كيف مثل انسحاب رياضيين عرب من الأولمبياد ضربة للتطبيع؟
جو 24 :
وجه لاعب جزائري وآخر سوداني ضربة قوية لموجات التطبيع العربي المثير للجدل مع الاحتلال في العام 2020، بانسحابهما من مواجهة لاعب إسرائيلي في أولمبياد طوكيو 2020، الجارية حاليا.
أول الرياضيين العرب المنسحبين كان لاعب الجودو الجزائري، فتحي نورين، بعد أن أوقعته القرعة بمواجهة محتملة مع اللاعب الإسرائيلي بوتبول طاهار ضمن منافسات وزن الـ73 كيلوغراما.
نورين، أعلن في تصريحات إعلامية أنه قرر التضحية بالمشاركة في أكبر حدث رياضي عالمي رفضا للتطبيع مع إسرائيل، وتضامنا مع القضية الفلسطينية.
ورغم تطبيع بلاده مع إسرائيل في تشرين الأول/ أكتوبر 2020، إلا أن لاعب الجودو السوداني محمد عبد الرسول رفض خوض نزال يوم الاثنين الماضي ضد نفس اللاعب الإسرائيلي بوتبول طاهار.
لاعبة الجودو السعودية تهاني القحطاني، كانت لديها مواجهة مع اللاعبة الإسرائيلية راز هيرشكو، الجمعة، في أولمبياد طوكيو، ولكنها لم تتخذ منحى الجزائري ولا السوداني، وقررت المشاركة وسط سخط عربي من قرارها.
وتعرضت القحطاني (21 عاما) لهزيمة مذلة أمام الإسرائيلية راز هيرشكو (23 عاما) بنتيجة (0-11) في النزال الذي جمعهما ضمن منافسات الدور الـ32 لوزن فوق الـ78 كغم للسيدات، ما صحبه سخرية وشماتة عربية.
وقالت الإعلامية آنيا الأفندي، إن هند القحطاني خسرت كل شيء.
إلا أن الناشط المصري الدكتور هاني سليمان، كان له رأي آخر عن اللاعبة السعودية، مؤكدا أن "موقف الفتاة ليس بيديها، ولكنها مأمورة به، فلا مجال للومها"، موضحا أنها لم تكن تستطيع الانسحاب لأنها تعليمات عليا تتعلق بسياسة الدولة، ولو خالفتها لتم التنكيل بها أو اعتقالها.
انسحاب اللاعبين الجزائري والسوداني تسبب في إيقاف نورين، ومدربه عمار بن خليف من قبل الاتحاد الدولي للجودو وإعادتهما إلى الجزائر، إذ أعربت اللجنة الأولمبية الدولية، الثلاثاء الماضي، عن "انزعاجها" من انسحاب اللاعبين من ملاقاة لاعب إسرائيلي.
إلا أن موقف اللاعبين الجزائري والسوداني نال إعجاب الكثير من المتابعين الرياضيين والسياسيين العرب والمسلمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وشهد مطار هواري بومدين الدولي بالعاصمة الجزائرية استقبالا جزائريا رائعا لنورين ومدربه وحملتهما الجماهير على الأعناق. ونقل الإعلامي تامر المسحال هذا المشهد وقال: شتان بين من يخسر لعبة لأجل كرامة وبين من يخسر كرامة لأجل لعبة".
حركة حماس على لسان عضو مكتبها السياسي سامي أبو زهري، قالت: "ننظر بتقدير كبير لموقف البطل الجزائري فتحي نورين". وأضافت: "هذا الموقف يعبر عن الموقف الجزائري الأصيل والثابت من القضية الفلسطينية".
وثمن الفلسطيني المتخصص في العلاقات الدولية أدهم أبو موقف، فعل اللاعب السوداني والجزائري، وقال: "خسرا لعبة في أولمبياد طوكيو لكنهما ربحا محبة واحترام وتقدير أمة بأكملها".
وأضاف: "اللاعب الجزائري فتحي نورين، واللاعب السوداني محمد عبدالرسول، كان يمكن أن لا نسمع باسميهما، ولكنهما اختارا أن يكونا في الجانب الصحيح من التاريخ فرفع الله قدرهما..".
وهذه ليست المرة الأولى التي يقدم فيها نورين على مثل هذه الخطوة، إذ إنه انسحب من بطولة العالم للجودو عام 2019، في طوكيو رفضا لمواجهة نفس اللاعب الإسرائيلي.
حلقات الانسحاب الرياضي العربي من أمام اللاعبين الإسرائيليين بدأت عام 1990، بانسحاب لاعب الجودو الجزائري وبطل أفريقيا مزيان دحماني من بطولة العالم للجودو ببرشلونة الإسبانية تجنبا لملاقاة لاعب إسرائيلي.
