجهاد في سورية واغلاق السفارة السورية وليس الاسرائيلية جاءا متأخرين جدا، مضافا لذلك ان هذه الدول، والسعودية على وجه الخصوص، تكره الاخوان المسلمين اكثر مما تكره اسرائيل، وعبر الامير الراحل نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السابق عن هذه الكراهية بشكل اوضح عندما قال ان الاخوان "اس البلاء".
السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا وباني نهضتها الاقتصادية اظهر جهله بالمنطقة ايضا وهو احد ابنائها وتصرف كمستشرق، عندما فوجئ بدعم النظام السعودي لانقلاب عسكري اطاح برئيس اسلامي منتخب، وصرخ في وجه الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي هاتفه لحثه على دعم هذا الانقلاب متسائلا، كيف تفعل هذا دولة الحرمين الشريفين التي تقول انها تطبق الشريعة الاسلامية وتدعم الاسلام والمسلمين.
اردوغان لم يتلق اجابة او تفسيرا على تساؤله المستهجن هذا (بكسر الميم)، وكان عليه ان يعلم جيدا ان الاعتبارات السياسية تتقدم على الكثير من الاعتبارات الدينية والاخلاقية في قواميس معظم الانظمة التي تضع مشروعها في البقاء على رأس قمة اولوياتها في هذا العالم المتغير والمنطقة الملتهبة.
التناقضات الغربية في المنطقة ليست حكرا على الدول واستراتيجياتها المؤقتة والبعيدة المدى، فكيف يمكن تفسير ما يصل من انباء عن خلافات طاحنة بين تنظيمي "النصرة" و"دولة العراق والشام الاسلامية"، وكليهما يتبنيان عقيدة تنظيم القاعدة وادبياته، حتى ان وساطة الدكتور ايمن الظواهري خليفة الشيخ اسامة بن لادن في زعامة التنظيم لم تحقق النجاح المطلوب في دمج التنظيمين تحت قيادة موحدة، او بالاحرى دمج تنظيم "النصرة" بقيادة الشيخ ابو محمد الجولاني في تنظيم "دولة العراق والشام الاسلامية" بقيادة الشيخ ابو بكر البغدادي.
سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي كشف عن مفارقة غريبة قبل يومين، عندما طالب امريكا باحترام ما جرى التوصل اليه من اتفاق اثناء قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى، اي تعاون النظام السوري مع المعارضة المسلحة لتصفية الجماعات الجهادية تمهيدا لعقد مؤتمر "جنيف 2" لايجاد تسوية سياسية للازمة السورية.
***
أليس غريبا أن نرى في الايام المقبلة تعاونا وتنسيقا بين الجيش السوري الحر وقوات النظام في حرب مشتركة لمحاربة الجماعات الجهادية، مثل النصرة ودولة العراق والشام الاسلامية واحرار الشام وما شابها من تنظيمات اخرى قريبة او امتداد لتنظيم القاعدة؟
من لوغارتيمات المنطقة ايضا ان يعرض الامير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية شراء اسلحة بـ 15 مليار دولار، وضمان عدم منافسة الغاز الخليجي للغاز الروسي في اوروبا مقابل تخليها عن دعم نظام الاسد، وينسى الامير بندر ان روسيا دولة عظمى، وموقفها في سورية ينبع من امرين، الاول يعود الى كبريائها الوطني وحرصها على هيبتها ومكانتها ومصالحها، والثاني، ان من يحكمها حاليا فلاديمير بوتين وليس غورباتشوف المستسلم والمبهور بالغرب، او يلتسين السكير الذي سيطرت عليه مجموعة رجال اعمال، نسبة كبيرة منهم من يهود روسيا.
معلومة مهمة يمكن اضافتها لتعزيز ما سبق، وهي ان روسيا ستنفق ثلاثة اضعاف هذا المبلغ على تنظيم الدورة الاوليمبية عام 2020، وهي ثاني اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بعد السعودية، وتحتل المرتبة الاولى عالميا في تصدير الغاز.
أليس لافتا في ظل سرد هذه التناقضات انه حتى مفاوضات السلام التي ترعاها امريكا بين الفلسطينيين والاسرائيليين تتعثر وتوشك على الانهيار، لان هذا العملاق الامريكي الذي يتأسد على العرب وانظمتهم يتحول الى فأر امام نتنياهو ولا يستطيع وقف بناء وحدة سكنية واحدة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلة!
