مركز السيطرة على الأمراض والوقاية منها يحذر: الملقحون قد ينشرون فيروس كورونا رغم ندرة حدوث ذلك
جو 24 :
أصدرت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تقريرا يشير إلى أن الأشخاص المحصنين بالكامل -الذين تعرضوا إلى ما يسمى "عدوى الاختراق" بسبب متحور دلتا من فيروس كورونا- يمكنهم نشر الفيروس بسهولة مثل الأشخاص غير المحصنين.
وقالت الكاتبة أبورفا ماندفيلي -في تقريرها الذي نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times) الأميركية- إن اللقاحات لا تزال فعالة بشكل كبير في الوقاية من المرض الشديد والوفاة، كما أن العدوى لدى الأشخاص الذين تلقوا التطعيم كانت نادرة نسبيا، حسب الوكالة الصحية. لكن هذا الإعلان جاء بعد سلسلة من الاكتشافات الحديثة الأخرى حول سلالة دلتا التي قلبت فهم العلماء لفيروس كورونا.
وفي هذا التقرير الجديد -الذي كان يهدف إلى شرح المراجعة المفاجئة للنصائح الخاصة بارتداء الأميركيين الذين تم تطعيمهم قناع الوجه- رصدت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها تفشي المرض في بروفينستاون بولاية ماساتشوستس في يوليو/تموز الجاري، حيث تزايد عدد الإصابات بسرعة ليصل إلى 470 حالة في ولاية ماساتشوستس وحدها، اعتبارا من يوم أول أمس الخميس.
وكان 3 أرباع المصابين محصنين بشكل كامل، وتم العثور على سلالة دلتا في معظم العينات التي تم تحليلها جينيا. وذكرت الوكالة الصحية أن الأشخاص المصابين من الملقحين وغير الملقحين حملوا مستويات عالية من الفيروس.
وتشير بيانات الحمل الفيروسي إلى أنه حتى الأشخاص الذين تم تحصينهم بالكامل يمكنهم نشر الفيروس بسهولة مثل الأشخاص غير المطعمين الذين أصيبوا بالعدوى. وفي رسالة بريد إلكتروني إلى صحيفة "نيويورك تايمز" في وقت سابق من هذا الأسبوع، قالت الدكتورة روشيل والينسكي -مديرة مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها- "نعتقد أنه بإمكانهم ذلك على المستوى الفردي، ولهذا السبب قمنا بتحديث توصياتنا".
تشغيل الفيديو
وذكرت الكاتبة أن وثيقة داخلية للوكالة الصحية -حصلت عليها صحيفة " ذا تايمز" (The Times) مساء أول أمس الخميس؛ أوحت بقلق أكبر بين علماء مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها وأثارت أسئلة مروعة حول الفيروس ومساره. وأشارت الوثيقة إلى أن سلالة دلتا معدية مثل جدري الماء، وقد يصبح ارتداء قناع الوجه في جميع أنحاء العالم ضروريا.
ومع ذلك، تؤكد الوكالة الصحية أن عدوى الاختراق نادرة بشكل عام. وذكرت مؤسسة "عائلة كايزر" (Kaiser Family) أن معدل حالات عدوى الاختراق أقل من 1% بين الأشخاص الذين تم تطعيمهم بالكامل في الولايات التي تحتفظ بهذه البيانات.
وأضافت الكاتبة أن المسؤولين الحكوميين والعلماء على حد سواء يشعرون بقلق بالغ من أن النتائج قد تهز الثقة في اللقاحات، مما يعيق حملة التحصين المتأخرة في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة إذا استنتج الأميركيون بشكل خاطئ أن اللقاحات ليست فعالة.
وقد أدى البحث المتطور حول سلالة دلتا إلى زعزعة ما يعرفه العلماء في جميع أنحاء العالم حول الفيروس، وهم يواجهون الآن أسئلة جديدة لم يفكروا فيها من قبل. إنهم لا يفهمون تماما الظروف التي قد تزيد من احتمالات الإصابة بعدوى الاختراق -على سبيل المثال- ومن هم الأكثر عرضة للخطر. إنهم لا يعرفون على وجه اليقين ما إن كانت سلالة دلتا تسبب مرضا أكثر شدة لدى غير المحصنين الذين يصابون بالعدوى، على الرغم من أن البيانات المبكرة تشير إلى ذلك.
