بين مصر وإسرائيل والجهاد المقدّس!
د. عادل الاسطل
جو 24 : إنها المرحلة التي يمكن من خلالها، أن يسعي كل طرفٍ من الأطراف المتواجدة على الساحة، إلى تحقيق رغباته المزدحم أكثرها بالخيال وما فوق الممكن، التي تقود إلى الهدوء والاستقرار إلى ما لا نهاية، وهي تعلم أن ذلك على نحوٍ شامل غير ممكن. وهذه الأطراف هي، السلطة الجديدة في مصر، السلطة السابقة، وبالتأكيد إسرائيل التي تمثل الضلع الأبرز من حيث انشغالها بسير الأمور السياسية وبشكلٍ أوسع اهتمامها بتطورات البيئة الأمنية. إضافةً إلى الطرف الذي يمثّله عدد من جماعات الجهاد الإسلامي (العالمي) وعلى رأسها جماعة (الجهاد المقدّس) المستقرة في منطقة سيناء.
بدأت هذه المرحلة أوائل يوليو/تموز، ومنذ انقضاض الجيش المصري على الرئاسة والحكم ممثلة بالرئيس "محمد مرسي"، وبالتحديد أكثر ضد (جماعة الإخوان المسلمين)، حيث تعجّل من جهة، إلى تغيير النمط السياسي (الوليد) القائم، إلى ما كان سائداً من قبل، أو إلى ما هو شبيهٌ به على الأقل. ومن ناحيةٍ أخرى، الاجتهاد في مطاردة أعضائه في كل اتجاه، نحو التوبة النصوحة أو المصير المجهول. الذين بدورهم صرخوا بشدّة على الحكم الضائع، ومعلنين بأنهم سائرون ثائرون لاسترداده. ومن ناحيةٍ أخرى، إصرارهم على محاكمة كل من شاركوا في ضياعه.
أيضاً، فإن الجماعات الجهادية الإسلامية المنزرعة داخل منطقة سيناء، قد رأت أن من طالع حظها أن تنطلق أيديها في إثبات أنها موجودة ليس كجماعة إسلامية وحسب، إذ لم يعد يدور الحديث عن جملة من المقاتلين البدائيين، بل عن جماعات منظمة مع أهداف واضحة ومعلنة. وقد وصل بها الحال خاصةً في هذه المرحلة، إلى حد أن تصف نفسها كدولة مع قدرات متطورة، - قوية وقادرة - على سحق الجيوش التي تعترضها أو استنزافها على الأقل، بانتظار مرحلةٍ أخرى أكثر ثراءً بالنسبة لها. حيث أصبحت منذ الفترة الأخيرة، تمثّل تهديداً استراتيجياً على أكثر من جهة، فقد مثّلت تهديداً ضد إسرائيل على طول حدودها مع سيناء، فما فتئت تهديداتها تتواصل على مدار الساعة، وقيامها فعلاً بتنفيذ عمليات جهادية ضدها، باعتبارها تخوض جهاداً مقدّساً بهدف وقف التدخلات الإسرائيلية في الشؤون العربية والإسلامية، تمهيداً للقضاء عليها وتحرير البلاد المقدسة (فلسطين). ومن جهةٍ أخرى قيامهاً إلى محاربة الجيش المصري في عقر داره، حيث قامت بتنفيذ الكثير من العمليات القتالية ضده. بسبب نصرة المسلمين وتثبيت قواعد الإسلام.
بدورها إسرائيل باتت حريصة على ما يعنيها، وأهمها ضرورة أن تلحق مصر بالقطر السوري حيث المصير الذي يقضي بانهيارها شعباً وجيشاً ومؤسسات، ومن ناحية أخرى العمل على تحقيق طموحاتها التوسعية وإثبات تسيّدها وعلوّها في المنطقة.