مصدر كل هذه العلل في المنطقة، في رأيي المتواضع، هو محاولات الغرب المستمرة لتحويل الانظار عن العدوان الاسرائيلي، بخلق حروب جانبية تستنزف الامة وثرواتها، وتزعزع استقرارها، فالقاعدة الثابتة في المنطقة ان تظل اسرائيل قوية مسيطرة، وحتى يتحقق هذا الهدف لا بد من تدمير اي قوة عربية تنشأ، واختلاق الذرائع والاسباب لهذا الهدف، ولهذا جرى زرع الفتن لتدمير العراق وبعده سورية، والآن مصر، ولا ننسى في هذه العجالة نشر الفوضى في ليبيا وتونس، وتقسيم السودان، وتطبيق كل هذه الاهداف مجتمعة في اليمن.
هل يصحو الاعراب من غفوتهم ويواجهون هذه الفتن موحدين او متفرقين، نأمل ذلك ولكننا لا نعتقد انه سيتحقق في المستقبل المنظور.
لنترك الماضي مؤقتا، ونتحدث عن الحاضر لمحاولة استشراف بعض فصول المستقبل القريب على الاقل، فمن كان يتوقع ان يلتقي الخصمان المتقاتلان على الارض السورية بالنيابة، اي المملكة العربية السعودية وروسيا، على ارضية دعم الانقلاب العسكري في مصر، وفي مواجهة كل من تركيا وقطر حليفتي البلدين في دعم المعارضة المسلحة لاطاحة النظام السوري؟
السعودية وقطر وتركيا التي دعمت الحركات المسلحة في سورية باطيافها المتعددة، تعمل ضد بعضها البعض في مصر، فالاولى تدعم الانقلاب العسكري وتغدق على حكومته الاموال (5 مليارات دولار نقدا ومليارا دولار نفط وغاز ومساعدات اخرى)، والاثنتان الآخريان (تركيا وقطر) تدعمان حركة الاخوان بهدف افشال حكم العسكر وعودة الرئيس محمد مرسي المنتخب الى السلطة.
ايران ليست بعيدة عن هذه المتاهة، وان كانت تتصرف بطريقة اكثر ذكاء من خلال الجلوس على المقاعد الخلفية فيما يتعلق بالازمة الراهنة في مصر، فهي تدعم اعلاميا وسياسيا النظام العسكري وواجهته المدنية، بعد ان انقلب عليها وحليفها السوري الرئيس محمد مرسي في ايامه الاخيرة، واعلن الجهاد "لتحرير" سورية ووضع كل ثقله في كفة المعارضة متأثرا بنصائح الشيخ القرضاوي وفتاواه، وهو اعلان الجهاد الذي كان احد اسباب الاطاحة به بعد خمسة ايام من اعلانه.
***
الرئيس مرسي زار الصين وروسيا والبرازيل علاوة على ايران، طلبا للمساعدة وكسرا للحصار، ولكنه انقلب على هذه الدول جميعا اعتقادا منه ان عرب الاعتدال، يمكن ان يساعدوه، ويحننوا قلب امريكا عليه، ولكن مقامرته هذه باءت بالفشل، فقد اتضح ان اعلانه للجهاد في سورية واغلاق السفارة السورية وليس الاسرائيلية جاءا متأخرين جدا، مضافا لذلك ان هذه الدول، والسعودية على وجه الخصوص، تكره الاخوان المسلمين اكثر مما تكره اسرائيل، وعبر الامير الراحل نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية السابق عن هذه الكراهية بشكل اوضح عندما قال ان الاخوان "اس البلاء".
السيد رجب طيب اردوغان رئيس وزراء تركيا وباني نهضتها الاقتصادية اظهر جهله بالمنطقة ايضا وهو احد ابنائها وتصرف كمستشرق، عندما فوجئ بدعم النظام السعودي لانقلاب عسكري اطاح برئيس اسلامي منتخب، وصرخ في وجه الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي الذي هاتفه لحثه على دعم هذا الانقلاب متسائلا، كيف تفعل هذا دولة الحرمين الشريفين التي تقول انها تطبق الشريعة الاسلامية وتدعم الاسلام والمسلمين.
اردوغان لم يتلق اجابة او تفسيرا على تساؤله المستهجن هذا (بكسر الميم)، وكان عليه ان يعلم جيدا ان الاعتبارات السياسية تتقدم على الكثير من الاعتبارات الدينية والاخلاقية في قواميس معظم الانظمة التي تضع مشروعها في البقاء على رأس قمة اولوياتها في هذا العالم المتغير والمنطقة الملتهبة.
