الحي الشرقي بجنين.. دلالة المكان ومرارة الاعتقال لكممجي ونفيعات
جو 24 :
من داخل مدينة جنين، وفي منطقة مصنفة "أ" لا يدخلها جيش الاحتلال الإسرائيلي إلا بتنسيق كامل مع السلطة الفلسطينية وفق اتفاقية "أوسلو"، اعتقلت قوة خاصة إسرائيلية، قبل فجر الأحد، مُحرري نفق جلبوع أيهم كممجي ومناضل نفيعات من بيت مواطن آواهم خلال الأيام الماضية بعد وصولهم المدينة الواقعة شمالي الضفة الغربية المحتلة.
ويُعد الحي الشرقي أحد الأحياء الرئيسية للمدينة، إذ يوصل إلى الطريق الالتفافي، ويحده حاجز الجلمة من الجهة الشرقية، وهو بوابة جنين للريف الشرقي الذي يفصله بضع كيلومترات عن سجن جلبوع الذي تمكّن الأسرى الستة من تحرير أنفسهم منه، قبل أسبوعين.
لكن رغم المسافة الهوائية القليلة بين المنطقتين، إلا أن الوصول إلى الحي المذكور من سجن جلبوع يتطلب التفافًا طويلًا، وعبور عديد المناطق.
ويبرز اعتقال المحررين من قلب مدينة جنين مساسًا بالسلطة الفلسطينية، تعدى إلى اتهامها بالتواطؤ إزاء عملية الاعتقال.
وتنتشر مقرات الأجهزة الأمنية في مدينة جنين بشكل مكثف في أكثر من محور، سواء مقر الاستخبارات العسكرية على شارع الناصرة أو مقر المقاطعة الذي يضم تجمع الأجهزة الأمنية على شارع حيفا، أو مقر المخابرات العامة في منطقة الجابريات أو مقر الشرطة في قلب المدينة.
لكن منذ عملية "السور الواقي" الإسرائيلي لاجتياح الضفة الغربية عام 2002م، تستبيح قوات الاحتلال مدن الضفة وقراها بشكل يومي دون رادع أو مقاومة من الأجهزة الأمنية.
ولا يبعد الحي الشرقي عن مخيم جنين سوى ثلاثة كيلومترات؛ فجنين مدينة صغيرة المساحة ولا يتجاوز عدد سكان مدينتها مع المخيم 50 ألف نسمة.
وكانت كامل المنطقة الواقعة بين سجن جلبوع ومدينة الناصرة وأم الفحم وجنين مسرح الهروب والاعتقال للأسرى الستة، وهي منطقة جغرافية واحدة لولا جدار الفصل العنصري.
وسجن جلبوع مقام على أراضي بيسان وهو امتداد لبلدتي جلبون وفقوعة شرقي جنين، ويفصل بينهما سفح جبلي معزول بجدار الفصل العنصري.
ولا يحتاج الشخص أكثر من عشر دقائق من حاجز الجلمة في جنين للوصول إلى مدينة العفولة، وربع ساعة للوصول إلى مدينة الناصرة المطلة على جنين، وكل تلك المناطق تقع في سهل مرج ابن عامر التاريخي الذي يوصل في نهايته إلى مدينة حيفا التي تبعد 30 كم عن جنين.
وأحدث أهالي جنين كما باقي المناطق ثغرات كثيرة في جدار الفصل العنصري، ولكنها تتركز في الناحية الجنوبية والغربية من المحافظة، وهي المنطقة الموصلة لسجن جلبوع؛ لذلك يُرجح أن يكون كممجي ونفيعات سلكا طريقًا طويلة للوصول إلى جنين من ناحية أم الفحم ومنطقة المثلث دخولًا لبلدات جنوبي وغربي جنين من يعبد حتى العرقة ورمانة والطيبة.
والمسار السابق هو الذي تركز فيه البحث الإسرائيلي، وأشيع بين المواطنين أن أهالي المنطقة قدموا الطعام واللباس للمحررين فور وصولهما بعد انطلاقهما باتجاه المدينة.
ويشكل اعتقال كممجي ونفيعات حالة الانكشاف الكبير للواقع الأمني في الضفة، وضعف الحاضنة الشعبية للمقاومين مما يعجّل باعتقالهم.
وتشير شواهد السنوات الأخيرة إلى أن جميع المطلوبين كانت فترة مطاردتهم قصيرة للغاية مقارنة بسنوات خلت، بعضهم اكتوى بـ"نار" التنسيق الأمني.
وكانت قوات الاحتلال اعتقلت أربعة من ستة أسرى حرروا أنفسهم من سجن جلبوع عبر نفق حفروه من داخل الزنزانة، بعد خمسة أيام من تحررهم في منطقة قريبة من مدينة الناصرة بالداخل المحتل، وهم محمد ومحمود العارضة، وزكريا الزبيدي، ويعقوب قادري، قبل أن تعتقل الباقيين قبل فجر اليوم.
صفا