الهجوم الذي حدث على أفراد من الشرطة المصرية في منطقة سيناء، والمنسوب ضد كل طرف من هذه الأطراف، هو في المقام الأول جعل الكل يعاني الصداع ويغرق في التساؤلات، لاسيما وأنه جاء عقب مقتل العشرات من أفراد (سجناء أبوزعبل) تابعين لجماعة الإخوان المسلمين أثناء وجودهم تحت إمرة الجيش المصري. هذا الهجوم يدل في الأساس على وقوع المنطقة والمقصود هنا مصر، وقوعها في مركز الخطر كميدان للصراع الداخلي بادئ الأمر، ثم تأتي بالضرورة إسرائيل للمشاركة فيها، وإن كانت تشارك منذ فترة ولكن بطريقة غير مباشرة، حيث أن وزير الدفاع الإسرائيلي "بوغي يعالون" لم ينفِ ولم يؤكد، ما أوردته الأنباء عن أن إسرائيل هي التي قامت بتنفيذ الهجوم بواسط طائرة مسيّرة في منطقة رفح المصرية وراح ضحيته أربعة نشطاء جهاديين- مواطنين مصريين- أوائل الشهر الجاري، في الوقت الذي برّأها الناطق بلسان الجيش المصري، ونفى أن يكون الهجوم قد تم التنسيق مع إسرائيل مسبقاً.
منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي الذي شهد تعمّق الخلافات بين المصريين – قادةً وشعباً-، ما لبثت منطقة سيناء تشهد هجمات مكثّفة، يشنّها مسلحون بشكل شبه يومي، فبالإضافة إلى قيامهم بمهاجمة المنشآت العسكرية والمراكز الشرطية، فقد قال مسؤولون أمنيون مصريون بأن مسلحين هاجموا حافلتين تابعتين للشرطة في سيناء بقرية تقع قرب مدينة رفح المحاذية للحدود مع إسرائيل، وقتلوا 25 عنصراً من قوات الأمن المركزي.
لا خلاف حول أن الحادث قد وقع وأفراد الأمن قتلوا، ولكن تضاربت الأنباء بشأن طبيعة الهجوم ومن قام بتنفيذه ؟ فبينما قالت مصادر أمنية مصرية بأن أربعة مسلحين أوقفوا الحافلتين وأجبروا ركابهما على النزول ثم فتحوا النار عليهم. فقد أفادت تقارير أخرى، بأن مسلحين استهدفوا الحافلتين بقذائف "آر بي جي".
السلطات في القاهرة سارعت إلى اتهام الجماعات الإسلامية (الإرهابية) المرتبطة والمدعومة من قِبل جماعة الإخوان المسلمين، حيث تتخفّى وراءها بمداومتها على انتهاج السلمية في احتجاجاتها ضد السلطة الجديدة والجيش، ومن ناحية أخرى انتقاماً لقتلى حادثة سجناء (أبو زعبل) التابعين لهم، حيث اتهموا سلطات الجيش بأنها قامت بتصفيتهم.
بالمقابل فإن الناطق باسم الإخوان "أحمد عارف" أعلن بأن جماعته لا تستبعد أن تكون حادثة رفح(مدبّرة) للتغطية على التطور النوعي الخطير والفاضح في الاستهداف الدموي بالتصفية الجسدية للسجناء المعارضين لهم.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإن لجان المقاومة في فلسطين، اعتبرت بأن جريمة سيناء، هي صهيونية وهدفها زيادة حِدة العداء داخل مكونات الشعب المصري في ظل الأزمة التي يمر بها. على أن المستفيد الأول والأخير من الأحداث المصرية الدامية، هي إسرائيل حيث تسعى إلى إشعال الفتنة واستمرار القتل بين أبناء الشعب الواحد.
على أي حال، فإن هذه الحادثة وبغض النظر عن نسبتها إلى أي جهة، فإنها بالضرورة تدل على تطورات خطيرة باتجاه التصعيد، وهي تعطي دفعة كبيرة نحو الولوج إلى نفق الحرب، إذا لم يتم تغليب لغة العقل والحوار من أجل الحفاظ على مصر شعباً ومؤسسات، التي تعتبر الوعاء الشامل للأمة العربية والإسلامية، كما أن من واجب الدول العربية أولاً، أن لا تبدوا منقسمة حيال هذه الأزمة، كما هو حالها الآن. حيث أن هناك منها قد سارعت إلى التهديد باتجاه تثبيت الواقع القائم، وأخرى ترفضه وتتوعده، وهذا لا يمكن أن يصح ولا يتفق مع المبادئ الإسلامية ولا الإنسانية. لذا فإن من الأفضل والأنفع أن تُبذل جهوداً غير عاديّة، لوقف أعمال العنف الدموي، والعمل على إجراء حوار سياسي يأخذ بأيدي المصريين نحو سلامة مصر واستقرارها، لأنها إذا انهارت، انهار الكل.
