مسدسات "ذكية" تدخل الأسواق الأميركية هذا العام
جو 24 :
تدخل مسدسات "ذكية" مصممة لتحديد من يمكنه الضغط على الزناد، سوق الأسلحة الأميركية المزدهرة هذا العام، بهدف الحد من ضحايا الأسلحة النارية، فيما يواجه المشرعون الفدراليون طريقاً مسدوداً داخل البلاد بشأن تنظيم حمل السلاح.
وتثير فائدة هذه التكنولوجيا ومدى موثوقيتها، بالإضافة إلى المعارك السياسية حول تنظيم حمل الأسلحة النارية، جدلاً منذ عقود، لكن مؤيّديها يقولون إنها فرصة لمنع الأطفال والمجرمين والأشخاص الذين لديهم ميول لإيذاء النفس، من الضغط على الزناد.
وقال كبير المستشارين ومدير السياسات في مجموعة "جيفوردز" لمكافحة انتشار الأسلحة، آدم سكاجز: "لا يمكنني معرفة ما إذا كانت (المسدسات الذكية) ستصبح إيجابية أم سلبية، أم أنها ستواجه الفشل نفسه الذي منيت به الأسلحة الذكية الأخرى في الماضي".
نظام خاص بالشرطة
ويستخدم النظام الذي تقدمه شركة "سمارت جانز" التي يملكها رائد الأعمال توم هولاند، رقائق "رفيد" (بطاقات تحديد الترددات اللاسلكية)، على غرار الشارات التي يستخدمها كثر في سياراتهم لدفع الرسوم الإلكترونية، والمثبتة داخل حلقات.
وعندما يمسك صاحب السلاح مسدسه بيده التي يضع فيها حلقة متصلة، تفتح آلية أمان، ما يمكّنه من إطلاق النار.
وصممت شركة هولاند هذه التكنولوجيا خصوصاً للشرطة الذين يخشون من أن يستولي مشتبه به على مسدساتهم أثناء القبض عليه، والأهالي الذين يخشون من أن يعثر أطفالهم على أسلحتهم النارية ويستخدموها.
وأضاف هولاند أن "الأمر يتعلق فقط بسلامة السلاح. بالنسبة إلى المشترين الذين يريدون سلاحاً أكثر أماناً.. يمكنهم الحصول على هذه الأسلحة الذكية، إذا كانوا يشعرون بحاجة ماسة إلى حماية أنفسهم".
ويتوقع هولاند أن يبدأ بيع مسدساته، التي قال إنها قيد التجربة من قبل الشرطة في أنحاء الولايات المتحدة، للمدنيين بحلول أبريل أو مايو.
"مجتمع المُسلّحين"
ويعيش نحو 40% من الأميركيين البالغين في منزل فيه أسلحة، وفقاً لمركز بيو للبحوث. كما سجّلت مبيعات الأسلحة النارية رقماً قياسياً في عام 2020 مع بيع نحو 23 مليون قطعة، وفق مجموعة "Small Arms Analytics & Forecasting" للاستشارات.
وساهمت جائحة كوفيد-19 والاحتجاجات ضد التمييز العنصري في ارتفاع حاد في جرائم القتل عام 2020، مع بقاء معدلاتها دون الذروة في التسعينات.
كما أن حوادث إطلاق النار في المدارس وفي الأماكن العامة جذبت الانتباه إلى الموضوع بقوة، لكن أكثر من نصف عدد ضحايا الأسلحة النارية الذي يبلغ نحو 40 ألفاً سنوياً، حالات انتحار.
وقالت جينجر تشاندلر المؤسسة المشاركة لشركة "لودستار ووركس" لصناعة الأسلحة الذكية، إن نظام المصادقة بمثابة حاجز مادي ضد الحوادث وحالات الانتحار والجرائم، لكنه أيضاً حاجز نفسي.
وأوضحت: "في لحظة توتر، يلتقط الشخص المخوّل السلاح الناري، لكن عليه القيام بهذه الخطوة الإضافية التي تمنحه وقتاً ليفكر، هل أريد فعلاً القيام بذلك؟".
وتطور شركتها مسدساً من عيار 9 مليمترات سيكون متاحاً في السوق بحلول عام 2023، يمكن تفعيله بثلاث طرق: عبر تطبيق يحمّل على الهاتف، أو باستخدام رمز سري أو عن طريق مستشعر بصمة الإصبع.
"سلاح ذكي.. لكنه فتاك"
في عام 2000، اتفقت شركة "سميث أند ويسون"، المصنعة للأسلحة النارية مع إدارة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، على إجراء إصلاحات للحد من عنف السلاح، شملت تطوير أسلحة ذكية، لكن المشروع لم يرَ النور بعد تدخل عنيف من لوبي حقوق السلاح النافذ في أميركا.
وفي عام 2002، أثار قانون لولاية نيو جيرزي كان من شأنه حظر المسدسات التي لا تتمتع بنظام مصادقة المستخدم، ضجة كبيرة وقد أعيدت صياغته في عام 2019، لمطالبة متاجر الأسلحة في الولاية ببيع الأسلحة الذكية بمجرد أن تصبح متاحة تجارياً.
كما أن الضربة التي تلقتها الشركة الألمانية "أرماتيكس" التي طورت مسدساً ذكياً، أثرت سلباً على هذه التقنية. ففي عام 2017، تمكن أحد المقرصنين من اختراق نظام الأمن باستخدام مغناطيس.
وفيما يلقى مفهوم السلاح الذكي دعماً من أصحاب فكرة تنظيم حمل الأسلحة، أشار بعض الخبراء إلى أنه يبقى رغم ذلك سلاحاً فتاكاً.
وقال دانيال ويبستر مدير مركز جونز هوبكنز لسياسة وبحوث السلاح، في بيان، إن "فكرة السلاح الذكي برمّتها تتجاهل الطريقة الأكثر شيوعاً التي تستخدم فيها الأسلحة للقتل في الولايات المتحدة، انتحار الشخص الذي اشتراها".
غير أن هذه التكنولوجيا لها جاذبية، خصوصاً أن الاستقطاب السياسي، فيما يبدو، يضمن عدم وجود قيود فدرالية جديدة على الأسلحة في المستقبل القريب.
وقال جاريث جلايزر المؤسس المشارك لـ"لودستار"، إن الشركة حاولت تجنّب الانزلاق في الجدل السياسي حول الأسلحة مضيفاً "إنه حل بديل. نفضل أن تبقى الحكومة بعيدة عن هذا الموضوع وأن تسمح للمستهلك بالاختيار".