السلطة في 2021.. عام حافل بالإخفاقات و"الفساد"
جو 24 :
يطوي الفلسطينيون صفحة عام 2021، مثقلين بسلسلة طويلة من الأزمات التي أخفقت السلطة في وضع حلول لها بل وتسببت في العديد منها، إلى جانب صدور تقارير رقابية رسمية أثبتت تورط مؤسساتها ومسؤوليها بالفساد.
ومن أبرز ما شهده العام 2021 تعطيل الرئيس محمود عباس لمرسوم أصدره لإجراء انتخابات عامة، وتزايد استيطاني غير مسبوق ومصادرة لأراضي المواطنين في الضفة الغربية والقدس المحتلتين، فضلاً عن استمرار عقوبات جماعية تفرضها السلطة على غزة منذ عام 2017.
"صفا" رصدت أبرز الملفات التي فشلت السلطة في التعامل مها خلال العام 2021:
الانتخابات
مع بداية عام 2021، استبشر الفلسطينيون خيرًا بإصدار الرئيس محمود عباس مرسوما بإجراء الانتخابات العامة؛ بسبب تعطشهم لممارسة حقهم الديمقراطي الذي حرموا منه منذ 15 عاماً، وأملاً بإنهاء الانقسام الذي ترك آثارًا مدمرة على القضية الفلسطينية.
ووفق المرسوم الرئاسي، كان من المقرر أن تجرى الانتخابات على 3 مراحل، تبدأ بتشريعية في 22مايو/ أيار، ثم رئاسية في 31 يوليو/ تموز، وأخيرا انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب.
ومضت الإجراءات المتعلقة بتلك الانتخابات وسلمت عشرات القوائم طلبات ترشح للجنة الانتخابات المركزية، لكن الرئيس فاجأ الجميع بإلغائها قبل نحو 3 أسابيع من أول مواعيدها (الانتخابات التشريعية)، متذرعاً بمنع "إسرائيل" إجراؤها بـ"القدس الشرقية".
واعتبر مراقبون في أحاديث سابقة مع "صفا" أن شعور الرئيس "بخسارة تمثيل الشعب الفلسطيني" هو ما دفعه لإلغاء تلك الانتخابات، لا سيما أن حركة فتح التي يقودها عباس شهدت انقسامات وقوائم منفصلة؛ ما أثار مخاوف عميقة لديه من تشتت أصوات الحركة وخسارة السلطة.
ورفضت معظم القوى الوطنية والقوائم الانتخابات، آنذاك ذرائع السلطة وحركة فتح بإلغاء الانتخابات واعتبروها "حجج غير مقنعة".
استيطان متزايد بالضفة والقدس وحصار مستمر بغزة
وبينما تُركت غزة في وجه غول الحصار للعام الخامس عشر على التوالي الذي أثر بشكل كارثي على جميع مناحي الحياة بالقطاع، اعتبر عام 2021 الأسوأ والأصعب فيما يتعلق بالاستيطان وتوسيع المستوطنات بالضفة الغربية والقدس المحتلتين.
ففي الضفة أقدم الاحتلال على توسيع 50 مستوطنة، وإضافة 15 بؤرة استيطانية جديدة، وكانت سلفيت ونابلس ورام الله أكثر المحافظات التي شهدت تكثيفًا للاستيطان خلال هذا العام، بحسب الخبير في شؤون الاستيطان، مدير مركز أبحاث الأراضي جمال العملة.
وخلال 2021 أيضا، أعلنت حكومة الاحتلال عن 100 مخطط استيطاني لخدمة حوالي 53 مستوطنة في مناطق الضفة، كما جرى مصادرة حوالي 10 آلاف دونم لصالح الاستيطان.
وبالنسبة للقدس، صرفت "إسرائيل" 3.5 مليار دولار على الاستيطان والتهويد في المدينة المحتلّة خلال العام 2021، وصادرت 14 ألف و800 دونم من أراضيها، وفق الباحث في شؤون القدس فخري أبو دياب.
ويعتبر العام 2021 من أسوأ وأشد الأعوام شراسة وعنفًا في زيادة اعتداءات المستوطنين، وشهدت زيادة عن الأعوام السابقة إذ بلغت حوالي 160%، بالإضافة إلى ارتفاع الاعتداءات الجسدية بحجة القتل، بحسب مسؤول ملف الاستيطان شمال الضفة غسان دغلس.
ورغم تلك الانتهاكات والاعتداءات غير المسبوقة، إلا أن السلطة ذهبت إلى مزيد من التنسيق الأمني مع الاحتلال في الضفة، متجاهلة دعوة غالبية القوى الوطنية إلى وقفه.