متحور دلتا
أوضحت الكاتبة أنه حتى لو كانت عدوى الاختراق نادرة، فإن البيانات الجديدة تشير إلى أن الأشخاص الذين تلقوا اللقاح قد يساهمون في زيادة عدد الإصابات الجديدة، وإن كان ذلك بدرجة أقل بكثير من غير الملقحين. وكان من المتوقع دائما حدوث عدوى الاختراق، ولكن حتى وصول سلالة دلتا، لم يُعتقد أن الأميركيين الذين تم تطعيمهم هم مسؤولون عن انتشار الفيروس في المجتمع.
لا شك أن هذا الاكتشاف مخيف، لكن اللقاحات تظل الدرع الوحيد الموثوق به ضد الفيروس، بأي شكل يتخذه. حيث تمنع اللقاحات العدوى إلى حد كبير حتى مع سلالة دلتا، وتقلل بشكل كبير من فرص الإصابة بمرض شديد أو الوفاة في حالة حدوث العدوى. في هذا الصدد، قالت أنجيلا راسموسن -عالمة أبحاث في منظمة اللقاحات والأمراض المعدية بـ"جامعة ساسكاتشوان" (University of Saskatchewan) في كندا- "التطعيم الكامل وقائي للغاية، بما في ذلك ضد سلالة دلتا". وأضافت أن "أقنعة الوجه هي إجراء احترازي حكيم، لكن الجزء الأكبر من انتقال العدوى يكون بين غير الملقحين وهم لا يزالون الأكثر عرضة للخطر".
ويؤكد البحث على الضرورة الملحة لزيادة وتيرة التطعيم في الولايات المتحدة وتقليل عدد الأشخاص المعرضين للإصابة بأمراض خطيرة. وهذا الأسبوع، تجاوز معدل التطعيم في الاتحاد الأوروبي مثيله بالولايات المتحدة لأول مرة. وفي بريطانيا -حيث يبدو أن الإصابات بسلالة دلتا تتراجع بعد زيادة مفاجئة- تم طرح التطعيم حسب العمر وتلقيح نسبة أعلى بكثير من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 50 عاما مقارنة بالولايات المتحدة.
وفي تقريرها الجديد، حثت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها المسؤولين المحليين ومسؤولي الدولة في الولايات القضائية -التي لديها مستويات أقل من الفيروس- على التفكير في اتخاذ الاحتياطات، مثل ارتداء أقنعة الوجه والحد من التجمعات. وبدت الوثيقة الداخلية لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أكثر إلحاحا، حيث أوصت بأن "تعترف الوكالة بأن الحرب قد تغيرت".
وأشارت الكاتبة إلى أنه مع وصول عدد حالات العدوى اليومية إلى ما يقرب من 72 ألف حالة في المتوسط في الولايات المتحدة، تكشف البيانات الجديدة أن الأشخاص المحصنين الذين لديهم أطفال صغار أو آباء كبار في السن أو الأصدقاء والعائلة الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة قد يحتاجون إلى ارتداء أقنعة لحماية الأشخاص المعرضين للخطر في محيطهم.
في الواقع، زاد تفشي الفيروس في بروفينستاون بولاية ماساتشوستس، هذا الشهر (يوليو/تموز) بعد أن احتفل أكثر من 60 ألف شخص بيوم الرابع من يوليو/تموز في الحانات والمطاعم ودور الضيافة ومنازل الإيجار المكتظة. وفي الثالث من يوليو/تموز، لم تكن هناك حالات في المدينة والمحافظة المحيطة. وبحلول العاشر من يوليو/تموز، لاحظ المسؤولون ارتفاعا طفيفا في الحالات، وبحلول 17 من نفس الشهر، كان هناك 177 حالة لكل 100 ألف شخص. وارتفع المعدل منذ ذلك الحين إلى ما يقرب من 900 حالة في جميع أنحاء البلاد.
وحذر العلماء حتى العام الماضي (2020) من أن اللقاحات قد لا تمنع تماما العدوى أو انتقالها. لكن الخبراء لم يتوقعوا أن تظهر هذه الإصابات بشكل كبير في المعركة ضد الفيروس، ولم يتوقعوا أيضا السرعة التي يمكن أن تنتقل بها سلالة دلتا عبر البلاد. من جهته، قال الدكتور روبرت واتشتر -رئيس قسم الطب بـ"جامعة كاليفورنيا سان فرانسيسكو" (University of California, San Francisco)- "إذا كان الوصول إلى 70 أو 75% من التحصين لا يحمي المجتمع، أعتقد أنه من الصعب جدا استقراء ما يحدث لمنطقة تم تطعيم سكانها بنسبة 30%. قد يكون التواضع أهم شيء هنا".
المصدر : نيويورك تايمز