التناقضات الغربية في المنطقة ليست حكرا على الدول واستراتيجياتها المؤقتة والبعيدة المدى، فكيف يمكن تفسير ما يصل من انباء عن خلافات طاحنة بين تنظيمي "النصرة" و"دولة العراق والشام الاسلامية"، وكليهما يتبنيان عقيدة تنظيم القاعدة وادبياته، حتى ان وساطة الدكتور ايمن الظواهري خليفة الشيخ اسامة بن لادن في زعامة التنظيم لم تحقق النجاح المطلوب في دمج التنظيمين تحت قيادة موحدة، او بالاحرى دمج تنظيم "النصرة" بقيادة الشيخ ابو محمد الجولاني في تنظيم "دولة العراق والشام الاسلامية" بقيادة الشيخ ابو بكر البغدادي.
سيرغي لافروف وزير الخارجية الروسي كشف عن مفارقة غريبة قبل يومين، عندما طالب امريكا باحترام ما جرى التوصل اليه من اتفاق اثناء قمة الدول الثماني الصناعية الكبرى، اي تعاون النظام السوري مع المعارضة المسلحة لتصفية الجماعات الجهادية تمهيدا لعقد مؤتمر "جنيف 2" لايجاد تسوية سياسية للازمة السورية.
***
أليس غريبا أن نرى في الايام المقبلة تعاونا وتنسيقا بين الجيش السوري الحر وقوات النظام في حرب مشتركة لمحاربة الجماعات الجهادية، مثل النصرة ودولة العراق والشام الاسلامية واحرار الشام وما شابها من تنظيمات اخرى قريبة او امتداد لتنظيم القاعدة؟
من لوغارتيمات المنطقة ايضا ان يعرض الامير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية شراء اسلحة بـ 15 مليار دولار، وضمان عدم منافسة الغاز الخليجي للغاز الروسي في اوروبا مقابل تخليها عن دعم نظام الاسد، وينسى الامير بندر ان روسيا دولة عظمى، وموقفها في سورية ينبع من امرين، الاول يعود الى كبريائها الوطني وحرصها على هيبتها ومكانتها ومصالحها، والثاني، ان من يحكمها حاليا فلاديمير بوتين وليس غورباتشوف المستسلم والمبهور بالغرب، او يلتسين السكير الذي سيطرت عليه مجموعة رجال اعمال، نسبة كبيرة منهم من يهود روسيا.
معلومة مهمة يمكن اضافتها لتعزيز ما سبق، وهي ان روسيا ستنفق ثلاثة اضعاف هذا المبلغ على تنظيم الدورة الاوليمبية عام 2020، وهي ثاني اكبر دولة مصدرة للنفط في العالم بعد السعودية، وتحتل المرتبة الاولى عالميا في تصدير الغاز.
أليس لافتا في ظل سرد هذه التناقضات انه حتى مفاوضات السلام التي ترعاها امريكا بين الفلسطينيين والاسرائيليين تتعثر وتوشك على الانهيار، لان هذا العملاق الامريكي الذي يتأسد على العرب وانظمتهم يتحول الى فأر امام نتنياهو ولا يستطيع وقف بناء وحدة سكنية واحدة في مستوطنات الضفة الغربية والقدس المحتلة!
مصدر كل هذه العلل في المنطقة، في رأيي المتواضع، هو محاولات الغرب المستمرة لتحويل الانظار عن العدوان الاسرائيلي، بخلق حروب جانبية تستنزف الامة وثرواتها، وتزعزع استقرارها، فالقاعدة الثابتة في المنطقة ان تظل اسرائيل قوية مسيطرة، وحتى يتحقق هذا الهدف لا بد من تدمير اي قوة عربية تنشأ، واختلاق الذرائع والاسباب لهذا الهدف، ولهذا جرى زرع الفتن لتدمير العراق وبعده سورية، والآن مصر، ولا ننسى في هذه العجالة نشر الفوضى في ليبيا وتونس، وتقسيم السودان، وتطبيق كل هذه الاهداف مجتمعة في اليمن.
هل يصحو الاعراب من غفوتهم ويواجهون هذه الفتن موحدين او متفرقين، نأمل ذلك ولكننا لا نعتقد انه سيتحقق في المستقبل المنظور.