بين مصر وإسرائيل والجهاد المقدّس!
د. عادل محمد عايش الأسطل
إنها المرحلة التي يمكن من خلالها، أن يسعي كل طرفٍ من الأطراف المتواجدة على الساحة، إلى تحقيق رغباته المزدحم أكثرها بالخيال وما فوق الممكن، التي تقود إلى الهدوء والاستقرار إلى ما لا نهاية، وهي تعلم أن ذلك على نحوٍ شامل غير ممكن. وهذه الأطراف هي، السلطة الجديدة في مصر، السلطة السابقة، وبالتأكيد إسرائيل التي تمثل الضلع الأبرز من حيث انشغالها بسير الأمور السياسية وبشكلٍ أوسع اهتمامها بتطورات البيئة الأمنية. إضافةً إلى الطرف الذي يمثّله عدد من جماعات الجهاد الإسلامي (العالمي) وعلى رأسها جماعة (الجهاد المقدّس) المستقرة في منطقة سيناء.
بدأت هذه المرحلة أوائل يوليو/تموز، ومنذ انقضاض الجيش المصري على الرئاسة والحكم ممثلة بالرئيس "محمد مرسي"، وبالتحديد أكثر ضد (جماعة الإخوان المسلمين)، حيث تعجّل من جهة، إلى تغيير النمط السياسي (الوليد) القائم، إلى ما كان سائداً من قبل، أو إلى ما هو شبيهٌ به على الأقل. ومن ناحيةٍ أخرى، الاجتهاد في مطاردة أعضائه في كل اتجاه، نحو التوبة النصوحة أو المصير المجهول. الذين بدورهم صرخوا بشدّة على الحكم الضائع، ومعلنين بأنهم سائرون ثائرون لاسترداده. ومن ناحيةٍ أخرى، إصرارهم على محاكمة كل من شاركوا في ضياعه.
أيضاً، فإن الجماعات الجهادية الإسلامية المنزرعة داخل منطقة سيناء، قد رأت أن من طالع حظها أن تنطلق أيديها في إثبات أنها موجودة ليس كجماعة إسلامية وحسب، إذ لم يعد يدور الحديث عن جملة من المقاتلين البدائيين، بل عن جماعات منظمة مع أهداف واضحة ومعلنة. وقد وصل بها الحال خاصةً في هذه المرحلة، إلى حد أن تصف نفسها كدولة مع قدرات متطورة، - قوية وقادرة - على سحق الجيوش التي تعترضها أو استنزافها على الأقل، بانتظار مرحلةٍ أخرى أكثر ثراءً بالنسبة لها. حيث أصبحت منذ الفترة الأخيرة، تمثّل تهديداً استراتيجياً على أكثر من جهة، فقد مثّلت تهديداً ضد إسرائيل على طول حدودها مع سيناء، فما فتئت تهديداتها تتواصل على مدار الساعة، وقيامها فعلاً بتنفيذ عمليات جهادية ضدها، باعتبارها تخوض جهاداً مقدّساً بهدف وقف التدخلات الإسرائيلية في الشؤون العربية والإسلامية، تمهيداً للقضاء عليها وتحرير البلاد المقدسة (فلسطين). ومن جهةٍ أخرى قيامهاً إلى محاربة الجيش المصري في عقر داره، حيث قامت بتنفيذ الكثير من العمليات القتالية ضده. بسبب نصرة المسلمين وتثبيت قواعد الإسلام.
بدورها إسرائيل باتت حريصة على ما يعنيها، وأهمها ضرورة أن تلحق مصر بالقطر السوري حيث المصير الذي يقضي بانهيارها شعباً وجيشاً ومؤسسات، ومن ناحية أخرى العمل على تحقيق طموحاتها التوسعية وإثبات تسيّدها وعلوّها في المنطقة.
