لعبة لا تعنينا.. لشو التعديل ؟!
جو 24 : كتب تامر خرمه-
التعديل الوزاري المرتقب شكّل هاجسا هيمن على كثير من وسائل الإعلام التي تسابقت إلى نشر توقّعاتها وتحليلاتها، دون أن يتمكّن أحد من الإجابة على تساؤل في غاية البساطة، وهو: "لشو التعديل" ؟
آلية تعيين الوزراء ورؤساء الحكومات كانت على مدى السنوات الثلاث الماضية موضع نقد تفصيليّ سلّط الضوء على جوهر المعضلة السياسيّة في الأردن، إلا أن صانع القرار لم يكترث لكلّ ما أثير من نقد سواء فيما يتعلّق بآلية تشكيل الحكومات أو بالسياسات الرسميّة التي تمليها المرجعيّات العليا على موظّفيها في الدوّار الرابع.
وفي حال إجراء تعديل أو حتى تغيير وزاري فإن النتيجة ستكون اجترار ذات التجارب السابقة، لذا فإن مجرّد الاكتراث بمثل هذه الإجراءات يعدّ إضاعة للوقت. أمّا مسرحيّة "الحكومات البرلمانيّة" التي تصوّر المشهد على أن المجلس النيابي له دور في صناعة القرار واختيار فريق الدوار الرابع، وإغناء الحياة السياسيّة عبر تشكيل "الكتل" الفسيفسائيّة، التي جمعت من كلّ قُطر مصلحة، فهي "نكتة" لم تعد تحفّز على الضحك بعد أن تجاوزت في سماجتها كلّ حدود المعقول.
أمّا الحديث حول "ضرورة" إجراء التعديل الوزراي لـ "تمكين" الحكومة من القيام بمهامّها عبر زيادة أعضاء الفريق، فهو مجرّد حديث مجّاني تستطيع الترويج له دون أن تكون مضطرّا لدفع الرسوم والضرائب، ولكنّه لن يتجاوز إطار الكلام النظري إلى حقيقة الأمر.. فلعبة "التوزير" انتهت منذ نحو سبعة أشهر استمرّ خلالها الفريق الوزاري بالعمل دون إجراء أيّ تعديل عليه، فلماذا يتذكّر صنّاع القرار هذه المسألة الآن، وقبيل بدء الانتخابات البلديّة بفترة وجيزة ؟!
ومن الطريف أن نتساءل عمّا إذا كان النسور نفسه يعلم إن كان صاحب القرار يعتزم إجراء تعديل أو تغيير وزاري في الأيّام القليلة المقبلة، فالنسور حقّا لا يدري. كما أنّه لا يملك الادّعاء بقدرته على تحديد مصير الأسماء المقترحة، التي أرسلها للديوان الملكي أملا في أخذها بعين الاعتبار في حال إجراء "التعديل".
ليتنا نستطيع إقناع أنفسنا بجدوى النصيحة في حال نوّهنا مجدّدا بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وإجراء مراجعة شاملة للسياسات الرسمية، والعمل بشكل جدّي على إخراج الدولة من مأزقها الاقتصادي-السياسي، إلاّ أن الجهة الوحيدة القادرة على ترجمة هذه المطالب -بحكم واقعنا السياسي- لا ترغب بذلك، فهذه بكلّ بساطة هي حقيقة الأمر، بعيدا عن التحليل الموغل في التفاصيل.
النسور إن كان سيرحل فإنّه -وبكلّ صراحة- لن يكون مأسوفاً عليه بأيّ حال من الأحوال، فالرجل أثبت تفانيه وإتقانه لتنفيذ "التعليمات" بكلّ حذافيرها، بل وبرغبة محمومة توحي بأن الرجل يرغب بالانتقام من الناس، فلم يسبق لأيّ رئيس حكومة أن تفوّق على هذا الجهبذ في إرضاء المركز الأمني- السياسي، ابتداء من اعتقال النشطاء، وحجب الصحف الالكترونيّة، ومرورا بتعييناته الاستقوائيّة، وإيذائه للمشاركين في الاضرابات المطالبة بحقوق العمّال والموظّفين في مختلف القطاعات، وليس انتهاء برفع أسعار الطاقة والمحروقات، والبدء بتحديد عدد لقمات الخبز التي يستطيع المواطن تناولها، عبر بطاقة "ذكيّة".
