2024-07-30 - الثلاثاء
Weather Data Source: het weer vandaag Amman per uur
jo24_banner
jo24_banner

"القيود الأمنية": كل متهم مدان حتى تثبت براءته !!

القيود الأمنية: كل متهم مدان حتى تثبت براءته !!
جو 24 : كتب- ضرار الشبول
إربد – مرت أربع سنوات على خروج (أمجد) من مركز قفقفا للإصلاح والتأهيل، بعد قضاء محكوميته، إلا أنه لم يتمكن لغاية الآن من الحصول على فرصه عمل، بسبب ماضيه، مع أنه يحمل شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة.
وخلال هذه الفترة، تقدم (امجد) بطلبات للتوظيف لمؤسسات توفرت لديها فرص عمل في مجال تخصصه، لكن طلباته رفضت، رغم اجتيازه كافة الفحوصات الوظيفية، جراء عدم قدرته على تقديم شهادة عدم محكومية.
وأمام هذا الواقع، أصبح أمجد يفضل، على حد قوله "العودة إلى داخل السجن"، لأن ذلك "أرحم من العيش مهمشا مقصيا وعاطلا عن العمل.
ويعاني خريجي مراكز الإصلاح والتأهيل كثيرا في العودة إلى مزاولة حياتهم بصورة طبيعية كغيرهم، بسبب "وصمة عار" يواجهونها من المجتمع، ومن أصحاب العمل.
ووفق إحصائيات لمراكز الإصلاح والتأهيل لعام 2012، ولغاية شهر أيلول (سبتمبر)، فإن عدد النزلاء في المراكز يبلغ 47082 نزيلا، وأن عدد الافراجات 34288، بما فيهم الموقوفين إداريا و قضائياً ويحملون قيد أمنيا.
ويطارد "القيد الأمني" الشاب (محمد) منذ سن الثامنة عشرة على إثر مشاجرة اشترك بها، وهو الآن في عمر 31 عاما. معاناة (محمد) ليست فريدة من نوعها بل تطال غيرة من المواطنين العاجزين عن الالتحاق في الوظيفة سواء في القطاع الحكومي أو الخاص بسبب هذه القيود.
ويقول (محمد) إن "هذا القيد أصبح يعرقل حياتي، فلا استطيع بسببه أن أجد وظيفة لأعيش أنا و عائلتي في أمان، ومع إني احمل شهادة البكالوريوس في إدارة الإعمال إلا إنني كلما اذهب للتقدم لوظيفة تكون شهادة عدم المحكومية العائق أمام تحقيق ذلك".
وفي أحيان كثيرة، تفرض "القيود الأمنية" سطوتها على حياة أفراد لتقلبها رأسا على عقب، إثر "خطأ" اعتقدوه "بسيطا"، أو لم يفكروا في تبعاته.
ومن هؤلاء الشاب حمزة (27 عاما) الذي خسر وظيفته في مؤسسة حكومية بعد توفيقه 14 يوما في مركز إصلاح وتأهيل إثر مشاركته في مشاجرة مع زملاء له. ومنذ ثمانية أشهر يبحث (حمزة) عن وظيفة في القطاع الخاص، بدون جدوى لفشله في الحصول على شهادة عدم محكومية بسبب "قيد أمني"، فرض عليه.
وتخالف حالة (حمزة) نص المادة 11 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تقول "كل شخص متهم بجريمة يعتبر بريئاً إلى أن تثبت إدانته، قانوناً بمحاكمة علنية تؤمن له فيها الضمانات الضرورية للدفاع عنه".
كما جاء في المادة (9) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية النقطة أن "لكل شخص حرم من حريته بالتوقيف أو الاعتقال حق الرجوع إلى محكمة لكي تفصل هذه المحكمة دون إبطاء في قانونية اعتقاله، وتأمر بالإفراج عنه إذا كان الاعتقال غير قانوني".
وتشكل "القيود الأمنية" هاجسا كبيرا يظل يلاحق أصحابه لسنوات طويلة، حتى قبل صدور حكم قضائي قطعي في قضاياهم، ما يجعلهم مدانيين قبل أن تبت المحاكم المختصة في أمرهم، وهو ما يحرمهم، ولسنوات طويلة أحيانا من عيش حياتهم بصورة طبيعية.
وفي ذلك يقول المحامي والحقوقي هاني الدحلة إن "تلك القيود تشكل هاجسا مرعبا لهؤلاء المواطنين، حتى وإن حصلوا على شهادات عدم المحكومية، فبقاء تلك القيود واستمرار ظهورها على شاشات الأمن العام والمراكز الأمنية، تعطي مؤشرا خطيرا على حقوق ومستقبل المواطنين الأردنيين، وخصوصا بان تلك القيود تثبت على أجهزة وشاشات الأمن العام قبل أن ترسل للمحاكم وصدور الحكم، وهذا تجاوز خطير لأن الأصل هي براءة المتهم حتى تثبت أدانته".
ورأى الدحلة أن تلك القيود "تشكل اعتداء على مبدأ شخصية تلك القيود، وعدم الحق في إباحتها والاطلاع عليها لأي شخص لا يحق له الاطلاع وذلك نتيجة لغياب الرقابة الفعلية من قبل مديرية الأمن العام على أفرادها ومرتباتها في الضبط ووضع حدود لتلك التجاوزات، التي أصبح لها انعكاسات اجتماعية سلبية تؤثر على الأمن والاستقرار للعديد من أبناء المجتمع".
وفي حال الإدانة القضائية، فإن القيد الأمني يظل يطارد مرتكب الجرم مدة تصل إلى ست سنوات، ما يحرمه من عيش حياته الطبيعية حتى بعد انقضاء مدة محكوميته، وهو ما يسبب معاناة مضاعفة، تنتهك حق أصحابها المنصوص عليها في منظومة الحقوق المدنية والسياسية كاملة، بلا استثناء مهما صغر الجرم أو قل شأنه.

أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين
تابعو الأردن 24 على google news