الهجوم الذي حدث على أفراد من الشرطة المصرية في منطقة سيناء، والمنسوب ضد كل طرف من هذه الأطراف، هو في المقام الأول جعل الكل يعاني الصداع ويغرق في التساؤلات، لاسيما وأنه جاء عقب مقتل العشرات من أفراد (سجناء أبوزعبل) تابعين لجماعة الإخوان المسلمين أثناء وجودهم تحت إمرة الجيش المصري. هذا الهجوم يدل في الأساس على وقوع المنطقة والمقصود هنا مصر، وقوعها في مركز الخطر كميدان للصراع الداخلي بادئ الأمر، ثم تأتي بالضرورة إسرائيل للمشاركة فيها، وإن كانت تشارك منذ فترة ولكن بطريقة غير مباشرة، حيث أن وزير الدفاع الإسرائيلي "بوغي يعالون" لم ينفِ ولم يؤكد، ما أوردته الأنباء عن أن إسرائيل هي التي قامت بتنفيذ الهجوم بواسط طائرة مسيّرة في منطقة رفح المصرية وراح ضحيته أربعة نشطاء جهاديين- مواطنين مصريين- أوائل الشهر الجاري، في الوقت الذي برّأها الناطق بلسان الجيش المصري، ونفى أن يكون الهجوم قد تم التنسيق مع إسرائيل مسبقاً.
منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي الذي شهد تعمّق الخلافات بين المصريين – قادةً وشعباً-، ما لبثت منطقة سيناء تشهد هجمات مكثّفة، يشنّها مسلحون بشكل شبه يومي، فبالإضافة إلى قيامهم بمهاجمة المنشآت العسكرية والمراكز الشرطية، فقد قال مسؤولون أمنيون مصريون بأن مسلحين هاجموا حافلتين تابعتين للشرطة في سيناء بقرية تقع قرب مدينة رفح المحاذية للحدود مع إسرائيل، وقتلوا 25 عنصراً من قوات الأمن المركزي.
لا خلاف حول أن الحادث قد وقع وأفراد الأمن قتلوا، ولكن تضاربت الأنباء بشأن طبيعة الهجوم ومن قام بتنفيذه ؟ فبينما قالت مصادر أمنية مصرية بأن أربعة مسلحين أوقفوا الحافلتين وأجبروا ركابهما على النزول ثم فتحوا النار عليهم. فقد أفادت تقارير أخرى، بأن مسلحين استهدفوا الحافلتين بقذائف "آر بي جي".
السلطات في القاهرة سارعت إلى اتهام الجماعات الإسلامية (الإرهابية) المرتبطة والمدعومة من قِبل جماعة الإخوان المسلمين، حيث تتخفّى وراءها بمداومتها على انتهاج السلمية في احتجاجاتها ضد السلطة الجديدة والجيش، ومن ناحية أخرى انتقاماً لقتلى حادثة سجناء (أبو زعبل) التابعين لهم، حيث اتهموا سلطات الجيش بأنها قامت بتصفيتهم.
بالمقابل فإن الناطق باسم الإخوان "أحمد عارف" أعلن بأن جماعته لا تستبعد أن تكون حادثة رفح(مدبّرة) للتغطية على التطور النوعي الخطير والفاضح في الاستهداف الدموي بالتصفية الجسدية للسجناء المعارضين لهم.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإن لجان المقاومة في فلسطين، اعتبرت بأن جريمة سيناء، هي صهيونية وهدفها زيادة حِدة العداء داخل مكونات الشعب المصري في ظل الأزمة التي يمر بها. على أن المستفيد الأول والأخير من الأحداث المصرية الدامية، هي إسرائيل حيث تسعى إلى إشعال الفتنة واستمرار القتل بين أبناء الشعب الواحد.
على أي حال، فإن هذه الحادثة وبغض النظر عن نسبتها إلى أي جهة، فإنها بالضرورة تدل على تطورات خطيرة باتجاه التصعيد، وهي تعطي دفعة كبيرة نحو الولوج إلى نفق الحرب، إذا لم يتم تغليب لغة العقل والحوار من أجل الحفاظ على مصر شعباً ومؤسسات، التي تعتبر الوعاء الشامل للأمة العربية والإسلامية، كما أن من واجب الدول العربية أولاً، أن لا تبدوا منقسمة حيال هذه الأزمة، كما هو حالها الآن. حيث أن هناك منها قد سارعت إلى التهديد باتجاه تثبيت الواقع القائم، وأخرى ترفضه وتتوعده، وهذا لا يمكن أن يصح ولا يتفق مع المبادئ الإسلامية ولا الإنسانية. لذا فإن من الأفضل والأنفع أن تُبذل جهوداً غير عاديّة، لوقف أعمال العنف الدموي، والعمل على إجراء حوار سياسي يأخذ بأيدي المصريين نحو سلامة مصر واستقرارها، لأنها إذا انهارت، انهار الكل.