وبعدها انسحبت حلقات الانسحاب العربي من أمام لاعبين إسرائيليين، من الجزائر ومصر واليمن وتونس والكويت والسعودية وليبيا.
وشهد العام الماضي، تطبيع الإمارات مع إسرائيل في 13 آب/ أغسطس 2020، لتتبعها البحرين في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، ثم السودان يوم 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2020، والمغرب في 10 كانون الأول/ ديسمبر 2020.
وبمواجهة التطبيع العربي، والاعتداءات الإسرائيلية على الفلسطينيين؛ انطلقت موجات تعاطف ودعم لفلسطين من رياضيين مثل لاعب مانشستر سيتي، الجزائري رياض محرز، ولاعب مانشستر يونايتد، الفرنسي بول بوغبا وغيرهما.
الحكم الدولي المصري السابق لكرة القدم كابتن ناصر صادق، يقول إن انسحاب اللاعب الجزائري ثم السوداني لاشك أن لهما دورا هاما في إجهاض حلم التطبيع الإسرائيلي ونصرة القضية الفلسطينية والتذكير بها في محفل رياضي دولي كبير.
وفي حديثه لـ"عربي21"، يؤكد أن "مجرد مواجهة لاعب عربي لآخر إسرائيلي بمسابقة رسمية دولية يعد اعترافا بوجوده وبوجود الكيان، الذي نرفض ذكر اسمه ونعتبره كيانا محتلا غير شرعي ننكر وجوده، رغم أنه للأسف أمر واقع".
الإعلامي والمحلل الرياضي، يلفت إلى أن "نورين فعل شيئا جديدا؛ إذ إنه لم يقابل اللاعب السوداني الذي لو فاز عليه لكان سيواجه الإسرائيلي، لكنه انسحب من البداية، ما جعل الاتحاد الدولي واتحاد اللعبة الجزائري يوقفانه".
ويوضح أنه "من آن لآخر تظهر خطوة تعبير من لاعب أو فريق عربيين عن رفض التطبيع بمواحهة لاعب أو فريق إسرائيلي، وهذا ما يوجع الإسرائيليين أكثر من هزيمتهم في الملعب، فليس المهم عندهم المكسب ولكن الأهم مواجهة العرب أمام العالم".
صادق يؤكد أن "مواجهتك له كعربي أمام العالم تسعده، وتعني له اعترافا منك به، والفوز الحقيقي بالنسبة له تمثيل الكيان في المحافل الدولية، وفوز ثان أهم يحققه عند مواجهة أي عربي؛ لذا فخسارته كبيرة بالانسحاب".
ويعتقد أن "المشكلة الآن أن الحالات فردية، ولا بد من موقف جماعي، وهو أمر يصعب تحقيقه مع موجات التطبيع التي صارت واقعا تنفذه دول عربية علنا وليس من خلف الكواليس، وفي ظل قلة عدد الدول الرافضة للتطبيع".
ويشير الحكم الدولي المصري السابق إلى مشكلة ثانية تتمثل في "المجتمع الدولي الذي يقف مع الكيان، وبمجرد القول بأنني لن ألعب أمام مغتصب لأرضي فستتم معاقبتي كلاعب".
ويشبه الوضع بـ"شخص سرق علمي وأحارب لاستعادة العلم، ودخل مسابقة بالعلم المسروق، فمواجهتي له كي أفوز عليه اعتراف بأن هذا العلم ملكه، ولذا وجب عدم مواجهته والإعلان للعالم ذلك نصرة للقضية وتذكيرا للعالم بالحق الفلسطيني".
ويختم صادق بأن "أولمبياد طوكيو وبطولات العالم فرصة لتسليط الضوء على القضية الفلسطينية التي مهما نامت بسبب بعض الجبناء والخونة فهي لم تمت، كما أنه وعدنا الله تعالى بتحرير الأرض".
الناقد الرياضي المصري أيمن بدرة، تحدث عن تجاهل العالم لما نؤمن به من قضايا، ويؤكد أن "العالم في مجال الرياضة لن يلتفت لمصطلحاتنا العربية مثل التطبيع وغيره، وإنما لا يعترف بغير أن الرياضة مواجهة".
ويضيف لـ"عربي21"، أن المؤسسات الرياضية الدولية تلاحق اللاعبين العرب المنسحبين بالعقوبة خاصة من اللجنة الأولمبية الدولية التي تعتبر الانسحاب عملا مخالفا للميثاق الأوليمبي.
عربي21