الصفدي : تراجع الدعم الدولي للأجئين والعبء على الدول المستضيفة يتعاظم بما فيها الأردن
جو 24 :
ترأّس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم الاثنين، مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أعمال المنتدى الإقليمي السادس لدول الاتحاد من أجل المتوسط الذي استضافه وزير الشؤون الخارجية والاتحاد الأوروبي والتعاون الإسباني خوسيه مانويل ألباريس، وبمشاركة اثنين وأربعين وزيراً للخارجية وممثلين عن الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب مسؤولين من الاتحاد الأوروبي، وممثلين عن المنظمات الإقليمية المعنية والمؤسسات المُمولة لمشاريع الاتحاد في منطقة المتوسط.
وألقى الصفدى كلمةً في الجلسة الافتتاحية، وتالياً نص الكلمة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
الزملاء الأعزاء،،،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
لقاؤنا في المنتدى الإقليمي السادس للاتحاد من أجل المتوسط يؤكد قناعتنا بجدواه، منبراً للحوار والتعاون. ومع كل عامٍ مضى منذ انطلاق الاتحاد في العام ٢٠٠٨ ، زاد الإدراك بترابط ضفتي المتوسط. التحديات التي تعصف بشرقه يدوي صداها في غربه. وهذه حقيقة تكرس الوعي بها عبر سنوات ماضية تفاقمت فيها الصراعات والأزمات، وما ولدت من كوارث ومعاناة إنسانية، وغابت خلالها الحلول الجذرية التي تحقق الأمن والاستقرار والعدالة والعيش الكريم لضحاياها.
ما يميز اتحادنا هو أنه يسعى لتكريس الوعي بترابط جوارنا الواحد، عبر مقاربةٍ تستهدف تعظيم المنجزات التي تُثري ثمارها ضفتي المتوسط، تعاوناً في تحقيق التنمية الاقتصادية، وتمكين المرأة والشباب وحماية البيئة ومواجهة التغير المناخي وتجسير الفجوة التنموية التي أشار إليها بوريل، وغيرها من ساحات العمل المشترك.
غير أن تعظيم فرص نجاح هذه المقاربة، وترجمة إمكانيات جوارنا وطاقاته راهناً أفضل، يستوجبان تغيير بيئات الصراع واليأس، التي ما تزال تحرم شرق المتوسط، وعمقه، الاستقرار والأمن والسلام الشامل الذي تحتاجه المنطقة، وتستحقه شعوبها.
اعتياد الراهن، الذي بدأ يتكرس تراجعاً في جهود حل الأزمات الإقليمية، ومقاربات تستند إلى التعايش معها، ليس خياراً. كلف ذلك باهظة إنسانياً وأمنياً وتنموياً، الآن وفي المستقبل.
لذلك يجب أن تتكاتف جهودنا، وبالتعاون والتنسيق مع شركائنا، من أجل تحقيق الانفراجات الضرورية في مساعي حل الصراعات الإقليمية.
تحقيق السلام العادل الذي تقبله الشعوب شرط لأمن المنطقة واستقرارها. الاحتلال والسلام ضدان لا يجتمعان. الطفل الفلسطيني يريد بيتاً آمناً ومدرسةً وملعباً وثم جامعةً وفرصة عمل في وطنٍ حرٍ مستقلٍ ذي سيادة على ترابه الوطني. هذا حقه كما هو حق كل طفل في المنطقة وفي العالم.
حل الدولتين هو الطريق إلى هذا السلام. تقويضه تهديد لأمن المنطقة برمتها. وتحقيقه يفتح الباب واسعاً أمام سلام ينعم به الفلسطينيون والإسرائيليون وكل شعوب المنطقة، ويتيح شروط بناء إقليم مزدهر منجز.
ويكفي الخراب الذي شهدته سوريا، والويلات التي عاناها شعبها الشقيق. يجب أن نفعّل جهودنا المستهدفة إنهاء الكارثة، عِبر حلٍ سياسيٍ يحفظ سوريا ووحدتها، ويُعيد لها أمنها ودورها. وفي الأثناء، لا يجوز أن يصبح اللاجئون الضحية المنسية للمأساة في سوريا.
الدعم الدولي للاجئين يتراجع. والعبء على الدول المستضيفة يتعاظم، بما فيها على بلدي، الذي يستضيف مليون و ٣٠٠ ألف شقيق سوري. هذا منحى غير مقبول، خطيرة انعكاساته وتداعياته.
الزملاء الأعزاء،،،
لن يعبر اللاجئون المتوسط نحو أوروبا إذا حصلوا على حقهم في العيش الكريم في جوارهم الأقرب. ولا يجوز أن يحرم اللاجئون من حقهم في التعليم والخدمات الصحية وفرص العمل، والأمل.
ففي بيئات القهر واليأس والحرمان والجهل يصطاد التطرف ضحاياه.
نقرع جرس الإنذار حول الخطر الذي يحمله تراجع الدعم للاجئين السوريين.