بدأت هذه المرحلة أوائل يوليو/تموز، ومنذ انقضاض الجيش المصري على الرئاسة والحكم ممثلة بالرئيس "محمد مرسي"، وبالتحديد أكثر ضد (جماعة الإخوان المسلمين)، حيث تعجّل من جهة، إلى تغيير النمط السياسي (الوليد) القائم، إلى ما كان سائداً من قبل، أو إلى ما هو شبيهٌ به على الأقل. ومن ناحيةٍ أخرى، الاجتهاد في مطاردة أعضائه في كل اتجاه، نحو التوبة النصوحة أو المصير المجهول. الذين بدورهم صرخوا بشدّة على الحكم الضائع، ومعلنين بأنهم سائرون ثائرون لاسترداده. ومن ناحيةٍ أخرى، إصرارهم على محاكمة كل من شاركوا في ضياعه.
أيضاً، فإن الجماعات الجهادية الإسلامية المنزرعة داخل منطقة سيناء، قد رأت أن من طالع حظها أن تنطلق أيديها في إثبات أنها موجودة ليس كجماعة إسلامية وحسب، إذ لم يعد يدور الحديث عن جملة من المقاتلين البدائيين، بل عن جماعات منظمة مع أهداف واضحة ومعلنة. وقد وصل بها الحال خاصةً في هذه المرحلة، إلى حد أن تصف نفسها كدولة مع قدرات متطورة، - قوية وقادرة - على سحق الجيوش التي تعترضها أو استنزافها على الأقل، بانتظار مرحلةٍ أخرى أكثر ثراءً بالنسبة لها. حيث أصبحت منذ الفترة الأخيرة، تمثّل تهديداً استراتيجياً على أكثر من جهة، فقد مثّلت تهديداً ضد إسرائيل على طول حدودها مع سيناء، فما فتئت تهديداتها تتواصل على مدار الساعة، وقيامها فعلاً بتنفيذ عمليات جهادية ضدها، باعتبارها تخوض جهاداً مقدّساً بهدف وقف التدخلات الإسرائيلية في الشؤون العربية والإسلامية، تمهيداً للقضاء عليها وتحرير البلاد المقدسة (فلسطين). ومن جهةٍ أخرى قيامهاً إلى محاربة الجيش المصري في عقر داره، حيث قامت بتنفيذ الكثير من العمليات القتالية ضده. بسبب نصرة المسلمين وتثبيت قواعد الإسلام.
بدورها إسرائيل باتت حريصة على ما يعنيها، وأهمها ضرورة أن تلحق مصر بالقطر السوري حيث المصير الذي يقضي بانهيارها شعباً وجيشاً ومؤسسات، ومن ناحية أخرى العمل على تحقيق طموحاتها التوسعية وإثبات تسيّدها وعلوّها في المنطقة.
الهجوم الذي حدث على أفراد من الشرطة المصرية في منطقة سيناء، والمنسوب ضد كل طرف من هذه الأطراف، هو في المقام الأول جعل الكل يعاني الصداع ويغرق في التساؤلات، لاسيما وأنه جاء عقب مقتل العشرات من أفراد (سجناء أبوزعبل) تابعين لجماعة الإخوان المسلمين أثناء وجودهم تحت إمرة الجيش المصري. هذا الهجوم يدل في الأساس على وقوع المنطقة والمقصود هنا مصر، وقوعها في مركز الخطر كميدان للصراع الداخلي بادئ الأمر، ثم تأتي بالضرورة إسرائيل للمشاركة فيها، وإن كانت تشارك منذ فترة ولكن بطريقة غير مباشرة، حيث أن وزير الدفاع الإسرائيلي "بوغي يعالون" لم ينفِ ولم يؤكد، ما أوردته الأنباء عن أن إسرائيل هي التي قامت بتنفيذ الهجوم بواسط طائرة مسيّرة في منطقة رفح المصرية وراح ضحيته أربعة نشطاء جهاديين- مواطنين مصريين- أوائل الشهر الجاري، في الوقت الذي برّأها الناطق بلسان الجيش المصري، ونفى أن يكون الهجوم قد تم التنسيق مع إسرائيل مسبقاً.
منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي الذي شهد تعمّق الخلافات بين المصريين – قادةً وشعباً-، ما لبثت منطقة سيناء تشهد هجمات مكثّفة، يشنّها مسلحون بشكل شبه يومي، فبالإضافة إلى قيامهم بمهاجمة المنشآت العسكرية والمراكز الشرطية، فقد قال مسؤولون أمنيون مصريون بأن مسلحين هاجموا حافلتين تابعتين للشرطة في سيناء بقرية تقع قرب مدينة رفح المحاذية للحدود مع إسرائيل، وقتلوا 25 عنصراً من قوات الأمن المركزي.
لا خلاف حول أن الحادث قد وقع وأفراد الأمن قتلوا، ولكن تضاربت الأنباء بشأن طبيعة الهجوم ومن قام بتنفيذه ؟ فبينما قالت مصادر أمنية مصرية بأن أربعة مسلحين أوقفوا الحافلتين وأجبروا ركابهما على النزول ثم فتحوا النار عليهم. فقد أفادت تقارير أخرى، بأن مسلحين استهدفوا الحافلتين بقذائف "آر بي جي".
السلطات في القاهرة سارعت إلى اتهام الجماعات الإسلامية (الإرهابية) المرتبطة والمدعومة من قِبل جماعة الإخوان المسلمين، حيث تتخفّى وراءها بمداومتها على انتهاج السلمية في احتجاجاتها ضد السلطة الجديدة والجيش، ومن ناحية أخرى انتقاماً لقتلى حادثة سجناء (أبو زعبل) التابعين لهم، حيث اتهموا سلطات الجيش بأنها قامت بتصفيتهم.
بالمقابل فإن الناطق باسم الإخوان "أحمد عارف" أعلن بأن جماعته لا تستبعد أن تكون حادثة رفح(مدبّرة) للتغطية على التطور النوعي الخطير والفاضح في الاستهداف الدموي بالتصفية الجسدية للسجناء المعارضين لهم.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإن لجان المقاومة في فلسطين، اعتبرت بأن جريمة سيناء، هي صهيونية وهدفها زيادة حِدة العداء داخل مكونات الشعب المصري في ظل الأزمة التي يمر بها. على أن المستفيد الأول والأخير من الأحداث المصرية الدامية، هي إسرائيل حيث تسعى إلى إشعال الفتنة واستمرار القتل بين أبناء الشعب الواحد.
على أي حال، فإن هذه الحادثة وبغض النظر عن نسبتها إلى أي جهة، فإنها بالضرورة تدل على تطورات خطيرة باتجاه التصعيد، وهي تعطي دفعة كبيرة نحو الولوج إلى نفق الحرب، إذا لم يتم تغليب لغة العقل والحوار من أجل الحفاظ على مصر شعباً ومؤسسات، التي تعتبر الوعاء الشامل للأمة العربية والإسلامية، كما أن من واجب الدول العربية أولاً، أن لا تبدوا منقسمة حيال هذه الأزمة، كما هو حالها الآن. حيث أن هناك منها قد سارعت إلى التهديد باتجاه تثبيت الواقع القائم، وأخرى ترفضه وتتوعده، وهذا لا يمكن أن يصح ولا يتفق مع المبادئ الإسلامية ولا الإنسانية. لذا فإن من الأفضل والأنفع أن تُبذل جهوداً غير عاديّة، لوقف أعمال العنف الدموي، والعمل على إجراء حوار سياسي يأخذ بأيدي المصريين نحو سلامة مصر واستقرارها، لأنها إذا انهارت، انهار الكل.
بين مصر وإسرائيل والجهاد المقدّس!