ولكن، في حال إجراء تغيير وزرايّ، فهل سيكون الرئيس القادم هو فارس هذا الزمان الذي سيجلب لنا المنّ والسلوى، رغم أنّه سيأتي وفق ذات الآليّة التي أفرزت النسور رئيسا لحكومتين متعاقبتين ؟!
لا يخفى على أحد أن سياسات الدولة تصنعها إرادة تتجاوز الدوّار الرابع وصلاحيّاته المحدودة بما لا يملك النسور أو غيره من موظّفي السلطة التنفيذيّة مجرّد التأثير عليها، ولا يقتصر الأمر على القرارات المتعلّقة بالشأن الداخلي، بلّ إن السياسة الخارجيّة هي ما يعبّر عن طبيعة وحقيقة هذه السلطة.
في الآونة الأخيرة شهدنا كيف سارع الوزير العابر للحكومات، ناصر جودة، إلى تأكيد تبعيّة الأردن للسعوديّة عبر تصريحاته المتعلّقة بأحداث مصر.. وقبل ذلك قرّرت السلطات إرسال قوّات الدرك الأردنيّة لقمع الاحتجاجات الشعبيّة في البحرين.. ويمكن اعتبار هذين الموقفين كافيين لشرح الكثير.
الغريب أن هذه السياسة لا تستند حتّى إلى منطق النفعيّة، فإصرار الأردن الرسمي على تبعيّته لمنظومة النفط لم تعد عليه بأيّة فائدة، ورغم رفضنا للبراغماتيّة تجدر الإشارة إلى أن أموال الخليج التي تدفّقت إلى معظم العواصم العربيّة، استثنت عمّان التي قرّر ساستها تقديم خدماتهم بالمجّان !!
سياسة خارجيّة متطرّفة في تبعيّتها، وأخرى داخليّة تقتصر على تحقيق مصالح الحلف الحاكم على حساب قوت الناس.. هذه هي محدّدات المشهد السياسي الأردني بكلّ اختصار، أمّا الحديث عن التعديلات أو التغييرات الوزاريّة، فهو مجرّد خوض في تفاصيل لتفاصيل أخرى ثانويّة، من العبث الاكتراث لها.
التعديل الوزاري المرتقب شكّل هاجسا هيمن على كثير من وسائل الإعلام التي تسابقت إلى نشر توقّعاتها وتحليلاتها، دون أن يتمكّن أحد من الإجابة على تساؤل في غاية البساطة، وهو: "لشو التعديل" ؟
آلية تعيين الوزراء ورؤساء الحكومات كانت على مدى السنوات الثلاث الماضية موضع نقد تفصيليّ سلّط الضوء على جوهر المعضلة السياسيّة في الأردن، إلا أن صانع القرار لم يكترث لكلّ ما أثير من نقد سواء فيما يتعلّق بآلية تشكيل الحكومات أو بالسياسات الرسميّة التي تمليها المرجعيّات العليا على موظّفيها في الدوّار الرابع.
وفي حال إجراء تعديل أو حتى تغيير وزاري فإن النتيجة ستكون اجترار ذات التجارب السابقة، لذا فإن مجرّد الاكتراث بمثل هذه الإجراءات يعدّ إضاعة للوقت. أمّا مسرحيّة "الحكومات البرلمانيّة" التي تصوّر المشهد على أن المجلس النيابي له دور في صناعة القرار واختيار فريق الدوار الرابع، وإغناء الحياة السياسيّة عبر تشكيل "الكتل" الفسيفسائيّة، التي جمعت من كلّ قُطر مصلحة، فهي "نكتة" لم تعد تحفّز على الضحك بعد أن تجاوزت في سماجتها كلّ حدود المعقول.
أمّا الحديث حول "ضرورة" إجراء التعديل الوزراي لـ "تمكين" الحكومة من القيام بمهامّها عبر زيادة أعضاء الفريق، فهو مجرّد حديث مجّاني تستطيع الترويج له دون أن تكون مضطرّا لدفع الرسوم والضرائب، ولكنّه لن يتجاوز إطار الكلام النظري إلى حقيقة الأمر.. فلعبة "التوزير" انتهت منذ نحو سبعة أشهر استمرّ خلالها الفريق الوزاري بالعمل دون إجراء أيّ تعديل عليه، فلماذا يتذكّر صنّاع القرار هذه المسألة الآن، وقبيل بدء الانتخابات البلديّة بفترة وجيزة ؟!