وإذ أشكر السويد على شراكتها في تنظيم المؤتمر الوزاري الدولي لدعم الأنروا، وأشكرها وكل شركائنا، على الدعم الذي يقدمونه للوكالة، أحذّر أيضاً من التداعيات الكبيرة لاستمرار الأزمة المالية التي تحد من قدرة الوكالة على تقديم خدماتها للاجئين الفلسطينيين، وفق تكليفها الأممي. أكثر من ٥٦٠ ألف طالب فلسطيني يعتمدون في تعليمهم على الوكالة، تخيلوا ماذا سيحدث إن لم تستطع الوكالة أن تفتح أبواب مدارسها أمام هؤلاء الأطفال.
الزملاء الأعزاء،،،
ثمّة تحرك إيجابي نأمل أن يصل وجهته النهائية في ليبيا. ندعم الانتخابات المقررة الشهر القادم خطوةً على طريق إعادة بناء ليبيا، دولة مستقرة، لا خطر فيها على أهلها، ولا تهديد منها لأي من جوارها، ولا مكان فيها لقوات أجنبية، أو مرتزقة، أو إرهاب.
وفي ليبيا آمنة مستقرة، وفي سوريا ما بعد الفوضى والأزمة، كما في العراق الذي نشد على أيدي شعبه وقيادته في مسيرة إعادة البناء، لن يجد الإرهاب مرتعاً.
واذ نستمر في العمل معاً على محاربة الإرهاب عسكرياً وأمنياً، نؤكد ضرورة تجفيف بيئات اليأس التي يعتاش عليها، والمضي في تعرية ظلاميته، شراً لا علاقة له بقيمنا الإنسانية المشتركة، ولا صلة له بالدين الإسلامي الحنيف، وقيم المحبة والسلام واحترام الآخر التي يحمل.
وهذا جهد لاتحادنا دور فيه، إذ يعزز قيم الحوار واحترام الآخر، ويسهم في صناعة الأمل، عبر مشاريعه وبرامجه والفرص التي تنتج.
وضروري أيضاً أن نعمل على الحؤول دون تفاقم الأزمات قبل أن تصل قاع اللاعودة. أقول هذا وفي البال لبنان، الذي يجب أن ينطلق فوراً، فيه ومن خارجه، عملاً مكثفاً هدفه حماية لبنان الشعب والدولة من الانزلاق أعمق في العوز وغياب الأفق.
الزملاء الأعزاء،،،
تحقيق السلام العادل والأمن والاستقرار والإنجاز هدف ثابت للمملكة الأردنية الهاشمية، التي ما انفكت على مدى السنين تتحمل أعباء الصراعات الإقليمية وتبعاتها. وسيظل الأردن قوة من أجل السلام العادل، والأمن والاستقرار، وترسيخ ثقافة الحوار واحترام الآخر. ونتطلع الى استمرار العمل معاً في جهودنا المشتركة لحل أزمات المنطقة، وبناء مستقبل يحل فيه الاستقرار محل الصراع، والأمل مكان اليأس، ويتجذر فيه التعاون والانجاز.
الزملاء الأعزاء،،،
الشكر جزيله للأمين العام، سعادة السفير ناصر كامل، ولطاقم الأمانة، على جهودهم وعملهم المتميز الذي استمر رغم جائحة كورونا.
وأطيب التمنيات بالتوفيق لسمو الأميرة ريم العلي، لتوليها رئاسة مؤسسة آنا ليند، وللسيد جوزيب فيري Josep Ferre لتوليه موقع المدير التنفيذي.
وأشكرك جوزيب بوريل على شراكتك في رئاسة الاتحاد وعلى جهودك الدؤوبة، وشكراً لك معالي الوزير خوسيه مانويل الباريس على طيب الاستضافة في برشلونه هذه المدينة الجميلة، الذي نستذكر اليوم وعد التعاون والسلام والأمل الذي حملته في العام ١٩٩٥، ونؤكد على ضرورة إحياء هذا الوعد، وفي صباح اليوم التالي ليوم المتوسط نؤكد أن المتوسط جسراً يجمعنا لا عائقاً يفرقنا.
شكرا لكم".
إلى ذلك، شارك الصفدي في الاجتماع الوزراي الثالث للاتحاد الأوروبي مع دول الجوار الجنوبي، الذي عُقد في برشلونة، في إطار "وثيقة سياسة الاتحاد الأوروبي تجاه الجوار الجنوبي"، والذي شارك فيه وزراء خارجية ومسؤولين من دول الاتحاد ودول الجوار الجنوبي، حيث أكّد الصفدي اعتزاز المملكة بالشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي وأهمية استمرار تفعيل وتحديث آليات سياسة الجوار الأوروبي لتواكب التطورات الإقليمية بهدف تضافر الجهود الأوروبية- المتوسطية لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة. وأعاد الصفدي التأكيد على مواقف المملكة إزاء التطورات الإقليمية، وضرورة حل الأزمات، مركزاً على ضرورة إيجاد أفق سياسي لحل القضية الفلسطينية على أساس حل الدولتين، مشدداً أيضاً على ضرورة استمرار الدعم الدولي للاجئين. وأشار الصفدي إلى جهود المملكة في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي بالرغم من التحديات العديدة التي تواجهها، والسعي إلى تحسين الفرص وخلق الوظائف، والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات الشاملة وفي مقدمها السياسية والاقتصادية.
الدستور