د. عادل محمد عايش الأسطل
إنها المرحلة التي يمكن من خلالها، أن يسعي كل طرفٍ من الأطراف المتواجدة على الساحة، إلى تحقيق رغباته المزدحم أكثرها بالخيال وما فوق الممكن، التي تقود إلى الهدوء والاستقرار إلى ما لا نهاية، وهي تعلم أن ذلك على نحوٍ شامل غير ممكن. وهذه الأطراف هي، السلطة الجديدة في مصر، السلطة السابقة، وبالتأكيد إسرائيل التي تمثل الضلع الأبرز من حيث انشغالها بسير الأمور السياسية وبشكلٍ أوسع اهتمامها بتطورات البيئة الأمنية. إضافةً إلى الطرف الذي يمثّله عدد من جماعات الجهاد الإسلامي (العالمي) وعلى رأسها جماعة (الجهاد المقدّس) المستقرة في منطقة سيناء.
بدأت هذه المرحلة أوائل يوليو/تموز، ومنذ انقضاض الجيش المصري على الرئاسة والحكم ممثلة بالرئيس "محمد مرسي"، وبالتحديد أكثر ضد (جماعة الإخوان المسلمين)، حيث تعجّل من جهة، إلى تغيير النمط السياسي (الوليد) القائم، إلى ما كان سائداً من قبل، أو إلى ما هو شبيهٌ به على الأقل. ومن ناحيةٍ أخرى، الاجتهاد في مطاردة أعضائه في كل اتجاه، نحو التوبة النصوحة أو المصير المجهول. الذين بدورهم صرخوا بشدّة على الحكم الضائع، ومعلنين بأنهم سائرون ثائرون لاسترداده. ومن ناحيةٍ أخرى، إصرارهم على محاكمة كل من شاركوا في ضياعه.
أيضاً، فإن الجماعات الجهادية الإسلامية المنزرعة داخل منطقة سيناء، قد رأت أن من طالع حظها أن تنطلق أيديها في إثبات أنها موجودة ليس كجماعة إسلامية وحسب، إذ لم يعد يدور الحديث عن جملة من المقاتلين البدائيين، بل عن جماعات منظمة مع أهداف واضحة ومعلنة. وقد وصل بها الحال خاصةً في هذه المرحلة، إلى حد أن تصف نفسها كدولة مع قدرات متطورة، - قوية وقادرة - على سحق الجيوش التي تعترضها أو استنزافها على الأقل، بانتظار مرحلةٍ أخرى أكثر ثراءً بالنسبة لها. حيث أصبحت منذ الفترة الأخيرة، تمثّل تهديداً استراتيجياً على أكثر من جهة، فقد مثّلت تهديداً ضد إسرائيل على طول حدودها مع سيناء، فما فتئت تهديداتها تتواصل على مدار الساعة، وقيامها فعلاً بتنفيذ عمليات جهادية ضدها، باعتبارها تخوض جهاداً مقدّساً بهدف وقف التدخلات الإسرائيلية في الشؤون العربية والإسلامية، تمهيداً للقضاء عليها وتحرير البلاد المقدسة (فلسطين). ومن جهةٍ أخرى قيامهاً إلى محاربة الجيش المصري في عقر داره، حيث قامت بتنفيذ الكثير من العمليات القتالية ضده. بسبب نصرة المسلمين وتثبيت قواعد الإسلام.
بدورها إسرائيل باتت حريصة على ما يعنيها، وأهمها ضرورة أن تلحق مصر بالقطر السوري حيث المصير الذي يقضي بانهيارها شعباً وجيشاً ومؤسسات، ومن ناحية أخرى العمل على تحقيق طموحاتها التوسعية وإثبات تسيّدها وعلوّها في المنطقة.
الهجوم الذي حدث على أفراد من الشرطة المصرية في منطقة سيناء، والمنسوب ضد كل طرف من هذه الأطراف، هو في المقام الأول جعل الكل يعاني الصداع ويغرق في التساؤلات، لاسيما وأنه جاء عقب مقتل العشرات من أفراد (سجناء أبوزعبل) تابعين لجماعة الإخوان المسلمين أثناء وجودهم تحت إمرة الجيش المصري. هذا الهجوم يدل في الأساس على وقوع المنطقة والمقصود هنا مصر، وقوعها في مركز الخطر كميدان للصراع الداخلي بادئ الأمر، ثم تأتي بالضرورة إسرائيل للمشاركة فيها، وإن كانت تشارك منذ فترة ولكن بطريقة غير مباشرة، حيث أن وزير الدفاع الإسرائيلي "بوغي يعالون" لم ينفِ ولم يؤكد، ما أوردته الأنباء عن أن إسرائيل هي التي قامت بتنفيذ الهجوم بواسط طائرة مسيّرة في منطقة رفح المصرية وراح ضحيته أربعة نشطاء جهاديين- مواطنين مصريين- أوائل الشهر الجاري، في الوقت الذي برّأها الناطق بلسان الجيش المصري، ونفى أن يكون الهجوم قد تم التنسيق مع إسرائيل مسبقاً.