ومن الطريف أن نتساءل عمّا إذا كان النسور نفسه يعلم إن كان صاحب القرار يعتزم إجراء تعديل أو تغيير وزاري في الأيّام القليلة المقبلة، فالنسور حقّا لا يدري. كما أنّه لا يملك الادّعاء بقدرته على تحديد مصير الأسماء المقترحة، التي أرسلها للديوان الملكي أملا في أخذها بعين الاعتبار في حال إجراء "التعديل".
ليتنا نستطيع إقناع أنفسنا بجدوى النصيحة في حال نوّهنا مجدّدا بضرورة تشكيل حكومة إنقاذ وطني، وإجراء مراجعة شاملة للسياسات الرسمية، والعمل بشكل جدّي على إخراج الدولة من مأزقها الاقتصادي-السياسي، إلاّ أن الجهة الوحيدة القادرة على ترجمة هذه المطالب -بحكم واقعنا السياسي- لا ترغب بذلك، فهذه بكلّ بساطة هي حقيقة الأمر، بعيدا عن التحليل الموغل في التفاصيل.
النسور إن كان سيرحل فإنّه -وبكلّ صراحة- لن يكون مأسوفاً عليه بأيّ حال من الأحوال، فالرجل أثبت تفانيه وإتقانه لتنفيذ "التعليمات" بكلّ حذافيرها، بل وبرغبة محمومة توحي بأن الرجل يرغب بالانتقام من الناس، فلم يسبق لأيّ رئيس حكومة أن تفوّق على هذا الجهبذ في إرضاء المركز الأمني- السياسي، ابتداء من اعتقال النشطاء، وحجب الصحف الالكترونيّة، ومرورا بتعييناته الاستقوائيّة، وإيذائه للمشاركين في الاضرابات المطالبة بحقوق العمّال والموظّفين في مختلف القطاعات، وليس انتهاء برفع أسعار الطاقة والمحروقات، والبدء بتحديد عدد لقمات الخبز التي يستطيع المواطن تناولها، عبر بطاقة "ذكيّة".
ولكن، في حال إجراء تغيير وزرايّ، فهل سيكون الرئيس القادم هو فارس هذا الزمان الذي سيجلب لنا المنّ والسلوى، رغم أنّه سيأتي وفق ذات الآليّة التي أفرزت النسور رئيسا لحكومتين متعاقبتين ؟!
لا يخفى على أحد أن سياسات الدولة تصنعها إرادة تتجاوز الدوّار الرابع وصلاحيّاته المحدودة بما لا يملك النسور أو غيره من موظّفي السلطة التنفيذيّة مجرّد التأثير عليها، ولا يقتصر الأمر على القرارات المتعلّقة بالشأن الداخلي، بلّ إن السياسة الخارجيّة هي ما يعبّر عن طبيعة وحقيقة هذه السلطة.
في الآونة الأخيرة شهدنا كيف سارع الوزير العابر للحكومات، ناصر جودة، إلى تأكيد تبعيّة الأردن للسعوديّة عبر تصريحاته المتعلّقة بأحداث مصر.. وقبل ذلك قرّرت السلطات إرسال قوّات الدرك الأردنيّة لقمع الاحتجاجات الشعبيّة في البحرين.. ويمكن اعتبار هذين الموقفين كافيين لشرح الكثير.
الغريب أن هذه السياسة لا تستند حتّى إلى منطق النفعيّة، فإصرار الأردن الرسمي على تبعيّته لمنظومة النفط لم تعد عليه بأيّة فائدة، ورغم رفضنا للبراغماتيّة تجدر الإشارة إلى أن أموال الخليج التي تدفّقت إلى معظم العواصم العربيّة، استثنت عمّان التي قرّر ساستها تقديم خدماتهم بالمجّان !!
سياسة خارجيّة متطرّفة في تبعيّتها، وأخرى داخليّة تقتصر على تحقيق مصالح الحلف الحاكم على حساب قوت الناس.. هذه هي محدّدات المشهد السياسي الأردني بكلّ اختصار، أمّا الحديث عن التعديلات أو التغييرات الوزاريّة، فهو مجرّد خوض في تفاصيل لتفاصيل أخرى ثانويّة، من العبث الاكتراث لها.