هيومن رايتس: اللاجئون العائدون الى سوريا يواجهون انتهاكات جسيمة
جو 24 :
قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن اللاجئين السوريين العائدين إلى سوريا من لبنان والأردن بين 2017 و2021 واجهوا انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان واضطهادا على يد الحكومة السورية والميليشيات التابعة لها. عانى العائدون أيضا للبقاء على قيد الحياة وتلبية احتياجاتهم الأساسية في بلد دمره النزاع.
خلص تقرير "’حياة أشبه الموت‘: عودة اللاجئين السوريين من لبنان والأردن"، الصادر في 57 صفحة، إلى أن سوريا ليست آمنة للعودة. من بين 65 من العائدين أو أفراد عائلاتهم الذين قابلناهم، وثقت هيومن رايتس ووتش 21 حالة اعتقال واحتجاز تعسفي، و13 حالة تعذيب، وثلاث حالات اختطاف، وخمس حالات قتل خارج نطاق القضاء، و17 حالة اختفاء قسري، وحالة عنف جنسي مزعوم.
قالت نادية هاردمان، الباحثة في شؤون اللاجئين والمهاجرين: " الروايات المروعة عن التعذيب والاختفاء القسري والانتهاكات التي تعرض لها اللاجئون العائدون إلى سوريا ينبغي أن توضح أن سوريا ليست آمنة للعودة. الانتهاكات الواسعة النطاق لحقوق الملكية وغيرها من الصعوبات الاقتصادية تجعل أيضا العودة المستدامة مستحيلة بالنسبة للكثيرين."
إضافة إلى العائدين وأفراد عائلاتهم البالغ عددهم 65، قابلت هيومن رايتس ووتش ثلاثة محامين من سوريا والأردن ولبنان وأربعة باحثين وخبراء حول سوريا، وكذلك منظمات غير حكومية، ووكالات أممية وإنسانية في الأردن ولبنان. راجعت هيومن رايتس ووتش أيضا التقارير المتعلقة بعودة اللاجئين السوريين، وحللت القوانين والمراسيم والأنظمة ومذكرات التفاهم الوطنية والدولية ذات الصلة.
رغم أن أجزاء من سوريا لم تشهد أي أعمال عدائية نشطة في النزاع منذ 2018، إلا أن استنتاج هيومن رايتس ووتش أن سوريا ليست آمنة يتوافق مع النتائج التي توصلت إليها منظمات حقوقية أخرى وصحفيون و"لجنة الأمم المتحدة للتحقيق بشأن سوريا". وثقت جميعها اعتقالات تعسفية واحتجاز وتعذيب وسوء معاملة وحالات اختفاء قسري وإعدام بإجراءات موجزة.
تؤكد "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين"، الوكالة الأممية المكلفة بتوفير الحماية الدولية والمساعدة الإنسانية للاجئين، أن سوريا غير آمنة وأنها لن تسهل عمليات العودة الجماعية في غياب شروط الحماية الأساسية، رغم أنها ستسهل العودة الطوعية الفردية. قالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع الدول حماية السوريين من العودة لمواجهة العنف والتعذيب ووقف أي عمليات إعادة قسرية إلى سوريا.
قال لاجئ (38 عاما) في لبنان عاد إلى مسقط رأسه في القنيطرة في سوريا: "لن يكون أحد بأمان في سوريا حتى يمنعوا الأجهزة الأمنية من ترويع الناس".
رغم النتائج، تواصل الدول في المنطقة وخارجها تشجيع العودة. ارتكبت الدنمارك سابقة خطيرة من داخل "الاتحاد الأوروبي" بإلغاء "الحماية المؤقتة" للأشخاص القادمين من دمشق وريف دمشق.
اتبعت السلطات اللبنانية أجندة عودة عدوانية، بوضع مراسيم وأنظمة تهدف إلى جعل حياة اللاجئين السوريين صعبة، والضغط عليهم للمغادرة. أجبرت هذه السلطات اللاجئين السوريين على تفكيك مساكنهم الخرسانية، وفرضت حظر التجول وطردتهم من بعض البلديات، وعرقلت تجديد تصاريح الإقامة، ورحّلت آلاف اللاجئين السوريين بإجراءات موجزة. ترك الانهيار الاقتصادي في لبنان 90٪ من السوريين في فقر مدقع ويعتمدون على الاقتراض والديون المتزايدة للبقاء على قيد الحياة.