منذ الثالث من يوليو/تموز الماضي الذي شهد تعمّق الخلافات بين المصريين – قادةً وشعباً-، ما لبثت منطقة سيناء تشهد هجمات مكثّفة، يشنّها مسلحون بشكل شبه يومي، فبالإضافة إلى قيامهم بمهاجمة المنشآت العسكرية والمراكز الشرطية، فقد قال مسؤولون أمنيون مصريون بأن مسلحين هاجموا حافلتين تابعتين للشرطة في سيناء بقرية تقع قرب مدينة رفح المحاذية للحدود مع إسرائيل، وقتلوا 25 عنصراً من قوات الأمن المركزي.
لا خلاف حول أن الحادث قد وقع وأفراد الأمن قتلوا، ولكن تضاربت الأنباء بشأن طبيعة الهجوم ومن قام بتنفيذه ؟ فبينما قالت مصادر أمنية مصرية بأن أربعة مسلحين أوقفوا الحافلتين وأجبروا ركابهما على النزول ثم فتحوا النار عليهم. فقد أفادت تقارير أخرى، بأن مسلحين استهدفوا الحافلتين بقذائف "آر بي جي".
السلطات في القاهرة سارعت إلى اتهام الجماعات الإسلامية (الإرهابية) المرتبطة والمدعومة من قِبل جماعة الإخوان المسلمين، حيث تتخفّى وراءها بمداومتها على انتهاج السلمية في احتجاجاتها ضد السلطة الجديدة والجيش، ومن ناحية أخرى انتقاماً لقتلى حادثة سجناء (أبو زعبل) التابعين لهم، حيث اتهموا سلطات الجيش بأنها قامت بتصفيتهم.
بالمقابل فإن الناطق باسم الإخوان "أحمد عارف" أعلن بأن جماعته لا تستبعد أن تكون حادثة رفح(مدبّرة) للتغطية على التطور النوعي الخطير والفاضح في الاستهداف الدموي بالتصفية الجسدية للسجناء المعارضين لهم.
ومن ناحيةٍ أخرى، فإن لجان المقاومة في فلسطين، اعتبرت بأن جريمة سيناء، هي صهيونية وهدفها زيادة حِدة العداء داخل مكونات الشعب المصري في ظل الأزمة التي يمر بها. على أن المستفيد الأول والأخير من الأحداث المصرية الدامية، هي إسرائيل حيث تسعى إلى إشعال الفتنة واستمرار القتل بين أبناء الشعب الواحد.
على أي حال، فإن هذه الحادثة وبغض النظر عن نسبتها إلى أي جهة، فإنها بالضرورة تدل على تطورات خطيرة باتجاه التصعيد، وهي تعطي دفعة كبيرة نحو الولوج إلى نفق الحرب، إذا لم يتم تغليب لغة العقل والحوار من أجل الحفاظ على مصر شعباً ومؤسسات، التي تعتبر الوعاء الشامل للأمة العربية والإسلامية، كما أن من واجب الدول العربية أولاً، أن لا تبدوا منقسمة حيال هذه الأزمة، كما هو حالها الآن. حيث أن هناك منها قد سارعت إلى التهديد باتجاه تثبيت الواقع القائم، وأخرى ترفضه وتتوعده، وهذا لا يمكن أن يصح ولا يتفق مع المبادئ الإسلامية ولا الإنسانية. لذا فإن من الأفضل والأنفع أن تُبذل جهوداً غير عاديّة، لوقف أعمال العنف الدموي، والعمل على إجراء حوار سياسي يأخذ بأيدي المصريين نحو سلامة مصر واستقرارها، لأنها إذا انهارت، انهار الكل.