أزمة مالية ورواتب مقتطعة
تفاقمت الأزمة المالية لدى السلطة خلال 2021؛ جراء اقتطاع "إسرائيل" جزء من أموال الضرائب الفلسطينية والتي أصبحت تزيد عن 200 مليون شيقل شهريا.
وصرفت السلطة رواتب موظفيها عن شهر نوفمبر الماضي بنسبة 75% وبحد أدناه 1650 شيقل.
وتتوقع السلطة الفلسطينية عجزًا بقيمة مليار دولار في نهاية العام الجاري؛ استنادًا إلى معطيات رسمية.
ومؤخرًا قدرت الحكومة برئاسة محمد اشتية إجمالي نفقاتها للعام 2021 بنحو 5.6 مليار دولار، مقابل إيرادات بنحو 4.6 مليار دولار
إجراءات عقابية متواصلة على غزة
أولا: استمرار قطع رواتب الأسرى والشهداء والجرحى
واصلت السلطة خلال 2021 قطع رواتب 450 أسيرًا محررًا من مختلف الفصائل والقوى الوطنية، بالإضافة لنحو 200 أسير داخل سجون الاحتلال، وجميعهم من قطاع غزة.
وإلى جانب الأسرى، واصلت السلطة أيضا قطع رواتب مئات ذوي الشهداء والجرحى في القطاع، حيث بدأت بتلك السياسة منذ يناير/ كانون ثاني 2019.
ونظم أهالي الأسرى المحررين وعوائل الأسرى في سجون الاحتلال العديد من الوقفات والاعتصامات الاحتجاجية أمام مقر الصليب الأحمر بغزة، للمطالبة بإعادة صرف رواتبهم.
ثانيا: مستحقات الشؤون الاجتماعية
مرّ عام 2021 ثقيلا على العائلات المستفيدة من مخصصات التنمية الاجتماعية البالغ عددها حوالي 75 ألف أسرة بغزة و35 ألف بالضفة؛ إذ لم تصرف لهم وزارة التنمية خلال العام كله سوى جزء من دفعة واحدة بقيمة 750 شيكلا من أصل أربع دفعات تصل قيمة الواحدة منها إلى 1800 شيكل.
وتذرعت "التنمية" بعدم دفع الاتحاد الأوروبي للجزء المتعلق به بميزانية الملف البالغ قيمته 40 مليون يورو، فيما قال الأخير إنه أبلغ السلطة الفلسطينية منذ مطلع 2021 أنه يواجه مشكلات بـ"إعادة برمجة المساعدات" وإقرار الميزانية الخاصة بفلسطين.
ثالثا: تفريغات 2005
إلى جانب أزمة مخصصات الشؤون، لم يشهد 2021 حلا لقضية موظفي "تفريغات 2005"، رغم تلقيهم وعودا متكررة من قيادات بالسلطة وحركة فتح، خاصة خلال فترة التحضير للانتخابات الملغاة.
ونظم هؤلاء الموظفين البالغ عددهم 8 آلاف موظف في قطاع غزة، احتجاجات واعتصامات، طالبوا بتعيينهم موظفين رسميين وصرف رواتبهم وعلاواتهم بشكل طبيعي، مشتكين من "تمييز عنصري" تمارسه السلطة بحقهم، واتهموها بعدم معاملتهم كزملائهم في الضفة المحتلة.
وعينت السلطة موظفي التفريغات بين أعوام 2005-2007 (قبل الانتخابات التشريعية وبعدها)، وأدرجتهم بموازنة الطوارئ التابعة لوزارة التنمية، ويصرف لهم 1500 شيكل مقطوعة شهريًا، تخصم منها 170 شيكلا نظير استهلاك الكهرباء.
رابعا: تجميد حسابات الأيتام للعام الثالث تواليا
وعانى أيتام غزة خلال 2021 من استمرار حرمانهم من حقوقهم للعام الثالث تواليا؛ بسبب إغلاق الحسابات البنكية ومنافذ الدعم المخصصة لمساعدتهم، التي طالت نحو 17 ألف يتيم.
ومنعت السلطة الفلسطينية الحوالات المالية الخاصة بالأيتام عن دخول غزة منذ 2019 وضيقت الخناق على المؤسسات الخيرية ضمن العقوبات التي فرضتها آنذاك على القطاع.
خامسا: انخفاض التحويلات الطبية لمرضى غزة
وشهد 2021 أيضا انخفاض المعدل الشهري للتحويلات الطبية لمرضى قطاع غزة، من أجل علاجهم بالخارج، بحسب تقارير طبية وحقوقية.