لم يضغط الأردن علنا من أجل عمليات عودة طوعية منظمة وواسعة النطاق، ومنح بعض فرص العمل القانونية للاجئين السوريين. لكن إغلاق فئات مهمة من التوظيف أمام غير المواطنين يحد من الوظائف التي يمكن للسوريين العمل فيها. 2٪ من أسر اللاجئين فقط يمكنها تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية.
مع أن الأردن لا يفرض حظرا رسميا على دخول اللاجئين السوريين مجددا إلى البلاد، قال لاجئون بشكل شبه موحد لـ هيومن رايتس ووتش إن حرس الحدود الأردنيين قالوا إن اللاجئين لن يتمكنوا من دخول الأردن مرة أخرى لمدة ثلاث إلى خمس سنوات. يحرم ذلك العائدين من حقهم في طلب اللجوء إذا واجهوا الاضطهاد مرة أخرى بعد عودتهم إلى سوريا.
رغم مستويات الضعف المتزايدة في لبنان والأردن، لم يشهد عدد اللاجئين العائدين طوعا إلى سوريا ارتفاعا ملحوظا. أولئك الذين يعودون غالبا ما يتعرضون لضغوط شديدة، مع معلومات محدودة عن الظروف داخل البلاد.
في بداية النزاع السوري، رحّب لبنان والأردن في بادئ الأمر باللاجئين. مع زيادة أعداد اللاجئين في لبنان، تبنى لبنان إجراءات قسرية ومسيئة، بما في ذلك حظر التجول التمييزي، والإخلاءات، والاعتقالات، وغيرها من القيود المفروضة على الإقامة القانونية والحصول على العمل والتعليم.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه مع عدم وجود شبكات معلومات موثوقة يمكن للاجئين السوريين من خلالها اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن العودة ومع افتقار الوكالات الإنسانية الدولية إلى الوصول الكافي لرصد حالات العودة، على الدول التي تستضيف اللاجئين السوريين أن تلتزم بالموقف القائل بأن سوريا غير آمنة للعودة وأن توقف فورا أي عمليات عودة قسرية.
على الحكومات الدولية المانحة استخدام نفوذها ضد ممارسات مثل الترحيل بإجراءات موجزة والإعادة القسرية، والتي ترقى إلى مستوى انتهاك التزامات عدم الإعادة القسرية - وليس إعادة الأشخاص إلى مكان يمكن أن يواجهوا فيه تهديدات للحياة والحرية وغير ذلك من الأضرار الجسيمة. عليها أيضا أن توضح للحكومة السورية وحلفائها والدول المضيفة، أنها، مع استمرار هذه الانتهاكات والإفلات من العقاب، لن تموّل البرامج الإنسانية التي تركز بشكل استباقي على الاستعداد للعودة.
على الحكومات الدولية المانحة المساعدة في الحفاظ على هذا الموقف وتمويل برامج المساعدة الإنسانية بشكل كامل، لا سيما داخل لبنان والأردن ودول الجوار الأخرى.
على لبنان والأردن رفع جميع القيود المفروضة على عودة اللاجئين السوريين إليهما إذا لم يتمكنوا من إعادة تأسيس أنفسهم داخل سوريا، أو الحصول على حماية الحكومة السورية. على لبنان إلغاء قرار "المجلس الأعلى للدفاع" في مايو/أيار 2019 بشأن الترحيل بإجراءات موجزة لجميع اللاجئين السوريين الذين يدخلون إلى البلاد مجددا بشكل غير نظامي بعد أبريل/نيسان 2019. على الأردن التوقف عن فرض حظر تعسفي أو بحكم الأمر الواقع على اللاجئين السوريين وتوضيح إمكانية عودة السوريين إلى الأردن، والعملية التي ينبغي اتباعها لذلك.
على الدنمارك أن تُبطل قرارها بإلغاء الحماية المؤقتة للاجئين السوريين من دمشق وريف دمشق، ويتعين على الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي عدم طرح أي تشريعات مماثلة.
رغم أن الأعمال العدائية الفعلية تراجعت في السنوات الأخيرة، إلا أن الحكومة السورية استمرت في ارتكاب الانتهاكات نفسها ضد المواطنين التي دفعتهم إلى الفرار في المقام الأول، بما في ذلك الاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب.
قالت هاردمان: "لا ينبغي لأي دولة أن تُجبر اللاجئين على العودة إلى سوريا، طالما أن الحكومة السورية ترتكب انتهاكات حقوقية واسعة النطاق بعد عشر سنوات، ما يزال اللاجئون العائدون معرضين لخطر الاضطهاد من نفس الحكومة التي هربوا منها".