دعوات لتوسيع العصيان المدني في السودان.. البرهان يقول إن الحكومة ستعلن قريبا ومساع دولية لحل الأزمة
جو 24 :
أعلنت قوى "الحرية والتغيير-المجلس المركزي" تمسكها برفض قرارات قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، في حين دعت عشرات الدول -اليوم الاثنين- مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى عقد جلسة خاصة بشأن السودان.
كما أكدت عقب اجتماعها اليوم الاثنين تمسكها بعدم التفاوض إلا بعد العودة إلى الوضع ما قبل قرارات الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وطالبت بإطلاق سراح المعتقلين وعودة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وحكومته.
في السياق، قال مصدر مطلع في "تحالف الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني" إن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك اشترط لعودته إلى منصب رئيس الوزراء عودة الأوضاع لما قبل قرارات القائد العام للجيش السوداني في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أن يعود إلى عمله بكامل طاقمه الوزاري.
ووفق المصدر نفسه، فقد اجتمع حمدوك عقب القرارات بعدد من القادة أبرزهم: عبد الفتاح البرهان، وقائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ورئيس حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، ورئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي.
وأوضح أن كل مسارات الحوار اصطدمت بشروط حمدوك التي تتلخص في العودة إلى الوضع الذي كان قائما في الـ24 من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
دعوات للتصعيد
ويأتي هذا الموقف بالتزامن مع دخول كيانات ولجان مهنية في السودان على خط التصعيد بالدعوة إلى الإضراب المفتوح، ورفع شعارات تدعو لعصيان مدني شامل رفضًا لقرارات القائد العام للجيش السوداني.
ودعا تجمع المهنيين بديوان الضرائب إلى مواصلة الإضراب المفتوح حتى إسقاط ما وصفه التجمع بـ"الانقلاب".
كما طالبت لجنة المعلمين السودانيين جميع المعلمين بمواصلة العصيان المدني والإضراب في كل الولايات. من جهتها، أعلنت نقابات العاملين في الشركات المنتجة للنفط مواصلة الإضراب في مواقع حقول النفط رفضًا لقرارات البرهان.
وأعلنت كتلة اللجان التسييرية والتمهيدية لنقابات العاملين بالشركات المنتجة والناقلة لخام النفط في السودان مواصلة العصيان المدني بالحقول والمكاتب، رفضا لقرارات قائد الجيش عبد الفتاح البرهان.
وكان تجمع المصرفيين السودانيين أعلن أمس الأحد استمرار الإضراب والعصيان في جميع المصارف رفضًا لقرارات البرهان.
وقال رئيس الحزب الاتحادي الموحد والقيادي في "قوى الحرية والتغيير-مجموعة المجلس المركزي" محمد عصمت إنهم يؤيدون الدعوة للعصيان المدني والإضراب السياسي باعتبارها سلاحا سلميا مشروعا في مواجهة الانقلابات العسكرية.
وأضاف عصمت للجزيرة أن ما حدث في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول الجاري يعدّ انقلابا عسكريا يجد الرفض التام من حزبه.
بدوره، قال الأمين العام المكلف لحزب المؤتمر الشعبي السوداني محمد بدر الدين إن العصيان المدني حق مشروع، ووسيلة من وسائل النضال لتحقيق أهداف الثورة.
وأضاف بدر الدين أن على المكوّن العسكري أن يعطي الجماهير التي خرجت في مظاهرات للمطالبة بالحكم المدني حقها.
حكومة قريبة
في المقابل، نقلت الإذاعة السودانية عن رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن الحكومة ستعلن قريبا.
من جهته، قال الطاهر أبوهاجة المستشار الإعلامي للقائد العام للجيش السوداني إن ما حدث من تصحيح للمسار لثورة الشعب في الـ25 من أكتوبر/تشرين الأول مرحلة فاصلة.
وأضاف أن الجيش لن يسمح لأي جهة مهما كانت باستغلال المرحلة الانتقالية لتحقيق أجندة حزبية ضيقة لا تستوعب الأهداف الوطنية الكبرى.
ودعا أبوهاجة من قال إنهم يحلمون بالعبث بالفترة الانتقالية والتشويش عليها إلى البحث عن عمل آخر، حسب تعبيره.
وأشار إلى أن مظاهرات أمس الأحد اختبار ديمقراطي وتعبير متاح دستورًا وقانونًا، وأن شعاراتها هي الدولة المدنية التي تضع القيادة العسكرية تحقيقها نصب أعينها.
فتح الموانئ
وفي شرقي السودان، أعلن رئيس المجلس الأعلى لنظارات البجا والعموديات المستقلة محمد الأمين ترك عن فتح الموانئ على البحر الأحمر والطرق المؤدية إلى شرقي السودان جزئيا اعتبارا من يوم أمس الأحد ولمدة شهر.
وقال ترك إن "فتح الموانئ والطرق جاء تقديرا للظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، مع التمسك بضرورة تنفيذ المطالب المتمثلة في إلغاء مسار الشرق وإقامة منبر تفاوضي خاص".
وأكد للجزيرة أن مشاركة المجلس في الحكومة القادمة مرهون بعقد منبر تفاوضي خاص بشرق السودان.