ووفق إحصائية لمنظمة الصحة العالمية، انخفض المعدل الشهري للتحويلات الطبية الصادرة عن وزارة الصحة لمرضى غزة إلى ما متوسطه (1670) تحويلة شهرياً في الفترة الممتدة من يناير حتى يوليو 2021، وبالمقارنة مع متوسط التحويلات الطبية للعلاج خارج المستشفيات الحكومية خلال عام 2019، والتي بلغ متوسطها (2790) تحويلة شهرياً.
وفي 12 أكتوبر الماضي، قال مركز الميزان لحقوق الإنسان، إنه وجه رسالة إلى وزيرة الصحة مي كيلة، طالب من خلالها بتوضيح الأسباب والعوامل التي أدت إلى الانخفاض في أعداد التحويلات الطبية لمرضى غزة.
تقرير ديوان الرقابة
في أكتوبر 2021 أصدر ديوان الرقابة المالية والإدارية، الذي يكشف عن وجود تجاوزات وخروقات خطيرة في العديد من الملفات والقضايا التي تهم أبناء الشعب الفلسطيني.
وتضمن التقرير الكشف عن تجاوزات خطيرة وقضايا فساد في عدة ملفات منها الحج، وتحديدًا إجراءات القرعة العلنية لاختيار المشاركين، والتحويلات الطبية، وصندوق "وقفة عز"، وعمل "اللجنة الوطنية عاصمة دائمة للثقافة العربية"، بالإضافة إلى تجاوزات لدى وزارة المالية الفلسطينية.
وكشف التقرير عن تجاوزات خطيرة لدى وزارة الأوقاف والشـؤون الدينية خلال مـوسـم الـحـج 2019م/1440هـ، بعضها حرم مواطنين من أداء الفريضة، وأخرى حمّلت الحجاج تكاليفًا إضافية، كما تم إضافة أسماء بعض الفلسطينيين للقرعة قبل استيفاء تسديد الرسوم من قبلهم.
وأشار إلى أنه تم حذف أسماء بعض الفائزين في القرعة العلنية من السجلات النهائية، ولم يتم تسجيل بيانات عدد من المسجلين للحج ضمن القرعة، فيما تم تكرار أسماء بيانات المسجلين بشكل غير مبرر.
وبموضوع صندوق "وقفة عز"، كشف التقرير عن خروقات في اختيار المستفيدين من الصندوق الذي خصصته الحكومة لتوزيع مساعدات على الفئات التي تضررت في المرحلة الأولى من انتشار فيروس "كورونا" في الضفة الغربية المحتلة وقطاع وغزة، وأشرفت عليه وزارة العمل.
وأكد أن بعض المستفيدين من الصندوق تتجاوز رواتبهم 11 ألف شيقل، وبعضهم يعمل في البنوك الفلسطينية وتتجاوز رواتبهم 16 ألف شيقل، كما أن مستفيدين آخرين يعملون في شركات الاتصالات وتبلغ قيمة رواتبهم 8 آلاف شيقل، "في مخالفة واضحة لمعايير الصرف التي وضعتها الوزارة".
وأما بملف التحويلات الطبية، بيّن التقرير أنه تم منح الأولوية في التحويلات الطبية لمستشفى النجاح دون وجود أسباب واضحة، وذلك وفقًا للبند رقم 2 من الاتفاقية الموقعة مع المستشفى 25.2.2013، حيث بلغت نسبة التحويلات للمستشفى في الأعوام 2016/2017/2018 حوالي 18% من مجمل التحويلات.
وقال: "رغم قرار الرئيس محمود عباس بوقف التحويلات الطبية للمستشفيات الإسرائيلية، في آذار/ مارس 2019، إلا أنه تم إصدار 3826 تحويلة حتى تاريخ 31.12.2019، دون أسباب واضحة تفسر سبب إصدار التحويلات".
كما كشف التقرير عن مخالفات وتجاوزات لدى وزارة المالية، مشيرًا إلى أن هناك تجاوزًا في مخصص المكافآت المرصود في قانون الموازنة للعامين 2016 و2017، من خلال صرف مكافآت لموظفين مركز مسؤولية وزارة المالية، وتحميل قيمة صرفها على بند موازنة الرواتب والأجور، بما يشكل مخالفة للقانون، حيث لا تعتبر المكافآت جزءًا راتب الموظف.
وأظهر التقرير، وجود حسابات وإيرادات صفرية بنكية تم كشفها دون اتخاذ وزارة المالية الإجراءات اللازمة لمعالجة الموضوع حسب الأصول، خلافًا لأحكام المادة 33 من قانون الدين العام، وأحكام المادة 130 من النظام المالي للمؤسسات العامة.