وفي 17 سبتمبر/أيلول الماضي أغلق المجلس القبلي كل موانئ البحر الأحمر والطريق الرئيسي بين الخرطوم وبورتسودان، احتجاجا على ما يقول إنه "تهميش تنموي تعانيه المناطق الشرقية".
واتهم معارضو الجيش بتدبير حصار ميناء بورتسودان للضغط على الزعماء المدنيين، وتبرير خطط إنهاء الحكم المدني في نهاية المطاف، ونفى الجيش وجود أي دور له في الحصار.
جلسة دولية
وعلى صعيد دولي، دعت عشرات الدول -اليوم الاثنين- مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى عقد جلسة خاصة بشأن السودان، في أعقاب قمع قوات الجيش والشرطة للمظاهرات المعارضة للبرهان.
وفي رسالة إلى رئيس المجلس نيابة عن 48 دولة، من بينها 18 دولة من الدول الأعضاء في المجلس، أكد السفير البريطاني سايمن مانلي وجود حاجة ملحة إلى أعلى مجلس حقوقي في الأمم المتحدة للبحث في الوضع في السودان.
وقالت الرسالة "نطالب مجلس حقوق الإنسان بعقد جلسة خاصة هذا الأسبوع للبحث في الآثار المترتبة على حقوق الإنسان بسبب الوضع الحالي في جمهورية السودان".
ويشهد السودان منذ أسبوع احتجاجات ومظاهرات رفضا لما يعدّه المعارضون "انقلابا عسكريا"، جراء إعلان الجيش حالة الطوارئ، وحلّ مجلسي السيادة والوزراء، وإعفاء الولاة، واعتقال وزراء ومسؤولين وقيادات حزبية في البلاد.
وقبل ذلك، كان السودان يعيش منذ 21 أغسطس/آب 2019 فترة انتقالية تستمر 53 شهرا تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقّعت مع الحكومة اتفاق سلام في 2020.
اعتقال موالين للبشير
في سياق مواز، قال مصدر في القصر الرئاسي في السودان للجزيرة إنه تم اعتقال جميع الذين أفرج عنهم من رموز نظام الرئيس المعزول عمر حسن البشير، ومنهم رئيس حزب دولة القانون والعدالة محمد علي الجزولي، ومدير الإعلام في جهاز الأمن في النظام المعزول محمد حامد تبيدي.
كما أعادت السلطات السودانية اعتقال إبراهيم غندور رئيس حزب المؤتمر الوطني ووزير الخارجية الأسبق، بعد ساعات من الإفراج عنه.
وكانت مصادر في قيادة الجيش السوداني قالت للجزيرة إن القائد العام للجيش عبد الفتاح البرهان أصدر قرارا بإعفاء 7 من كبار وكلاء النيابة العامة في البلاد، على خلفية قرار النائب العام مبارك محمود الإفراج عن رموز من النظام السابق.
من جهته، قال سليمان صندل الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة والقيادي في "قوى الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني" إن قرارا صدر من البرهان بأن يعود الوزراء الموقعون على اتفاق السلام لممارسة عملهم.
والوزراء المعنيون بهذا القرار هم: وزير المالية جبريل إبراهيم، ووزير المعادن محمد بشير، ووزير البنية التحتية إبراهيم يحيى.
مبادرات ووساطات
في سياق متصل، قال القيادي في مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير محمد عصمت -للجزيرة- إن هناك 5 مبادرات ووساطات مقدمة من جهات عديدة لحل الأزمة الحالية، وأضاف أن مجرد وجود هذه الوساطة يعني أن هناك نسبة من قبولها، حسب تعبيره.
من جهتها، أكدت المتحدثة السابقة باسم الحزب الشيوعي السوداني أن المخرج من الأزمة الحالية يكمن في إلغاء كل قرارات البرهان، واستبعاد العسكر من السلطة.
وقال مني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان القيادي بقوى الحرية والتغيير-مجموعة الميثاق الوطني إنه تواصل مع مجموعة المجلس المركزي بقوى الحرية والتغيير قبل أيام، وتم الاتفاق على 7 نقاط على رأسها الشراكة الموسعة في الفترة الانتقالية.
وأضاف مناوي -في تصريح للجزيرة- أنه يقود اتصالات مع المجتمع الدولي والاتحاد الأفريقي لشرح الظروف العصيبة التي يمر بها السودان، وفق تعبيره.
وفي السياق ذاته، تلقى البرهان -اليوم الاثنين- رسالة من رئيس جمهورية جنوب السودان سلفاكير ميارديت، أكد خلالها حرصه على الأمن والاستقرار والسلام في السودان.
وقال مستشار رئيس جمهورية جنوب السودان للشؤون الأمنية توت قلواك إن الرئيس سلفاكير ميارديت يتابع باهتمام وقلق بالغ مجريات الأحداث في السودان، ويؤكد ضرورة الحوار الجاد للخروج من الأزمة السياسية الحالية، مما يستوجب التطلع إلى آفاق أرحب للتعاون بين جميع مكونات القوى السياسية التي صنعت التغيير، داعيا الأطراف كافة لتحكيم صوت العقل.
وأضاف -في تصريح صحفي عقب لقائه بالرهان- أن الوفد الجنوب سوداني بصدد إجراء عدد من اللقاءات تضم رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك وقوى الحرية والتغيير، للوقوف على جذور المشكلة، والعمل على تقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف السياسية.
المصدر : الجزيرة + وكالات